إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلةَ شِركٌ قالَت: قلتُ: لِمَ تقولُ هذا؟ واللَّهِ لقد كانَت عيني تقذفُ وَكُنتُ أختلفُ إلى فلانٍ اليَهوديِّ يرقيني فإذا رقاني سَكَنت، فقالَ عبدُ اللَّهِ: إنَّما ذاكَ عمَلُ الشَّيطانِ كانَ ينخسُها بيدِهِ فإذا رقاها كفَّ عنها، إنَّما كانَ يَكْفيكِ أن تَقولي كما كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ: أذهِبِ الباسَ ربَّ النَّاسِ، اشفِ أنتَ الشَّافي، لا شفاءَ إلَّا شفاؤُكَ شفاءً لا يغادرُ سَقمًا
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3883 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه أبو داود ( 3883 ) واللفظ له، وابن ماجه ( 3530 )، وأحمد ( 3615 )
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ حريصًا على بِناءِ العَقيدةِ الصَّافيةِ في قُلوبِ المؤمِنينَ، وتَخليصِها من آثارِ الجاهِليَّةِ السَّيِّئةِ، ومن ذلك بِناءُ عَقيدةِ التَّوكُّلِ على
اللهِ، وعَدمُ اعْتِقادِ أنَّ النَّفعَ والضُّرَّ يُمكِن أن يَأتي من غيره؛ فَكلُّ شَيءٍ في الكونِ مِن قَدرِ
اللهِ، وهذا الحديثُ له قِصَّةٌ كما عندَ ابنِ ماجَه في سُننِه،
وفيه تَحكِي زَينبُ امْرأةَ عبدِ
اللهِ بْنِ مَسعود رَضي
الله عنهما: «
أنَّ عَبدَ اللهِ رأى في عُنُقي خَيطًا، فقال: ما هذا؟ فقُلتُ: خَيطٌ رُقِي لي فيه، قالتْ: فَأخَذَه فَقَطَعَه، ثُمَّ قال: أنْتُم آلُ عبدِ اللهِ لأغْنِياءٌ عن الشِّركِ».
ثُمَّ قالَ ابنُ مَسعودٍ رضِيَ
اللهُ عنه: «
سَمعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: إنَّ الرُّقى»،
أي: الرُّقية التي فيها اسْمُ صَنمٍ أو شَيطانٍ، أو كَلمةُ كُفرٍ أو غيرُها ممَّا لا يجوزُ شرعًا، ومنها ما لم يُعرَف مَعناها، «
والتَّمائِمُ» جمْع تَميمةٍ، وَهِي التَّعويذةُ التي تُعلَّق، وقيل: هي خَرزاتٌ كانَتْ تُعلَّقُ على الصَّبيِّ لدَفعِ العينِ بِزعْمِهم، وهو بَاطِلٌ، ثمَّ اتسعوا فيها حتى سَمَّوا بها كُلَّ عِوَذة، «
والتَّوْلةُ»؛ وهي نَوعٌ من السِّحرِ، وقيل: هي ما يُحبِّبُ المرأةَ إلى زَوجِها، أَو خيطٌ يُقْرَأُ فيه من السِّحرِ للمَحبَّةِ أَو غيرها، «
شِرْكٌ»،
أي: كلُّ هذِه الأمورِ شِركٌ؛ لأنَّ اتِّخاذَها يَدُلُّ على اعْتِقاد تأثيرِها، وهو يُفْضي إلى الشِّرك.
قالت زَينبُ رضِيَ
اللهُ عنها: «
قُلتُ: لِمَ تقولُ هذا؟»،
أي: لماذا تقولُ لي هذا الكَلامَ وتَأمُرني بالتَّوكُّل وعَدمِ الاسْترْقاءِ، وكانتْ تَظنُّ أنَّ لمِثلِ تِلكَ الرُّقى أثَرًا، ودلَّلتْ على ذلك بما كانتْ تَفعلُه فقالت: «
واللهِ لقدْ كانت عَيْني تَقذِفُ»،
أي: تُرْمَى بما يُهيِّج الوَجَعَ، «
وكُنتُ أخْتَلِفُ»،،
أي: أتَردَّدُ بالرَّواحِ والمَجيءِ، «
إلى فُلانٍ اليَهوديِّ يَرقيني، فإذا رَقاني سَكَنَتْ»،
أي: هَدأتِ العَينُ من وَجعِها، فقال عبدُ
الله رضِيَ
الله عنه: «
إنَّما ذاك عَملُ الشَّيطانِ»،
أي: من فِعلِه وتَسويلِه، والمعنى: أنَّ الوَجعَ الذي كان في عَينَيكِ لم يكُنْ وجعًا في الحَقيقةِ، بل ضَرْبٌ من ضَرباتِ الشَّيطانِ ونَزغاتِه، «
كان يَنخَسُها بِيدِه»،
أي: يَطعُنُها ويَضرِبُها بِيدِه، «
فإذا رَقاها كَفَّ عنها»،
أي: تَوقَّف الشَّيطانُ عن نَخسِها وتَركَ طَعنَها، «
إنَّما كان يَكفيكِ أنْ تَقولي كما كان رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «أَذْهِبِ الباسَ»، وهو دُعاءٌ للهِ بأنْ يُزيلَ الوَجعَ والألمَ والشِّدَّةَ، «
رَبَّ النَّاسِ»،
أي: يا خَالِقهم ومُربِّيَهم، «
اشْفِ أنت الشَّافي، لا شِفاءَ إلَّا شِفاؤُكَ، شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَمًا»،
أي: يكون شِفاءً تامًّا لا يَبقَى معه أثَرٌ لمرَضٍ أو ألمٍ.
وفي الحديث: النَّهيُ والتَّشديدُ في أمْرِ الإشْراكِ ب
اللهِ باعْتِقادِ النَّفعِ والضرِّ في أشْياءَ وأمورٍ ليستْ كذلك.
وفيه: إرشادٌ إلى تَعلُّمِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ وما فيها مِن أدْعيةٍ نافِعة.
وفيه: فَضيلةُ ابنِ مَسعودٍ رضِيَ
اللهُ عنه، وبيانُ عِلمِه بالسُّنَّةِ وحِرصِه على اتِّباعِها
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم