شرح حديث غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق فأصبنا كرائم العرب
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ العَزْلِ، قَالَ أبو سَعِيدٍ: خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، فأصَبْنَا سَبْيًا مِن سَبْيِ العَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، واشْتَدَّتْ عَلَيْنَا العُزْبَةُ، وأَحْبَبْنَا العَزْلَ، فأرَدْنَا أنْ نَعْزِلَ، وقُلْنَا: نَعْزِلُ ورَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أظْهُرِنَا قَبْلَ أنْ نَسْأَلَهُ؟! فَسَأَلْنَاهُ عن ذلكَ، فَقَالَ: ما علَيْكُم أنْ لا تَفْعَلُوا، ما مِن نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلى يَومِ القِيَامَةِ إلَّا وهي كَائِنَةٌ.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4138 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
التخريج : أخرجه البخاري ( 4138 )، ومسلم ( 1438 )
مَقاديرُ الخَلائقِ كُلُّها بيَدِ
اللهِ وَحْدَه؛ فهو علَّامُ الغُيوبِ، وعلى المُسلِمِ أنْ يَتوَكَّلَ على
اللهِ، ويَأخُذَ بالأسْبابِ، ثمَّ يُفوِّضَ أمْرَه إلى
اللهِ تعالَى.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ عبدُ
اللهِ بنُ مُحَيْريزٍ، أنَّه سَأَلَ الصَّحابيَّ أبا سَعيدٍ الخُدْريَّ رَضيَ
اللهُ عنه عن حُكمِ العَزلِ، والعَزلُ يكونُ بنَزْعِ الذَّكَرِ مِن فَرْجِ المَرْأةِ قبْلَ الإنْزالِ، ويُنزِلُ الرَّجلُ خارِجَ الفَرْجِ؛ مَنعًا لحُدوثِ الحَمْلِ، فأخْبَرَه أبو سَعيدٍ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّهم خَرَجوا معَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوةِ بَني المُصْطَلِقِ، وهمْ فَرعٌ مِن قَبيلةِ خُزاعةَ، وكان هذا سَنةَ خَمسٍ أو سِتٍّ مِن الهِجْرةِ، وتُسمَّى أيضًا المُرَيْسيعَ، وحدَث في هذه الغَزْوةِ أنْ أصابوا سَبْيًا، والسَّبْيُ: هو النِّساءُ الَّتي تُؤخَذُ مِن الكُفَّارِ بعْدَ قِتالِهم، فاشْتَهَوُا النِّساءَ، واشتَدَّتْ عليهمُ العُزْبةُ -أي: فَقْدُ الأزواجِ والنِّكاحِ-، وأحَبُّوا العَزْلَ،
يَعني: أرادوا جِماعَ النِّساءِ اللَّاتي سَبَوْهنَّ بعْدَ أنْ صِرْنَ لهم، ولكنَّهم أحَبُّوا العَزْلَ حتَّى لا تَحمِلَ هذه السَّبايا، فقالوا: «
نَعزِلُ ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْن أظْهُرِنا قبْلَ أنْ نَسأَلَه» عن الحكْمِ؟! لأنَّه وَقَعَ في نُفوسِهم أنَّه مِن الوأْدِ الخَفيِّ كالفِرارِ مِن القَدَرِ، فلمَّا سَأَلوه قال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: «
ما عليكم ألَّا تَفْعَلوا»،
أي: لا بأْسَ عليكم إنْ عَزَلْتُم؛ إذ إنَّه لنْ يُغيِّرَ مِن قَدَرِ
اللهِ شَيئًا؛ فـ«
ما مِن نَسَمةٍ كائنةٍ إلى يَومِ القيامةِ إلَّا وهي كائِنةٌ»،
يَعني: ما مِن نفْسٍ كائنةٍ في عِلمِ
اللهِ تعالَى إلَّا وهي كائنةٌ في الواقعِ، سَواءٌ حدَثَ العَزْلُ أو لم يَحدُثْ؛ لأنَّه قدْ يَكونُ معَ العَزْلِ إنزالٌ بقَليلِ الماءِ الَّذي قدَّرَ
اللهُ أنْ يكونَ منه الولَدُ، وقدْ يوجَدُ الإنزالُ ولا يكونُ ولَدٌ؛ فالعَزْلُ أوِ الإنزالُ مُتَساوِيانِ في ألَّا يَكونَ منه ولَدٌ إلَّا بتَقْديرِ
اللهِ تعالَى.
وفي الحَديثِ: مَشْروعيَّةُ العَزلِ.
وفيه: حِرصُ الصَّحابةِ على تَعلُّمِ أُمورِ دِينِهم مِن رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشْروعيَّةُ اسْتِرْقاقِ المُحارِبينَ مِن العرَبِ وتَملُّكِهم كسائرِ فِرَقِ العَجَمِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم