حديث أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل فأعطاه عقالا يشد

أحاديث نبوية | المحلى | حديث عكرمة مولى ابن عباس

«عنِ ابنِ عباسٍ قال : أولُ القسامةِ كانَتْ في الجاهليةِ كان رجلٌ من بني هاشمٍ استأجرَهُ رجلٌ من قريشٍ من فخذٍ أُخرى فانطلقَ معه في إبلِهِ فمرَّ به رجلٌ من بني هاشمٍ قد انقطعَتْ عروةُ جوالقِهِ . فقال : أغِثني بعقالٍ أشدُّ به عروةَ جوالِقي لا تنفِرُ الإبلُ فأعطاهُ عِقالًا يشدُّ به عروةُ جوالِقَهُ فلمَّا نزلوا عُقِلَتِ الإبلُ إلا بعيرًا واحدًا فقال الذي استأجرَهُ : ما شأنُ هذا البعيرِ لم يُعقلْ من بين الإبلِ ؟ قال : ليس له عقالٌ قال : فأين عِقالُهُ ؟ قال : مرَّ بي رجلٌ من بني هاشمٍ قد انقطعَتْ عروةُ جوالقِهِ فاستغاثَني فقال أغثْني بعقالٍ أشدُّ به عروةَ جوالِقي لا تَنفرُ الإبلُ فأعطيْتُهُ عِقالَهُ فحذفَهُ بعصى كان فيه أجلُهُ فمرَّ به رجلٌ من أهلِ اليمنِ فقال : أتشهدُ المَوسمَ ؟ قال : ما أشهدُ وربَّما أشهدُ قال : هل أنتَ عنِّي مُبلغٌ رسالةً منَ الدهرِ قال : نعم إذا شهِدْتَ الموسمَ فنادِ يا آلَ قريشٍ فإذا أجابوكَ فنادِ : يا آلَ بني هاشمٍ فإذا أجابوكَ فسلْ عن أبي طالبٍ فأخبرْهُ أن فلانًا قتلَني في عقالٍ وماتَ المستأجرُ فلمَّا قَدِمَ الذي استأجرَهُ أتاهُ أبو طالبٍ فقال . ما فعلَ صاحبُنا ؟ قال مَرِضَ فأحسنْتُ القيامَ عليْهِ ثم مات فَوُلِّيتُ دفنَهُ فقال : أهلْ ذلك منكَ فمكثَ حينًا ثم إن الرجلَ اليمانيَّ الذي كان أوصى إليه أن يبلغَ عنه وافَى الموسِمَ فقال : يا آلَ قريشٍ فقالوا : هذه قريشٌ قال : يا بَني هاشمٍ قالوا : هذه بنو هاشمٍ قال : أين أبو طالبٍ ؟ قالوا : هذا أبو طالبٍ قال أمرَني فلانٌ أن أبلغَكَ رسالةً أن فلانًا قتلَهُ في عقالٍ فأتاهُ أبو طالبٍ فقال : اخترْ منَّا إحدى ثلاثٍ إن شئْتَ أن تودىَ مائةً منَ الإبل ِفإنَّكَ قتلْتَ صاحبَنا خطأً وإن شئْتَ حلفَ خمسونَ من قومِكَ إنَّكَ لم تقتلْهُ فإن أبيْتَ قتلْناكَ به فأتى قومُهُ فذكرَ ذلك لهم فقالوا : نحلِفُ فأتتْهُ امرأةٌ من بني هاشمٍ كانَتْ تحت رجلٍ منهم قد ولدَتْ له فقالَتْ : يا أبا طالبٍ أُحبُّ أن تجيزَ ابني هذا برجلٍ منَ الخمسينَ ولا تصبرْ يمينَهُ حيث تُصبَرُ الأيمانُ فقبلَهما وجاء ثمانيةٌ وأربعونَ رجلًا حَلَفوا قال ابنُ عباسٍ : فوالذي نفسي بيدِهِ ما حالَ الحولُ ومنَ الثمانيةِ والأربعينَ عينٌ تطرفُ»

المحلى
عكرمة مولى ابن عباس
ابن حزم
صحيح

المحلى - رقم الحديث أو الصفحة: 11/79 -

شرح حديث عن ابن عباس قال أول القسامة كانت في الجاهلية كان رجل


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

إنَّ أوَّلَ قَسَامَةٍ كَانَتْ في الجَاهِلِيَّةِ لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ؛ كانَ رَجُلٌ مِن بَنِي هَاشِمٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ مِن فَخِذٍ أُخْرَى، فَانْطَلَقَ معهُ في إبِلِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ به مِن بَنِي هَاشِمٍ قَدِ انْقَطَعَتْ عُرْوَةُ جُوَالِقِهِ، فَقَالَ: أغِثْنِي بعِقَالٍ أشُدُّ به عُرْوَةَ جُوَالِقِي؛ لا تَنْفِرُ الإبِلُ، فأعْطَاهُ عِقَالًا فَشَدَّ به عُرْوَةَ جُوَالِقِهِ، فَلَمَّا نَزَلُوا عُقِلَتِ الإبِلُ إلَّا بَعِيرًا واحِدًا، فَقَالَ الذي اسْتَأْجَرَهُ: ما شَأْنُ هذا البَعِيرِ لَمْ يُعْقَلْ مِن بَيْنِ الإبِلِ؟ قَالَ: ليسَ له عِقَالٌ، قَالَ: فأيْنَ عِقَالُهُ؟ قَالَ: فَحَذَفَهُ بعَصًا كانَ فِيهَا أجَلُهُ، فَمَرَّ به رَجُلٌ مِن أهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: أتَشْهَدُ المَوْسِمَ؟ قَالَ: ما أشْهَدُ، ورُبَّما شَهِدْتُهُ، قَالَ: هلْ أنْتَ مُبْلِغٌ عَنِّي رِسَالَةً مَرَّةً مِنَ الدَّهْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَتَبَ: إذَا أنْتَ شَهِدْتَ المَوْسِمَ فَنَادِ: يا آلَ قُرَيْشٍ، فَإِذَا أجَابُوكَ فَنَادِ: يا آلَ بَنِي هَاشِمٍ، فإنْ أجَابُوكَ، فَسَلْ عن أبِي طَالِبٍ فأخْبِرْهُ: أنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي في عِقَالٍ، ومَاتَ المُسْتَأْجَرُ، فَلَمَّا قَدِمَ الذي اسْتَأْجَرَهُ، أتَاهُ أبو طَالِبٍ فَقَالَ: ما فَعَلَ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: مَرِضَ، فأحْسَنْتُ القِيَامَ عليه، فَوَلِيتُ دَفْنَهُ، قَالَ: قدْ كانَ أهْلَ ذَاكَ مِنْكَ، فَمَكُثَ حِينًا، ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ الذي أوْصَى إلَيْهِ أنْ يُبْلِغَ عنْه وافَى المَوْسِمَ، فَقَالَ: يا آلَ قُرَيْشٍ، قالوا: هذِه قُرَيْشٌ، قَالَ: يا آلَ بَنِي هَاشِمٍ، قالوا: هذِه بَنُو هَاشِمٍ، قَالَ: أيْنَ أبو طَالِبٍ؟ قالوا: هذا أبو طَالِبٍ، قَالَ: أمَرَنِي فُلَانٌ أنْ أُبْلِغَكَ رِسَالَةً: أنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ في عِقَالٍ.
فأتَاهُ أبو طَالِبٍ فَقَالَ له: اخْتَرْ مِنَّا إحْدَى ثَلَاثٍ: إنْ شِئْتَ أنْ تُؤَدِّيَ مِئَةً مِنَ الإبِلِ؛ فإنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، وإنْ شِئْتَ حَلَفَ خَمْسُونَ مِن قَوْمِكَ أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ، فإنْ أبَيْتَ قَتَلْنَاكَ به، فأتَى قَوْمَهُ فَقالوا: نَحْلِفُ، فأتَتْهُ امْرَأَةٌ مِن بَنِي هَاشِمٍ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ منهمْ قدْ ولَدَتْ له، فَقَالَتْ: يا أبَا طَالِبٍ، أُحِبُّ أنْ تُجِيزَ ابْنِي هذا برَجُلٍ مِنَ الخَمْسِينَ، ولَا تَصْبُرْ يَمِينَهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الأيْمَانُ، فَفَعَلَ، فأتَاهُ رَجُلٌ منهمْ فَقَالَ: يا أبَا طَالِبٍ، أرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلًا أنْ يَحْلِفُوا مَكانَ مِئَةٍ مِنَ الإبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ بَعِيرَانِ، هذانِ بَعِيرَانِ، فَاقْبَلْهُما عَنِّي ولَا تَصْبُرْ يَمِينِي حَيْثُ تُصْبَرُ الأيْمَانُ، فَقَبِلَهُمَا، وجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وأَرْبَعُونَ فَحَلَفُوا، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، ما حَالَ الحَوْلُ ومِنَ الثَّمَانِيَةِ وأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3845 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : من أفراد البخاري على مسلم



لقدْ عظَّمَ الشَّرعُ الإسلاميُّ المُطهَّرُ حُرْمةَ الدِّماءِ، ونَهَى عن قَتْلِ النَّفْسِ المعصومةِ بغَيرِ حقٍّ، كما جاءتْ جَميعُ الشَّرائعِ السَّماويَّةِ بحِفظِها، والتَّشديدِ على مَن سَفَكَها، وقدْ عرَفَتِ العرَبُ في الجاهِليَّةِ -على الرَّغمِ مِن فَسادِهم وجاهِليَّتِهم- قيمَتَها وحُرمَتَها.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أوَّلَ قَسامةٍ -وهي يَمينٌ تُحلَفُ لنَفْيِ القَتْلِ- في الجاهِليَّةِ، كانت في بَني هاشِمٍ؛ وذلك أنَّه كان رَجلٌ مِن بَني هاشمٍ، وهو عَمرُو بنُ عَلْقَمةَ بنِ المُطَّلِب بنِ عبدِ مَنافٍ، وكأنَّه نسَبَه إلى بَني هاشمٍ؛ لِمَا كان بيْن بَني هاشمٍ وبَني المُطَّلِب مِن المَودَّةِ والمؤاخاةِ، وكان قدِ اسْتَأْجَره رَجلٌ مِن قُرَيشٍ اسمُه خِداشُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي قَيسٍ العامِريُّ، مِن «فخِذٍ أُخْرى»، والفَخِذُ هو الفَرعُ دونَ القَبيلةِ، وفوقَ البَطنِ، فانطَلَقَ الأجيرُ معَ المُستَأجِرِ في إبِلِه مِن مكَّةَ إلى الشَّامِ، فمرَّ بالأجيرِ رَجلٌ مِن بَني هاشمٍ قدِ انقطَعَتْ «عُرْوةُ جُوالقِه»، أي: الحَبلُ الَّذي يشُدُّ به جُوالِقَه، والجُوالِقُ: وِعاءٌ أو كيسٌ كَبيرٌ، ويكونُ مِن جِلدٍ، أو صوفٍ ونَحوِه، والعامَّةُ يَقولونَ: ( شُوَالٌ )، فاسْتَغاثَ هذا المُسافِرُ بالأجيرِ أنْ يُعْطيَه عِقالًا -أي: حَبلًا- يشُدُّ به عُرْوةَ جُوالقِه حتَّى لا تَنفِرَ الإبِلُ مِن سُقوطِ الجُوالقِ، فأعْطاه عِقالًا، فلمَّا نَزَل المستأجِرُ والأجيرُ مَنزِلًا رُبِطَت الإبِلُ إلَّا بَعيًرا واحِدًا لم يُربَطْ؛ لعَدمِ وُجودِ عِقالِه؛ لأنَّ الرَّجلَ الهاشميَّ قدْ أخَذَه مِن الأجيرِ، فقال صاحبُ الإبِلِ-: ما شَأنُ هذا البَعيرِ لم يُربَطْ مِن بيْنِ الإبِلِ، فأخبَرَه الأجيرُ: أنَّه ليس له عِقالٌ، قال المُستَأجِرُ له: فأين عِقالُه؟ فقَصَّ عليه الأجيرُ ما حدَثَ مِن إعْطائِه العِقالَ لمَن طلَبَه، «فحَذَفه»، أي: رَماه بعَصًا أصابَتْ مَقتَلَه، فماتْ منها، فمرَّ به رَجلٌ مِن أهلِ اليمَنِ قبْلَ أنْ يَموتَ، فطلَبَ منه إنْ كان سيَشهَدُ مَوسِمَ الحجِّ، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه يَطلُبُ منه أنْ يَحضُرَ أرضَ قَومِه، وهي مكَّةُ، فأمَرَه أنْ يُبلِّغَ عنه رِسالةً مرَّةً منَ الدَّهرِ، أي: إذا ذهَب في أيِّ وَقتٍ مِن الأوْقاتِ،  فوافَقَ اليَمَنيُّ وأخْبَرَه أنَّه سيُبلِّغُها عنه، فكتَبَ له: إذا شهِدْتَ المَوسِمَ فنادِ: يا آلَ قُرَيشٍ، فإذا أجابوكَ فنادِ: يا آلَ بَني هاشمٍ، فإنْ أجابوكَ، فاسأَلْ عن أبي طالِبٍ -عمِّ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأخبِرْه أنَّ فُلانًا الَّذي اسْتَأجَرَني -خِداشُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي قَيسٍ العامِريُّ- قتَلَني في عِقالٍ، أي: بسبَبِ عِقالِ بَعيرٍ، ومات الأجيرُ بعْدَ أنْ أوْصى اليَمانيَّ بما أوْصاه.
فلمَّا قَدِم الَّذي اسْتَأجَرَه جاءهُ أبو طالبٍ، فقال له: ما فَعَل صاحِبُنا؟ يَعني: أيُّ شَيءٍ منَع صاحِبَنا عَمرَو بنَ عَلْقَمةَ بنِ المُطَّلِب مِن المَجيءِ معَكَ؟ فأخبَرَه أنَّه مَرِض، وأنَّه أحسَنَ القيامَ عليه برِعايَتِه وخِدمَتِه في مرَضِه، ولكنَّه تُوفِّيَ، فتَولَّى أمْرَ دَفنِه، فقال له أبو طالبٍ: قدْ كان أهلَ ذاك منكَ، يَعني: كان مُسْتحِقًّا منكَ ما ذكَرْتَه مِن إحْسانِ القيامِ بتَمْريضِه، ودَفنِه بعْدَ مَوتِه، وصَدَّقَ أبو طالبٍ الرَّجلَ فيما قال، ولم يَظُنُّوا به غيرَ ذلك.
وبعْدَ مُرورِ زَمنٍ طَويلٍ حضَرَ الرَّجلُ اليَمانيُّ أحَدَ مَواسِمِ الحَجِّ، فنَفَّذَ وَصيَّةَ المقتولِ؛ فنادى: يا آلَ قُرَيشٍ، قالوا له: هذه قُرَيشٌ، قال: يا آلَ بَني هاشمٍ، قالوا: هذه بَنو هاشمٍ، قال: أين أبو طالبٍ؟ قالوا: هذا أبو طالبٍ، فقال له: أمَرَني فُلانٌ -يَعني: عَمرُو بنُ عَلْقَمةَ الأجيرُ المَقْتولُ- أنْ أُبلِّغَكَ رِسالةً أنَّ فُلانًا قتَلَه -أي: صاحِبُ الإبِلِ خِداشٌ- في عِقالٍ، أي: بسبَبِ عِقالٍ، فجاء أبو طالبٍ إلى خِداشٍ، فقال له: اختَرْ منَّا إحْدى ثَلاثٍ -يُحتَمَلُ أنَّ هذه الخِصالَ الثَّلاثَ كانت مَعْروفةً عندَهم، ويُحتَمَلُ أنْ تَكونَ شَيئًا اختَرَعَه أبو طالبٍ- وهذه الثَّلاثةُ هي: إنْ شِئتَ أنْ تُؤدِّيَ مِئةً مِن الإبِلِ؛ بسبَبِ أنَّكَ قتَلْتَ صاحِبَنا، وإنْ شِئتَ حلَف خَمْسونَ مِن قَومِكَ أنَّكَ لم تَقتُلْه، فإنِ امتنَعْتَ مِن أداءِ الدِّيَةِ، ومِن أنْ يَحلِفَ معَكَ خَمْسونَ رَجلًا مِن قَومِكَ؛ قتَلْناكَ به.
فجاء الرَّجُلُ إلى قَومِه، فذكَر لهم ذلك، فقالوا: نَحلِفُ أنَّك بَريءٌ مِن دَمِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمةَ، وأنَّك لم تَقتُلْه، فجاءتِ أبا طالبٍ امْرأةٌ مِن بَني هاشمٍ، اسمُها زَينبُ بنتُ عَلْقَمةَ أُختُ المَقْتولِ، وكانت زَوْجةً لرَجلٍ مِن هؤلاء الخَمْسينَ، واسمُه عبدُ العُزَّى بنُ قَيسٍ العامِريُّ، وكان لها منه ابنٌ اسمُه حُوَيطِبٌ، وكان مِن الخَمْسينَ الَّذين سيَحلِفونَ تبَعًا لخِداشٍ، فقالت: يا أبا طالبٍ، أُحِبُّ أنْ تُجيزَ -أي: تُسقِطَ- ابْني حُوَيطِبًا مِن هذا اليَمينِ، وتَعفُوَ عنه برَجلٍ، أي: بدلَ رَجلٍ مِنَ الخَمْسينَ، ولا تَصبُرْ يَمينَه، أي: ولا تُلزِمُه باليَمينِ، حيث تُصبَرُ الأيْمانُ، ويَمينُ الصَّبرِ: أنْ يُؤْتى بالرَّجلِ عندَ الكَعْبةِ، ويُلزَمُ باليَمينِ والقَسَمِ حتَّى يَحلِفَ، فلو حلَف مِن غيرِ إحْلافٍ لا يُقالُ له: حلَفَ صَبْرًا، ويَفعَلونَ ذلك بقَصدِ تَغْليظِها على صاحِبِها، ولا يَتجرَّأُ الكَذبَ، ففعَل أبو طالبٍ ما سَألَتْه، وأسقَطَ يَمينَ وَلَدِها مِن الخَمْسينَ، ثمَّ أتاه رَجلٌ آخَرُ مِن هؤلاء الخَمْسينَ، فقال: يا أبا طالبٍ، أردْتَ خَمْسينَ رَجلًا أنْ يَحْلِفوا مَكانَ مئةٍ مِن الإبِلِ، يُصيبُ كلَّ رَجلٍ بَعيرانِ، هذانِ بَعيرانِ فاقبَلْهما عنِّي، ولا تَصبُرْ يَميني حيث تُصبَرُ الأيْمانُ، فقَبِلَهما، فافْتَدى الرَّجلُ نفْسَه منَ اليَمينِ بدَفعِ حِصَّتِه مِن الدِّيَةِ بأنْ دفَع اثنَينِ مِن الإبِلِ، وفِعلُه هذا كان تَعْظيمًا لليَمينِ، وفي ذاتِ الوَقتِ لا يُكذِّبُ خِداشًا.
وجاء ثَمانيةٌ وأرْبَعونَ رَجُلًا، فحَلَفوا عندَ بَيتِ اللهِ الحَرامِ أنَّ خِداشًا بَريءٌ مِن دمِ المَقْتولِ، قال ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: فوالَّذي نَفْسي بيَدِه -يَعني: واللهِ الَّذي نَفْسي مِلكٌ له- ما أتَمُّوا العامَ الَّذي همْ فيه مِن يَومِ حَلِفِهم، ومِن الثَّمانيةِ والأربَعينَ الَّذين حَلَفوا عَينٌ تَطرِفُ، أي: تتَحرَّكُ، وهذا كِنايةٌ عن مَوتِهم جَميعًا، وإشارةٌ إلى تَحقُّقِ عِقابِ اللهِ عزَّ وجلَّ فيهم؛ ليَمينِهمُ الكاذِبةِ، وهي أشَدُّ إذا وقَعَت في بَيتِ اللهِ الحَرامِ.
وفي الحَديثِ: دَليلٌ على تَغْليظِ الحِنثِ في اليَمينِ، وأنَّ اللهَ تعالَى لم يُمهِلْ عنها مَن حنَث في الجاهِليَّةِ؛ ليَستدِلَّ المؤمِنُ على أنَّه مَن حنَثَ بعْدَ إقْرارِه بالحقِّ، وإيمانِه باللهِ سُبحانَه وتعالَى؛ فإنَّه أغلَظُ ذَنْبًا، وأفحَشُ جُرمًا، وأعظَمُ استِهْدافًا لأليمِ العُقوبةِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
موافقة الخبر الخبرأن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى
المحلىمن لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له
تخريج الإحياء للعراقيقالت عائشة رضي الله عنها ما كان من خلق أشد على أصحاب رسول
السلسلة الصحيحةقال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك
مختصر الشمائللا أغبط أحدا بهون موت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله
رياض الصالحينكنا إذا نزلنا منزلا لا نسبح حتى نحل الرحال
الترغيب والترهيبمن لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء
مجموع فتاوى ابن بازأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه
مجموع فتاوى ابن بازلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن
المحلىإنما سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعين أولئك العرنيين لأنهم سملوا
فتح الباري لابن حجرأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجة الوداع هذه
فتح الباري لابن حجرالمسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا يعلم فيه عيبا


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, July 16, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب