حديث أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فذكر الحديث

أحاديث نبوية | التوحيد لابن خزيمة | حديث أبو هريرة

«أنَّ النَّاسَ قالوا يا رسولَ اللَّهِ هل نرى ربَّنا يومَ القيامةِ فذَكرَ الحديثَ بطولِه وقالَ حتَّى إذا أرادَ رحمةَ من أرادَ من أَهلِ النَّارِ أمرَ الملائِكةَ أن يُخرِجوا من كانَ يعبدُ اللَّهَ فيخرجونَهم ويعرفونَهم بآثارِ السُّجودِ وحرَّمَ اللَّهُ على النَّارِ أن تأكلَ أثرَ السُّجودِ فيخرجونَ منَ النَّارِ وقدِ امتَحشوا فيُصَبُّ عليهم ماءُ الحياةِ فينبتونَ كما تَنبتُ الحبَّةُ في حميلِ السَّيلِ ثمَّ يفرُغُ اللَّهُ منَ القضاءِ بينَ العبادِ ويبقى رجلٌ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ وهوَ آخرُ أَهلِ الجنَّةِ دخولًا»

التوحيد لابن خزيمة
أبو هريرة
ابن خزيمة
[أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح]

التوحيد لابن خزيمة - رقم الحديث أو الصفحة: 682/2 -

شرح حديث أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فذكر


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ النَّاسَ قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ هلْ نَرَى رَبَّنَا يَومَ القِيَامَةِ؟ قالَ: هلْ تُمَارُونَ في القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ليسَ دُونَهُ سَحَابٌ قالوا: لا يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فَهلْ تُمَارُونَ في الشَّمْسِ ليسَ دُونَهَا سَحَابٌ قالوا: لَا، قالَ: فإنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذلكَ، يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ القِيَامَةِ، فيَقولُ: مَن كانَ يَعْبُدُ شيئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَن يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، ومِنْهُمْ مَن يَتَّبِعُ القَمَرَ، ومِنْهُمْ مَن يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وتَبْقَى هذِه الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فيَقولُ: أنَا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ هذا مَكَانُنَا حتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فيَقولُ: أنَا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ: أنْتَ رَبُّنَا، فَيَدْعُوهُمْ فيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فأكُونُ أوَّلَ مَن يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بأُمَّتِهِ، ولَا يَتَكَلَّمُ يَومَئذٍ أحَدٌ إلَّا الرُّسُلُ، وكَلَامُ الرُّسُلِ يَومَئذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وفي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قالوا: نَعَمْ، قالَ: فإنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غيرَ أنَّه لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إلَّا اللَّهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بأَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَن يُوبَقُ بعَمَلِهِ، ومِنْهُمْ مَن يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حتَّى إذَا أرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَن أرَادَ مِن أهْلِ النَّارِ، أمَرَ اللَّهُ المَلَائِكَةَ: أنْ يُخْرِجُوا مَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فيُخْرِجُونَهُمْ ويَعْرِفُونَهُمْ بآثَارِ السُّجُودِ، وحَرَّمَ اللَّهُ علَى النَّارِ أنْ تَأْكُلَ أثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إلَّا أثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، قَدِ امْتَحَشُوا فيُصَبُّ عليهم مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بيْنَ العِبَادِ ويَبْقَى رَجُلٌ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ وهو آخِرُ أهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ مُقْبِلٌ بوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ، فيَقولُ: يا رَبِّ اصْرِفْ وجْهِي عَنِ النَّارِ، قدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فيَقولُ: هلْ عَسَيْتَ إنْ فُعِلَ ذلكَ بكَ أنْ تَسْأَلَ غيرَ ذلكَ؟ فيَقولُ: لا وعِزَّتِكَ، فيُعْطِي اللَّهَ ما يَشَاءُ مِن عَهْدٍ ومِيثَاقٍ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أقْبَلَ به علَى الجَنَّةِ، رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قالَ: يا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الجَنَّةِ، فيَقولُ اللَّهُ له: أليسَ قدْ أعْطَيْتَ العُهُودَ والمِيثَاقَ، أنْ لا تَسْأَلَ غيرَ الذي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فيَقولُ: يا رَبِّ لا أكُونُ أشْقَى خَلْقِكَ، فيَقولُ: فَما عَسَيْتَ إنْ أُعْطِيتَ ذلكَ أنْ لا تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فيَقولُ: لا وعِزَّتِكَ، لا أسْأَلُ غيرَ ذلكَ، فيُعْطِي رَبَّهُ ما شَاءَ مِن عَهْدٍ ومِيثَاقٍ، فيُقَدِّمُهُ إلى بَابِ الجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا، فَرَأَى زَهْرَتَهَا، وما فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ والسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَسْكُتَ، فيَقولُ: يا رَبِّ أدْخِلْنِي الجَنَّةَ، فيَقولُ اللَّهُ: ويْحَكَ يا ابْنَ آدَمَ، ما أغْدَرَكَ، أليسَ قدْ أعْطَيْتَ العُهُودَ والمِيثَاقَ، أنْ لا تَسْأَلَ غيرَ الذي أُعْطِيتَ؟ فيَقولُ: يا رَبِّ لا تَجْعَلْنِي أشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ منه، ثُمَّ يَأْذَنُ له في دُخُولِ الجَنَّةِ، فيَقولُ: تَمَنَّ، فَيَتَمَنَّى حتَّى إذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ، قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: مِن كَذَا وكَذَا، أقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ، حتَّى إذَا انْتَهَتْ به الأمَانِيُّ، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: لكَ ذلكَ ومِثْلُهُ معهُ قالَ أبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ لأبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قالَ اللَّهُ: لكَ ذلكَ وعَشَرَةُ أمْثَالِهِ، قالَ أبو هُرَيْرَةَ: لَمْ أحْفَظْ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا قَوْلَهُ: لكَ ذلكَ ومِثْلُهُ معهُ قالَ أبو سَعِيدٍ: إنِّي سَمِعْتُهُ يقولُ: ذلكَ لكَ وعَشَرَةُ أمْثَالِهِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 806 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



رُؤيةُ المُؤمنِينَ للهِ عزَّ وجلَّ يومَ القِيامةِ أعظَمُ نَعيمٍ للمُؤمنِينَ، وقدْ كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم مِن حِرصِهم يَشغَلُهم ذلك ويَسأَلون عنه النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّاسَ سَأَلوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هل نَرى ربَّنا يومَ القيامةِ؟ فرَدَّ عليهم ببَيانٍ واضحٍ لا يَترُكُ شُبهةً في رُؤيتِهم للهِ عزَّ وجلَّ يومَ القيامةِ، قائلًا: هل تَشكُّون في رُؤيةِ القمرِ لَيلةَ البَدرِ وليس في السَّماءِ سحَابٌ وغَيمٌ؟ فقالوا: لا يا رَسولَ اللهِ، فسَأَلَهم: فهلْ تَشكُّونَ في رُؤيةِ الشَّمسِ وليس في السَّماءِ سحَابٌ وغَيمٌ؟ قالوا: لا، فقال: فإنَّكم ترَوْنَ الله سُبحانَه وتعالَى كذلك بلا مِرْيةٍ ظاهرًا جَلِيًّا، وهذا مِن تَشبيهِ الرُّؤيةِ بالرُّؤيةِ، وليس تَشبيهًا للمرئيِّ بالمرئيِّ؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ليس كمِثلِه شيءٌ سُبحانَه.ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأصنافِ النَّاسِ، وحالِهم يومَ القِيامةِ؛ فكما أنَّ النَّاسَ مُختلِفون في عَقائدِهم في الدُّنيا، فكذلك يَختلِفُ حالُهم يومَ القِيامةِ، فيَقولُ اللهُ تعالى لهم: مَن كان يَعبُدُ شَيئًا فليَتَّبِعْ ما كان يَعبُدُه؛ فمنهم مَن يَتَّبِعُ الشَّمسَ، ومنهم مَن يَتَّبِعُ القمرَ، ومنهم مَن يَتَّبِعُ الطَّواغيتَ، والطَّواغيتُ جمعُ طاغوتٍ، وهو الشَّيطانُ أو الصَّنَمُ، أو كلُّ رَأسٍ في الضَّلالِ، أو كلُّ ما عُبِدَ مِن دونِ اللهِ وهو راضٍ، وصَدَّ عن عِبادةِ اللهِ، وتَبْقى الأُمَّةُ المُحمَّديَّةُ فيها مُنافِقوها، حيث إنَّ المُنافِقينَ يَستَتِرونَ بها يومئذٍ كما كانوا في الدُّنيا، واتَّبَعوهم لَمَّا انكشَفَتْ لهم الحقيقةُ؛ لعلَّهم يَنتفِعونَ بذلك، حتَّى { ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ } [ الحديد: 13 ]، ويُحتَملُ أنْ يَكونوا حُشِروا معهم لِما كانوا يُظهِرون مِن الإسلامِ، فحُفِظَ ذلك عليهم حتَّى ميَّزَ اللهُ الخبيثَ مِن الطَّيِّبِ.
فيَأتِيهم اللهُ عزَّ وجلَّ -وإتيانُه سُبحانه يكونُ على صِفةٍ تَليقُ بذاتِه مِن غيرِ تَأويلٍ، أو تَعطيلٍ، أو تَشبيهٍ- في غيرِ صِفتِه الَّتي يَعرِفونها؛ امتحانًا منه؛ لِيَقَعَ التَّمييزُ بيْنهم وبيْن غَيرِهم ممَّن يَعبُدُ غيرَه تَعالى، فيَقولُ: أنا رَبُّكم، فيَستعيذون باللهِ منه؛ وذلك لأنَّه لم يَظهَرْ لهم بالصِّفاتِ الَّتي يَعرِفونها، بلْ بما استأثَرَ بعِلمِه تَعالى؛ لأنَّ معهم مُنافِقين لا يَستحِقُّونَ الرُّؤيةَ، وهم مَمنوعون مِن رُؤيةِ ربِّهم، فيَقولون: هذا مكانُنا حتَّى يَظهَرَ لنا ربُّنا، فإذا ظَهَر ربُّنا عَرَفْناهُ، فيَظهَرُ لهم اللهُ عزَّ وجلَّ مُتجلِّيًا بصِفاتِه المعروفةِ عندهم، وقد تَميَّز المُؤمِنُ مِن المُنافِقِ، فيقولُ لهم: أنا ربُّكم، فإذا رأَوْا ذلك عَرَفوه به تعالى، فيقولونَ: أنت ربُّنا، فيَدْعوهم ربُّهم، فيُوضَعُ الصِّراطُ بيْن ظَهْرانَيْ جَهنَّمَ، أي: وَسطِها، أو يُوضَعُ عليها، والصِّراطُ: جِسرٌ مَمْدودٌ على مَتْنِ جَهَنَّمَ أدقُّ مِن الشَّعرِ وأحدُّ مِن السَّيفِ، يَعبُرُ الناسُ عليه يومَ القيامةِ، فيكونُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوَّلَ مَن يَقطَعُ مَسافةَ الصِّراطِ مِن الرُّسُلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأُمَّتُه معه، ويكونُ دُعاءُ الرُّسُلِ حينئذٍ: اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ؛ شَفقةً منهم على الخَلْقِ ورَحمةً بهم، وفي جَهنَّمَ كَلاليبُ -جمْعُ كَلُّوبٍ، وهو حَديدةٌ مُعوَجَّةُ الرَّأْسِ ذاتُ شُعَبٍ يُعَلَّق بهَا اللَّحْمُ- مِثْلُ شَوْكِ السَّعدانِ، وهو نَبتٌ له شَوْكٌ مِن جَيِّدِ مَراعي الإبلِ، يُضرَبُ به المثَلُ، فتَخطَفُ النَّاسَ بسُرعةٍ، بسَببِ أعمالِهم السَّيِّئةِ، أو على حسَبِ أعمالِهم؛ فمنهم مَن يُوبَقُ، أي: يُهلَكُ، ومنهم مَن يُخَرْدَلُ، أي: يُقطَّعُ صِغارًا كالخَرْدَلِ، والمعنى: أنَّه تُقطِّعُه كَلاليبُ الصِّراطِ حتَّى يَهوِيَ إلى النَّارِ، ثمَّ يُنجِّي اللهُ تعالى منها مَن كان يَعبُدُ اللهَ وحْدَه، وهم المؤمنون الخُلَّصُ؛ إذ الكافرُ لا يَنْجو منها أبدًا وَيبقى خَالِدًا فِيهَا.
وأخبَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الملائكةَ تَعرِفُ المُؤمنِينَ يومَ القِيامةِ بآثارِ السُّجودِ؛ فإنَّ النَّارَ لا تَأكُلُ منهم آثارَ السُّجودِ، واختُلِفَ في المرادِ بآثارِ السُّجودِ؛ فقيل: هي الأعضاءُ السَّبعةُ «الجبهةُ، واليَدانِ، والرُّكبتانِ، والقَدَمانِ»، وقيل: المرادُ الجَبهةُ خاصةً، ويُؤيِّدُ هذا ما في رِوايةِ مُسلمٍ: «أنَّ قَومًا يَخرُجون مِن النارِ يَحترِقون فيها ألَّا دَاراتُ وُجوهِهم».
فيَخرُجونَ مِن النَّارِ قدِ احتَرَقوا واسوَدُّوا، فيُصَبُّ عليهم ماءُ الحياةِ الَّذي مَن شَرِبَ منه أو صُبَّ عليه لم يمُتْ أبَدًا، فيَنبُتون كما تَنبُتُ الحِبَّةُ في طِينٍ أو نحْوِه، وهو معْنى قَولِه: حَمِيلِ السَّيْلِ، وهو ما جاء به السَّيلُ مِن طِينٍ ونحْوِه، والحِبَّةُ بكَسْرِ الحاءِ هي: بُزورُ الصَّحراءِ ممَّا ليس بقُوتٍ، وشَبَّه نَباتَه بنَباتِ الحِبَّةِ؛ لبَياضِها ولسُرعةِ نَباتِها.ثمَّ يَقضي اللهُ بيْن العِبادِ، ويَبْقى رجُلٌ بيْن الجنَّةِ والنَّارِ -وهو آخِرُ أهلِ النَّارِ دُخولًا الجنَّةَ- مُقبِلًا بوَجْهِه جِهةَ النَّارِ، فيقولُ: يا ربِّ، اصرِفْ وَجْهي عن النَّارِ؛ فقد قَشَبَني رِيحُها، بمعنى: سَمَّني وأهْلَكني؛ فهو كالسَّمِّ في أَنْفي، وأحْرَقني ذَكاؤُها، وهو لَهَبُها واشتعالُها وشِدَّةُ وهَجِها، فيقولُ اللهُ تعالى: لعلَّك إنْ فعَلْتُ لك ما تُريدُ أنْ تَطمَعَ وتَسأَلَ غيرَ ذلك، فيُقسِمُ الرَّجُلُ بعزَّةِ ربِّنا لا يَسأَلُ غيرَه، ويَأخُذُ اللهُ عليه العُهودَ والأيمانَ بذلك، فيَصرِفُ اللهُ تعالى وَجْهَه عنِ النَّارِ، فإذا أقبَلَ به على الجنَّةِ رَأى حُسْنَها ونَضارتَها، فيَقولُ: يا ربِّ، قدِّمْني عندَ بابِ الجنَّةِ، فيَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ له: أليس قد أعطَيْتَ العُهودَ والمِيثاقَ ألَّا تَسأَلَ غيرَ الَّذي كُنتَ سأَلْتَ؟ فيقولُ: يا ربِّ، أعطَيْتُ العهودَ، لكِنَّ كَرَمَك يُطمِعُني، لا أكونُ أشقَى خَلْقِك، إنْ أنتَ أبقَيْتَني على هذه الحالةِ ولا تُدخِلني الجنَّةَ، لَأكُونَنَّ أشْقى خَلقِك الَّذين دَخَلوها، فيَضحَكُ اللهُ تعالى منه ضَحِكًا يَليقُ به سُبحانه وتعالَى مِن غَيرِ تَأويلٍ أو تَعطيلٍ أو تَشبيهٍ، ويقولُ له ربُّنا: لَعلِّي إنْ صنَعْتُ لك ما تُريدُ تَطلُبُ غيرَ ذلك، وإنَّما قال اللهُ تعالى ذلك وهو عالِمٌ ما كان وما يكونُ؛ إظهارًا لنَقْضِ العهدِ مِن بَني آدَمَ.
فيُقسِمُ الرَّجُلُ بعزَّةِ ربِّنا لا يَسأَلُ غيرَه، ويَأخُذُ اللهُ عليه العهودَ والأيمانَ بذلك، فيُقدِّمُه اللهُ إلى بابِ الجنَّةِ، فإذا بلَغَ بابَها فرَأَى زَهْرتَها وما فيها مِن البَهجةِ والسُّرورِ تَحيَّر، فيَسكُتُ ما شاء اللهُ أنْ يَسكُتَ؛ حَياءً مِن ربِّه، ثمَّ يَسأَلُ ربَّه أنْ يُدخِلَه الجنَّةَ، فيَقولُ اللَّهُ عز وجل له: ويْحَكَ يا ابْنَ آدَمَ، ما أغْدَرَكَ! وكَلمةُ «ويْحَكَ» كَلمةُ رَحمةٍ، كما أنَّ «وَيْلَك» كَلمةُ عَذابٍ، وقيل: هما بمعْنًى واحدٍ.
والغَدْرُ ترْكُ الوَفاءِ، وليس نَقضُ هذا العبدِ عَهْدَه جَهلًا منه، بلْ عِلمًا منه أنَّ نَقْضَ هذا العهدِ أَولى مِن الوفاءِ؛ لأنَّ سُؤالَ ربِّه أَولى مِن إبرارِ قَسَمِه.
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ يَأذَنُ له في دُخولِ الجنَّةِ، فيقولُ: تَمَنَّ، فيَتمنَّى، حتَّى إذا انقطعَتْ أُمنيَّتُه، بأنْ ذكَرَ لربِّه كلَّ ما يَطلُبُه ويَرجُوه، فيَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ له: لك ما تَمنَّيْتَ ومِثْلَه معه، فلما سمع ذلك أبو سعيدٍ الخُدريُّ -وقد كان في المجلس الذي يحدث فيه أبو هريرة- قال له: إنه سمع رسول الله يقول: ذلكَ لَكَ، وعشَرَةُ أمثالِه.
وقيل في ذلك: إنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعلم أولا بما فِي حَديث أبي هُرَيرة، ثمَّ تكرم الله فزادها، فأخْبر به صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وراوه عنه أبو سعيد ولم يسمعهُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنهما.
وفي الحديثِ: إثباتُ رُؤيةِ المُؤمنِينَ لربِّهم جلَّ وعلَا يوم القِيامةِ.
وفيه: أنَّ الصَّلاةَ أفضلُ الأعمالِ؛ لِما فيها مِن الرُّكوعِ والسُّجودِ؛ فإنَّ النَّارَ لا تَأكُلُ أثَرَ السُّجودِ.
وفيه: إثباتُ الصِّراطِ، وأنَّ المؤمنينَ يَعبُرونه.
وفيه: بَيانُ فضْلِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأُمَّتِه، حيث إنَّهم أوَّلَ مَن يَعبُرُ على الصِّراطِ قبْلَ سائرِ الأُمَمِ.
وفيه: أنَّ بَعضَ المؤمنين يُعذَّبون بدُخولِ النارِ، ثمَّ يَرحَمُهم اللهُ تعالَى بالخُروجِ منها.
وفيه: أنَّ عَذابَ المؤمنِ يُخالِفُ عَذابَ الكفَّارِ، حيث إنَّه لا يَعُمُّ جَميعَ أجسادِهِم، بلْ يَسلَمُ لهم أثَرُ السُّجودِ، حتى يكونَ عَلامةً لهم، فيَعرِفُهم الشُّفعاءُ به، فيُخرِجونهم مِن النارِ.
وفيه: إثباتُ بَعضِ الصِّفاتِ الخاصَّةِ بذاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأهلُ السُّنةِ يُثبِتون للهِ عزَّ وجلَّ ما أثْبَتَه لنفْسِه مِن غَيرِ تَمثيلٍ ولا تَكييفٍ، ومن غير تَعطيلٍ ولا تحريفٍ، ويُسلِّمون بذلك، ويقولون: آمنَّا به كلٌّ مِن عِندِ ربِّنا.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
حلية الأولياء دخل على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال بئس أخو العشيرة ثم
حلية الأولياءمر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقال مستريح ومستراح منه قالوا
حلية الأولياءكان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه
حلية الأولياءأن أعرابيا قال يا رسول الله متى الساعة فقال له
حلية الأولياءإن الله تعالى يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك
حلية الأولياءالسفر قطعة من العذاب لا يهنأ أحدكم نومه ولا طعامه ولا شرابه فإذا
حلية الأولياءإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا
حلية الأولياءسمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث يقول لا يموتن أحد
حلية الأولياءليس بين الكفر والإيمان إلا ترك الصلاة
حلية الأولياءكنت رديفه فقال يا معاذ ما حق الله على العباد قلت الله ورسوله
مختصر الأحكاملما رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمرة نحر نسكه ثم ناول
مختصر الأحكامكان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ينزلون الأبطح


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, December 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب