كانَ مَالِكُ بنُ الحُوَيْرِثِ يُرِينَا كيفَ كانَ صَلَاةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وذَاكَ في غيرِ وقْتِ صَلَاةٍ، فَقَامَ فأمْكَنَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فأمْكَنَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فأنْصَبَ هُنَيَّةً، قالَ: فَصَلَّى بنَا صَلَاةَ شيخِنَا هذا أبِي بُرَيْدٍ، وكانَ أبو بُرَيْدٍ: إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الآخِرَةِ اسْتَوَى قَاعِدًا، ثُمَّ نَهَضَ.
الراوي : مالك بن الحويرث | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 802 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
كانَ الصَّحابةُ رَضيَ
اللهُ عنهمْ أشدَّ الناسِ حِرصًا عَلى تَعليمِ المُسلِمينَ أُمورَ دِينِهِمْ، وكانتِ الصَّلاةُ في ذِرْوةِ هذا الحِرصِ، وفي أُولى اهْتِماماتِهمْ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو قِلابةَ عبدُ
اللهِ بنُ زَيدٍ أنَّ مالِكَ بنَ الحُوَيْرِثِ رَضيَ
اللهُ عنه كانَ يُعلِّمُهم صِفةَ صَلاةِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ببَيانٍ عمَليٍّ، وظاهرُ تلك الرِّوايةِ أنَّه رَضيَ
اللهُ عنه يُرِيهم هَيئةَ كلِّ رُكنٍ مِن أركانِ الصَّلاةِ، ولم يَكنْ تَعليمُهُ هذا في وَقتِ الصَّلاةِ، بلْ في غَيرِ وَقتِ الصَّلاةِ، فكانت صَلاتُه صَلاةَ تَطوُّعٍ بقَصْدِ التَّعليمِ، ليسَتْ بفَرْضٍ ولا نافلةٍ، فلمَّا شَرَعَ رَضيَ
اللهُ عنه في الصَّلاةِ قامَ «
فَأَمْكنَ القِيامَ»، وذلك بأنْ قامَ ووَقَفَ مُنتصِبًا انتصابًا كامِلًا، ثمَّ رَكَعَ «
فأَمْكنَ الرُّكوعَ»، أيْ: جَعَلَ ظَهرَه مُستويًا، حتَّى لو صُبَّ عليه الماءُ لاستَقرَّ على ظَهْرِه، كما في حَديثِ وابصةَ بنِ مَعبَدٍ رَضيَ
اللهُ عنه عندَ ابنِ ماجه، ثمَّ رفَعَ رأْسَهُ مِن الرُّكوعِ، فانْتصَبَ واقِفًا، ورَجَعَ إلى الهَيئةِ التي كان عليها قبْلَ رُكوعِه، «
هُنَيَّةً» أيْ: وَقَفَ قَدْرًا يَسيرًا بيْن رُكوعِه وسُجودِه.ثمَّ أخبَرَ أبو قِلابةَ أيُّوبَ السَّخْتِيانيَّ الذي يَرْوي عنه الحديثَ أنَّ صَلاةَ مالكٍ رَضيَ
اللهُ عنه في هَيئتِها وصِفتِها تُشبِهُ تلك الصَّلاةَ التي يُصلِّيها شَيخُهم، يُشيرُ بذلك إلى أبي بُرَيدٍ، وهوَ عَمرُو بنُ سَلِمةَ الجَرْمِيُّ، كما أخبَرَ أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ، وكانَ الصَّحابِيُّ عَمرُو بنُ سَلِمةَ رَضيَ
اللهُ عنه إذا رَفعَ رأْسَهُ منَ «
السَّجْدةِ الآخِرةِ» والمرادُ بها السُّجودُ الثَّاني في الرَّكعةِ الوِتريَّةِ «
استَوى قاعدًا»، والمعنى: أنَّه رَضيَ
اللهُ عنه أتمَّ جُلوسَه ولم يَقُمْ مِن السُّجودِ مُباشَرةً، وهي التي تُسمَّى جِلسةَ الاستِراحةِ؛ قيل: إنَّ تلك الجِلسةَ هي إتمامٌ للرَّكعةِ، وقيل: إنَّ النبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ فعَلَها لِعارضٍ؛ إمَّا لكِبَرٍ أو مَرَضٍ، وقيل: بلْ هي مَقصودةٌ في الصَّلاةِ ولكنَّها خَفيفةٌ، ثمَّ قام عمْرٌو رَضيَ
اللهُ عنه إلى الرَّكعةِ الأُخرى لإتمامِ صَلاتِه.
وفي الحديثِ: الاطْمِئنانُ عندَ كلِّ رُكنٍ مِن أركانِ الصَّلاةِ.
وفيه: الحثُّ على التَّعليمِ والتَّعلُّمِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ جِلسةِ الاستراحةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم