يا بُنَيِّ، إنَّه بَلَغَنِي أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَدِمَتْ عليه أقْبِيَةٌ فَهو يَقْسِمُهَا، فَاذْهَبْ بنَا إلَيْهِ، فَذَهَبْنَا فَوَجَدْنَا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَنْزِلِهِ، فَقالَ لِي: يا بُنَيِّ، ادْعُ لِيَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأعْظَمْتُ ذلكَ، فَقُلتُ: أدْعُو لكَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟! فَقالَ: يا بُنَيِّ، إنَّه ليسَ بجَبَّارٍ، فَدَعَوْتُهُ، فَخَرَجَ وعليه قَبَاءٌ مِن دِيبَاجٍ مُزَرَّرٌ بالذَّهَبِ، فَقالَ: يا مَخْرَمَةُ، هذا خَبَأْنَاهُ لكَ، فأعْطَاهُ إيَّاهُ.
الراوي : المسور بن مخرمة | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5862 | خلاصة حكم المحدث : [ معلق، وصله البخاري في موضع آخر، لكن لفظه مخالف لهذا اللفظ ]
التخريج : أخرجه البخاري معلقاً ( 5862 )، وأخرجه موصولاً مسلم ( 1058 )
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم أكثَرَ النَّاسِ تَواضُعًا، وكان عامَّةُ أصحابِه رِضوانُ
اللهِ عليهم يَعرِفون تَواضُعَه.
وفي هذا الحديثِ ما يَدُلُّ على ذلك، حيث أخْبَر المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ رضِي
اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم جاءتْ له أَقْبِيَةٌ، وهي نَوْعٌ من الثِّيابِ ضَيِّقٌ مِن لباسِ العَجَمِ، فعَلِم أبوهُ بذلك، وأنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يُوزِّعها على أصحابِه، فأَخَذ ابْنَه المِسْوَرَ وذَهَبَا إلى النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم، وزاد البخاريُّ في روايةٍ أُخرى أنَّه قال لابنِه: «
عسى أن يُعطِيَنا منها شيئًا»، فلما ذَهَبا وَجَداه في بَيْتِه، فقال مَخْرَمَةُ لابنِه: ادْعُ لي النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم، فاسْتَعْظَمَ المِسْوَرُ أنْ يَدْعُوَ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم لأبِيه؛ لأنَّ رفيعَ مَقامِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم وشريفَ مَنزِلَتِه لا يقتضي ذلك، فقال لأبِيه مُستنكِرًا: أَدْعُو لك رَسولَ
الله صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم؟! كأنَّه يريدُ أن يقولَ: بل نذهَبُ إليه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم في مكانِه الذي هو فيه، فقال أبوهُ: يا بُنَيَّ، إنَّه لَيْسَ بِجَبَّارٍ،
أي: ليس من صفاتِه الكِبْرُ الذي يمنَعُه من إجابةِ مَن دعاه، فدَعَاه المِسْوَرُ، فخَرَج النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم -مِن تَواضُعِه- إليه، وكان عليه قَبَاءٌ مِن دِيبَاجٍ، وهو نَوْعٌ نَفيسٌ مِن الحَرِيرِ، «
مُزَرَّرٌ بالذَّهَبِ»، فَقالَ: «
يا مَخْرَمَةُ، هذا خَبَأْنَاهُ لكَ»، يعني: احْتَفَظْنَا به لك، «
فأعْطَاهُ إيَّاهُ»، وهذا يَحتمِل أنْ يكونَ قبْلَ تَحريمِ الذَّهَبِ والحريرِ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ بعْدَه، فيكونُ إعطاؤُه له لِيَنْتَفِعَ به؛ بأنْ يَبِيعَه أو يَكْسُوَه النِّساءَ، ويكونُ معنَى قولِه «
فخَرَج وعليه قَبَاءٌ»،
أي: على يَدِه، فيكونُ مِن إطلاقِ الكُلِّ على البَعْضِ.
وفي الحَديثِ: دُعاءُ الخَليفةِ والعالمِ وإخراجُه لِمَا يَظهَرُ إليه مِن حاجاتِ النَّاسِ، وأنَّ ذلِك مِن التَّواضُعِ والفَضْلِ.
وفيه: حُسنُ تلَطُّفِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم بأصحابِه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم