حديث ذاك يوم قام فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال

أحاديث نبوية | تفسير الطبري | حديث عكرمة مولى ابن عباس

«سألتُ عكرمةَ مولى ابنِ عباسٍ عن قولِهِ : ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ? قال : ذاك يومٌ قام فيهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقال : لا تسألوني عن شيٍء إلا أخبرتكم بهِ ، قال : فقام رجلٌ ، فكرِهَ المسلمونَ مقامَهُ يومئذٍ ، فقال : يا رسولَ اللهِ ! من أبي ؟ قال : أبوكَ حذافةُ ، قال : فنزلت هذهِ الآيةُ»

تفسير الطبري
عكرمة مولى ابن عباس
ابن جرير الطبري
صحيح

تفسير الطبري - رقم الحديث أو الصفحة: 5/1/106 -

شرح حديث سألت عكرمة مولى ابن عباس عن قوله يا أيها الذين آمنوا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ علَى المِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وذَكَرَ أنَّ بيْنَ يَدَيْهَا أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قالَ: مَن أحَبَّ أنْ يَسْأَلَ عن شيءٍ فَلْيَسْأَلْ عنْه، فَوَاللَّهِ لا تَسْأَلُونِي عن شيءٍ إلَّا أخْبَرْتُكُمْ به ما دُمْتُ في مَقَامِي هذا، قالَ أنَسٌ: فأكْثَرَ النَّاسُ البُكَاءَ، وأَكْثَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَقُولَ: سَلُونِي، فَقالَ أنَسٌ: فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقالَ: أيْنَ مَدْخَلِي يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: النَّارُ، فَقَامَ عبدُ اللَّهِ بنُ حُذَافَةَ فَقالَ: مَن أبِي يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أبُوكَ حُذَافَةُ، قالَ: ثُمَّ أكْثَرَ أنْ يَقُولَ: سَلُونِي سَلُونِي، فَبَرَكَ عُمَرُ علَى رُكْبَتَيْهِ فَقالَ: رَضِينَا باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلَامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَسولًا، قالَ: فَسَكَتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ قالَ عُمَرُ ذلكَ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ والنَّارُ آنِفًا، في عُرْضِ هذا الحَائِطِ، وأَنَا أُصَلِّي، فَلَمْ أرَ كَاليَومِ في الخَيْرِ والشَّرِّ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7294 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثيرًا ما يُذكِّرُ أصحابَه رِضوانُ اللهُ عليهم، ويَعِظُهم بما يَنفَعُهم وبما يُناسِبُ أحوالَهم، وكانَ أيضًا يُحذِّرُهم من كثرةِ السُّؤالِ فيما لا حاجَةَ لهُم فيه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ حينَ زاغَتِ الشَّمسُ، أي: مالَت عَن وسَطِ السَّماءِ، فصَلَّى الظُّهرَ في أوَّلِ وقتِها، ثُمَّ قامَ على المِنبَرِ، قيلَ: فَعَلَ ذلك لِما بَلَغَه أنَّ قومًا منَ المُنافِقين يَنالون منه ويُعجِّزونه عن بعضِ ما يَسألونَه، فذَكَرَ السَّاعةَ، أي: ما يَتعلَّقُ بها من عَلاماتِها وأشراطِها وما يَحدُثُ قبلَها من أُمورٍ عَظيمةٍ، ثُمَّ لمَّا أنهَى كلامَه عنِ السَّاعةِ قالَ للحاضِرين: مَن أحبَّ أن يَسألَ عن شَيءٍ، فَليَسأل عنه، ثُمَّ أقسَمَ باللهِ أنَّهم لا يَسألونَه عن شَيءٍ إلَّا أخبَرَهم به ما دامَ في مَقامِه هذا على المِنبَرِ وفي هذا الوقتِ، فَأكثرَ النَّاسُ البكاءَ، وكان بُكاؤُهم خوفًا من نُزولِ عَذابٍ لِغَضَبِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما كانَ يَنزِلُ على الأُممِ عندَ ردِّهم على أنبيائهم عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، أو أنَّهم بَكَوا خوفًا ممَّا سَمِعوه من أهوالِ يومِ القيامةِ.
فَأكثرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من قولِه لهمُ: اسألُوني، فقامَ إليه رجلٌ فسألَه: أينَ أكونُ وأُدخَلُ يومَ القيامةِ؟ فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: في الَّنارِ، وهذا سؤالٌ أهلَكَ صاحِبَه؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَه بذلك وكلامُه وحيٌ، ولم يُذكَرِ اسمُ هذا الرَّجلِ، وقيلَ: كأنَّه أُبهِمَ عَمدًا للسَّترِ عليه.
ثُمَّ قامَ عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ رَضيَ اللهُ عنه، وسألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقالَ: مَن أبي يا رسولَ اللهِ؟ وقد كانَ يُطعَنُ في نَسبِه، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أبُوك حُذافةُ، فنَسَبَه إلى أبيه الذي يُعرَفُ به بين الَّناسِ، وهذا السُّؤالُ كانَ يُمكِنُ أن يَتسبَّبَ في فَضيحةٍ للسَّائلِ وأهلِه لو كانَ ابنَ زِنًا، ولذلك جاءَ في روايةِ مُسلمٍ أنَّ أُمَّ عبدِ اللهِ بنِ حُذافةَ لامَتِ ابنَها على هذا السُّؤالِ، وقالت: «ما سَمِعتُ بابْنٍ قطُّ أعَقَّ منك؟ أأمِنتَ أنْ تَكونَ أمُّك قد قارَفَتْ بعضَ ما تُقارِفُ نِساءُ أهلِ الجاهليَّةِ، فتَفضَحَها على أعيُنِ النَّاسِ؟! قالَ عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ: واللهِ لو ألحَقَني بعبدٍ أسوَدَ لَلَحِقتُه»، وهذا الإخبارُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ وحيًا؛ فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَعلَمُ ما يُسألُ عنه منَ المُغيَّباتِ إلَّا بإعلامِ اللهِ تَعالَى.
ثُمَّ أكثَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من قولِه: «سَلُوني سَلُوني»، كأنَّه قالَ لهُم: سَلُوني عمَّا شِئتُم فسَوفَ أُجيبُكم عمَّا تَسألونَ عنه، ولكن ليسَ هذا من مَصلحتِكم، وهذا يَدُلُّ على أنَّه لمَّا أكثَرَ عليه النَّاسُ السُّؤالَ غَضِبَ لِتَعنُّتِهم في السَّؤالِ وتَكلُّفِهم ما لا حاجَةَ لهُم به؛ لأنَّ منَ العَبثِ السُّؤالَ الذي لا فائدةَ فيه، ولأنَّهم كانوا يَسألونَه عن بعضِ المُغيَّباتِ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُبعَث لذلك، وإنَّما بُعِثَ لبيانِ الشَّرعيَّاتِ منَ العَقائدِ والأحكامِ.
فلمَّا رأى عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه ذلك بَرَكَ على رُكبتَيه، تَأدُّبًا وإكرامًا لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وشَفَقةً على المُسلِمينَ، وإظهارًا للخُشوعِ والتَّذلُّلِ لله للخَلاصِ من غَضَبِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ: «رَضِينا بِاللَّهِ رَبًّا»، أي: رَضينا بتَدبيرِه وقَضائه لنا، واتَّخذَناه دونَ ما سِواه إلَهَنا ومَعبودَنا، ورَضينا بالإسلامِ دينًا من بينِ سائرِ الأديانِ، فدخَلنا فيه راضين مُستسلِمين، ولم نَبتغِ غيرَ الإسلامِ دينًا، ورَضينا بِمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَسولًا، فرَضينا بجَميعِ ما جاءَ به من عندِ اللهِ تَعالَى، وقبِلَنا ذلك بالتَّسليمِ والانشراحِ؛ فصدَّقناه فيما أخبَرَ، وأطَعناه فيما أمَرَ، واجتنَبنا ما نَهَى عنه وزَجَرَ، وأحبَبناه واتَّبعناه، لمَّا عَلِمَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه غَضَبَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، طَلَبَ منه العَفوَ عنِ النَّاسِ، فلمَّا سَمِعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه سَكَتَ، ثُمَّ أقسَمَ باللهِ مالِكِ نفسِه ومُدبِّرِها، أنَّه رأى الجَنَّةَ والنَّارَ نَاحيةَ الحائطِ وهو يُصلِّي، وذلك بأن تَكُونَا رُفِعَتا إليه، أو زُويَ له ما بينهما أو مُثِّلَا له، فلم يَرَ قَطُّ مِثلَ هذا الخيرِ الَّذي هو الجَنَّةُ، وهذا الشَّرِّ الَّذي هو النَّارُ، أو: مَا أبصَرَ شيئًا مِثلَ الطَّاعةِ والمعصيةِ في سَببِ دُخولِ الجَنَّةِ والنَّارِ.
وفي الحديثِ: المُحافَظةُ على الصَّلاةِ في أوَّلِ وقتِها.
وفيه: بيانُ مَغَبَّةِ وخُطورةِ التَّنطُّعِ والاسترسالِ في الأسئلةِ التي لا طائلَ منها.
وفيه: بيانُ مَنقَبةٍ لعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: أنَّ المُسلِمَ يُسلِّمُ أمرَه للهِ، وذلك من كمالِ الإيمانِ باللهِ ورسولِه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
تفسير الطبريسألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أكثروا عليه فقام مغضبا خطيبا
تفسير الطبريقوله يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم
عارضة الأحوذيأن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
عارضة الأحوذيكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما
عارضة الأحوذيرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم قعد قعدة لا
عارضة الأحوذيإذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغوت
عارضة الأحوذيأن النبي عليه السلام كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة الم
عارضة الأحوذيمن توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدنا واستمع وأنصت غفر له ما
عارضة الأحوذياللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها
عارضة الأحوذيعن النبي عليه السلام أنه كان إذا استيقظ يشوص فاه بالسواك
عارضة الأحوذيكان النبي عليه السلام يأتينا فيقول ما عندكم من غداء فإن قلنا نعم
عارضة الأحوذيمن ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ومن


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, June 2, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب