أنَّ أميرَ مَكَّةَ خطبَ ، ثمَّ قالَ : عَهِدَ إلينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أن ننسُكَ للرُّؤيةِ ، فإن لم نرَهُ ، وشَهِدَ شاهدا عَدلٍ نسَكْنا بشَهادتِهِما ، فسَأَلتُ الحُسَيْنَ بنَ الحارثِ من أميرُ مَكَّةَ ، قالَ : لا أدري ، ثمَّ لقيَني بعدُ ، فقالَ : هوَ الحارثُ بنُ حاطبٍ أخو محمَّدِ بنِ حاطبٍ ، ثمَّ قالَ الأميرُ : إنَّ فيكُم من هوَ أعلمُ باللَّهِ ورسولِهِ منِّي ، وشَهِدَ هذا من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، وأومأَ بيدِهِ إلى رجلٍ ، قالَ الحُسَيْنُ : فقُلتُ لشيخٍ إلى جَنبي مَن هذا الَّذي أومأَ إليهِ الأميرُ ؟ قالَ : هذا عبدُ اللَّهِ بنُ عمرَ ، وصدَقَ كانَ أعلمَ باللَّهِ منهُ ، فقالَ : بذلِكَ أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ
الراوي : حسين بن الحارث الجدلي | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2338 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
جَعَل
اللهُ عزَّ وجلَّ رُؤيةَ الهلالِ إيذانًا ببدايةِ كلِّ شَهْرٍ ومِيقاتًا للنَّاسِ؛ حيثُ تَترتَّبُ على تِلْك الرُّؤيةِ نُسُكٌ ومَشاعرُ وفَرائضُ جليلةٌ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ حسينُ بنُ الحارِثِ الجَدَليُّ: "إنَّ أميرَ مَكَّةَ خَطَبَ"،
أي: النَّاسَ، وكان الأميرُ هو الحارِثَ بنَ حاطِبٍ، وكان أميرًا لِمَرْوانَ بنِ الحَكَمِ، قال الحارثُ في خُطْبتِه: "عَهِدَ إلينا"،
أي: أَمَرَنا وأَوْصانا رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم: "أنْ نَنْسُكَ للرُّؤيةِ"،
أي: نبدأَ النُّسُكَ وهي أعمالُ الحَجِّ عِنْدَ رُؤيةِ الهلالِ، "فإنْ لَمْ نَرَهُ"،
أي: فإنْ لَمْ يَظْهَرِ الهلالُ ولَمْ يَتَبيَّنْ، "وشَهِدَ شاهِدا عَدْلٍ"،
أي: وشَهِدَ رجُلانِ يُشْتَرطُ فيهما العدالةُ على أنَّهما رَأَيا الهلالَ، "نَسَكْنا"،
أي: بَدَأْنا نُسُكَنا، "بشَهادَتِهما"،
أي: بشهادةِ الرَّجُلينِ.
قال أبو مالكٍ الأَشْجَعيُّ: فسألتُ الحسينَ بنَ الحارِثِ: "مَنْ أَميرُ مَكَّةَ؟"، فقال الحُسَينُ: "لا أَدْري"،
أي: لا أَعْلَمُ مَنْ هو، قال أبو مالكٍ: "ثُمَّ لَقِيَني بَعْدُ"،
أي: قابَلَه الحُسَينُ بَعْدَ مُدَّةٍ مِن الزَّمنِ، فقال الحسينُ: "هو"،
أي: أَميرُ مَكَّةَ، "الحارثُ بنُ حاطِبٍ أخو مُحمَّدِ بنِ حاطِبٍ"، قال الحسينُ: "ثُمَّ قال الأميرُ"،
أي: في خُطْبتِه: "إنَّ فيكُمْ مَنْ هو أَعْلَمُ ب
اللهِ ورسولِه مِنِّي"؛ وذلك لطولِ صُحْبتِه مع النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم؛ وذلك أنَّ الحارِثَ كان صغيرًا في مُصاحَبَةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم حتَّى عَدَّه البعضُ من كبارِ التَّابعينَ، "وشَهِدَ هذا مِن رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم"،
أي: وسَمِعَ وعاصَرَ فِعْلَ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم في هذا الشَّأنِ، "وأَوْمأ"،
أي: وأَشارَ "بيدِهِ إلى رَجُلٍ"،
أي: رَجُلٍ مِن الجالِسينَ مَعَهُم.
قال الحسينُ: "فقلتُ لشيخٍ"،
أي: كبيرِ السِّنِّ، "إلى جَنْبي: مَنْ هذا الذي أَوْمأ إليهِ الأَميرُ"،
أي: مَنْ هذا الرَّجُلُ الَّذي أَشار إليه الأميرُ، قال الشَّيخُ: "هذا عبدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ"، قال الحسينُ: "وصَدَقَ؛ كان أَعْلَمَ ب
اللهِ مِنْهُ"،
أي: الأميرُ في زَعْمِهِ أنَّ عبدَ
اللهِ بنَ عُمَرَ أَعْلمُ بأمورِ الدِّينِ منه، فقال عبدُ
اللهِ بنُ عُمَرَ: "بذلِكَ أَمَرَنا رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم"،
أي: أَمَرنا إذا لَمْ نَرَ الهلالَ وشَهِدَ رَجُلانِ ذَوَا عَدلٍ على رؤيتِه، فإنَّهُ تُقْبَلُ شهادتُهما ويَبدأُ الشَّهرُ.
وفي الحَديثِ: فضلُ العِلْمِ ومكانةُ العلماءِ.
وفيه: الرُّجوعُ إلى أَهْلِ العِلْمِ حالَ السُّؤالِ والفَتْوى.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم