شرح حديث من أدرك جمعا مع الإمام والناس حتى يفيضوا منها فقد أدرك الحج
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
مَن أدرَكَ جمعًا معَ الإمامِ والنَّاسِ حتَّى يُفيضَ منها، فقد أدرَكَ الحجَّ، ومن لَم يُدرِكْ معَ النَّاسِ والإمامِ، فلم يُدرِكْ
الراوي : عروة بن مضرس الطائي | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 3040 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم يَحرِصُ على التَّخفيفِ على أمَّتِه في شَعيرةِ الحَجِّ؛ لِمَا فيه مِن المشقَّةِ وبَذلِ المالِ والجُهدِ في سَبيلِ
اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن أدرَك جَمْعًا"،
أي: أدرَك الوقوفَ بالمزْدَلِفَةِ، وهي المكانُ الَّذي يَنزِلُ فيه الحَجيجُ بعدَ الإفاضَةِ مِن عرَفاتٍ ويَبِيتُون فيه ليلةَ العاشِرِ مِن ذي الحِجَّةِ،
وفيه المشعَرُ الحَرامُ، وهو بجِوارِ مِنًى، وتَبعُدُ عن عرَفَةَ حوالي
( 12كم )؛ فمَنْ أدْرَكَ الوقوفَ بالمزدلفةِ "مع الإمامِ والنَّاسِ حتَّى يُفيضَ منها"،
أي: حتَّى يَرجِعوا، ويَنصرِفوا منها، "فقد أدرَك الحَجَّ"،
أي: تَمَّ حَجُّه ولَم يَفُتْه، وفي روايةٍ: "وقد وقَف قبلَ ذلك بعرَفَةَ ليلًا أو نَهارًا"، فتَقيَّد الوقوفُ بالمزدلِفَةِ بأنَّه يجِبُ أنْ يَسبِقَه الوُقوفُ بعرَفَةَ، وقد ورَد أنَّه قال: "مَن جاء قَبلَ صَلاةِ الفَجرِ مِن ليلَةِ جَمْعٍ فقَد تمَّ حَجُّه".
قال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "ومَن لَم يُدرِكْ معَ النَّاسِ والإمامِ"،
أي: ومَن تأخَّرَ عن لَحاقِ النَّاسِ والإمامِ بجَمْعٍ، "فلَم يُدرِكْ"،
أي: فقدْ فاتَه الحَجُّ.
قيل: وهذا كلُّه في غيرِ المرخَّصِ لهم مِن النِّساءِ، والأطفالِ، والعَجَزَةِ، ومَن يَقومُ عليهم؛ فإنَّهم لا يَجِبُ عليهم الوُقوفُ بالمزدلِفَةِ، بل يَجوزُ لهم أنْ يَتقدَّموا إلى مِنًى ليلًا، كما أَرْخَصَ في ذلك النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم؛ حيث أمَر الضَّعفَةَ أنْ يَتقدَّموا مِن جَمْعٍ بلَيلٍ.
والوقوفُ بعرَفَةَ مُجمَعٌ على أنَّه الرُّكنُ الأعظَمُ في الحَجِّ، وأمَّا الوقوفُ بالمزدلِفَةِ فظاهرُ قولِه صلَّى
الله عليه وسلَّم في هذا الحديثِ: "مَنْ أَدرَك جَمعًا معَ الإمامِ والنَّاسِ حتَّى يُفيضوا فقد أدرَك الحَجَّ، ومَن لَم يدرِكْ معَ الإمامِ والنَّاسِ فلَم يدرِكْ"، وقولِه في حديثٍ آخَرَ: "ومَن لَم يُدرِكْ جَمْعًا فلا حَجَّ له": أنَّ الوقوفَ بمزدلِفَةَ ركنٌ كعَرفَةَ، وهو مذهبُ بَعضِ العُلماءِ، وذهَب الجمهورُ إلى أنَّ الحَجَّ يتِمُّ دون الوقوفِ بمُزدلفةَ، وأنَّه يَجِبُ في فَواتِه دَمٌ، وحَمَلوا معنى هذا الحديثِ على أنَّه أُريدَ به أنَّ مَن فعَل جميعَ ذلك فقَد أتَى بالحَجِّ التَّامِّ الكامِلِ الفَضيلَةِ، ويَدُلُّ عليه ما أخْرَجُه الإمامُ أحمدُ وأصحابُ السُّننِ مِن حديثِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ قال: "شَهِدتُ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم وهو واقِفٌ بعَرفاتٍ، وأتاه ناسٌ مِن أهلِ نَجْدٍ فقالوا: يا رسولَ
اللهِ، كيف الحَجُّ؟ قال: الحَجُّ عرَفَةَ، مَن جاء قَبل صَلاةِ الفَجرِ مِن لَيلةِ جَمْعٍ فقد تَمَّ حَجُّه"، وأمَّا روايةُ النَّسائي "ومَن لم يُدْرِكْ مع الإمامِ والناسِ، فلم يُدرِكْ"، وكذا روايةُ أبي يَعلَى: "ومَن لم يُدرِكْ جَمعًا فلا حَجَّ له"؛ فهي زِيادةٌ، وهي أوَّلًا: لا تُعارِضُ لاحتِمالِها التَّأويلَ بأنْ يُرادَ: لا حَجَّ له،
أي: كامِلَ الفَضيلَةِ، وثانيًا: أنَّها مِن رِوايةِ مُطرِّفٍ عن الشَّعبيِّ، وهي مُنكَرةٌ؛ لأنَّ مُطرِّفًا كان يَهِمُ في المتونِ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم