أتيتُ المدينةَ فسألتُ اللَّهَ أن ييسِّرَ لي جليسًا صالحًا فيسَّرَ لي أبا هريرةَ فجلستُ إليْهِ فقلتُ لَهُ إنِّي سألتُ اللَّهَ أن ييسِّرَ لي جليسًا صالحًا فوفِّقتَ لي فقالَ لي ممن أنتَ قلتُ من أَهلِ الكوفةِ جئتُ ألتمسُ الخيرَ وأطلبُهُ قالَ أليسَ فيكم سعدُ بنُ مالِكٍ مجابُ الدَّعوةِ وابنُ مسعودٍ صاحبُ طَهورِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ ونعليْهِ وحذيفةُ صاحبُ سرِّ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وعمَّارٌ الَّذي أجارَهُ اللَّهُ منَ الشَّيطانِ على لسانِ نبيِّهِ وسَلمانُ صاحبُ الكتابينِ قالَ قتادةُ والْكتابانِ الإنجيلُ والقرآنُ
الراوي : خيثمة بن عبدالرحمن | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 3811 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه الترمذي ( 3811 )
كان الصَّحابةُ رَضِي
اللهُ عَنهم يَعرِفون قَدْرَ بَعضِهم البعضِ، بما تَعلَّموه من رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم،
وفي هذا الحديثِ يقولُ خَيثَمةُ بنُ أبي سَبْرةَ: "أتيتُ المدينةَ"،
أي: أتاها مِن الكوفةِ، "فسَألتُ
اللهَ"،
أي: دعَوتُه، "أن يُيسِّرَ لي"،
أي: يَرزُقَني، ويُسهِّلَ لي "جَليسًا صالحًا"،
أي: صاحبًا يكونُ مِن أهلِ الصَّلاحِ والتَّقوى؛ لِيَستفيدَ منه، "فيَسَّر لي أبا هُريرةَ فجلَستُ إليه"،
أي: رزَقه
اللهُ أبا هريرةَ رَضِي
اللهُ عَنه، قال خَيثمةُ: "فقلتُ له: إنِّي سألتُ
اللهَ أن يُيسِّرَ لي جَليسًا صالِحًا فوُفِّقتَ لي"،
أي: في مُجالَستِك بدَعْوتي تلك، فقال له أبو هريرةَ رَضِي
اللهُ عَنه: "ممَّن أنت؟"، قال خيثمةُ: "مِن أهلِ الكوفةِ، جئتُ ألتَمِسُ الخيرَ وأطلُبُه"،
أي: أطلُبُ العِلمَ مِن صحابةِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم المقيمين في المدينةِ، والمرادُ بالخيرِ: العِلمُ المقرونُ بالعملِ، فقال أبو هريرةَ رَضِي
اللهُ عَنه: "أليس فيكم"،
أي: في أهلِ الكوفةِ ومَن يُقيمون بينَهم وقْتَها "سَعْدُ بنُ مالكٍ"، وهو سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رَضِي
اللهُ عَنه، "مُجابُ الدَّعوةِ"؛ وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم كان قد دعا لسعدٍ بأن يُجيبَ
اللهُ دَعوتَه، فعُرف ومُيِّز سعدٌ بذلك.
"وابنُ مسعودٍ، صاحبُ طَهورِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم ونَعْلَيه"، وكان ابنُ مسعودٍ رَضِي
اللهُ عَنه هو الَّذي يتَولَّى هذه الأمورَ وتَهْيِئتَها لرسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم، وفي هذا إشارةٌ إلى شدَّةِ قُربِه ومُلازَمتِه للنَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم وما عِندَه مِن علمٍ بسُنَّةِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم، والطَّهورُ- بفَتْحِ الطَّاء-: هو ماءُ الوُضوءِ، وقد كان يَحفَظُ نَعْلي النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم ويَحمِلُهما إذا خلعَهما.
"وحُذيفةُ صاحبُ سِرِّ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم"؛ وذلك أنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم كان قد كتَم حُذيفةَ بنَ اليمانِ رَضِي
اللهُ عَنه أسماءَ المنافِقين وأحوالَهم، وأطْلَعَه على بَعضِ ما يَجْري لهذه الأمَّةِ بَعدَه، وجعَل ذلك سِرًّا بينَه وبينه، "وعمَّارٌ الَّذي أجاره
اللهُ مِن الشَّيطانِ على لسانِ نبيِّه"؛ وذلك أنَّ عمَّارَ بنَ ياسرٍ رَضِي
اللهُ عَنه كان قد ذُكِر عنه: أنَّه ما خُيِّر بين أمرَيْن إلَّا اختار أرشَدَهما، وقيل: هو المرادُ من قولِه صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "ويحَ عمَّارٍ! يَدْعوهم إلى الجنَّةِ ويَدْعونه إلى النَّارِ!".
"وسَلْمانُ صاحِبُ الكِتابَين- قال قَتادةُ"، وهو ابنُ دِعامَةَ: "والكِتابانِ الإنجيلُ والقرآنُ-"، ومُرادُه: أنَّ سَلْمانَ كان يَدِينُ بالنَّصرانيَّةِ قبلَ مَبعَثِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم وعِندَه مِن عِلْمِ الإنجيلِ معَ ما عِندَه مِن القرآنِ بعدَ إسلامِه.
وقد ذكَر أبو هُريرةَ هؤلاءِ الصَّحابةَ رَضِي
اللهُ عَنهم لخَيثمةَ؛ لِيَحُثَّه على طلَبِ العِلمِ منهم، خاصَّةً وهم أقرَبُ إليه ممَّن هو في المدينةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ مَناقِبِ عَددٍ من أصحابِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم.
وفيه: إرشادُ العالِمِ إلى مُصاحَبةِ العُلماءِ والصَّالحين.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم