شرح حديث من سرق من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين قال معمر
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
حرَّمَ اللهُ الظُّلمَ على نفْسِه، وجعَلَه بين عِبادِه مُحرَّمًا، وبيَّن عاقبةَ ذلك، ومِن الظُّلمِ: الغَصْبُ والاستِيلاءُ على حَقِّ الغَيرِ بِغيرِ وجْهِ حَقٍّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن سرَقَ مِن الأرضِ شِبْرًا"، أي: أخَذَه بغيرِ وجْهِ حَقٍّ، وقولُه: "شِبرًا" ليسَ المَقصودُ منه المقدارَ، بلِ المقصودُ التَّقليلُ؛ فَيشمَلُ ما فَوقَه وما دُونَه، "طُوِّقَه مِن سبْعِ أرَضينَ"، أي: يُجعَلُ هذا المقدارُ مِنَ الأرضِ كالطَّوقِ يُحيطُ به يومَ القِيامةِ عِقابًا له.
وقيل: يُطوَّقُ ما يكونُ ثِقَلُه المَغْصوبِ مِن سَبْعِ أرَضينَ.
وقيل: معناه: أنَّه يُخسَفُ به الأرضُ؛ فتَصيرُ البُقعةُ المغصوبةُ في عُنقِه كالطَّوقِ.
وقيل: معناه: يُطوَّقُ حَمْلَها يومَ القِيامةِ؛ مِن ( طوَّقَه ): إذا كلَّفَه.
وقيلَ: معنى يُطوَّق: أنْ يَقومَ بها كما غَصَبَها فهو يُعذَّبُ ليقومَ وهو لا يقومُ، ويَستمِرُّ ذلك حتَّى يُفرَغَ مِن حِسابِ النَّاسِ، كما في روايةِ أحمَدَ.
"قال مَعمَرٌ-وهو راوي الحَديثِ-: وبلَغَني عن الزُّهريِّ- ولم أسمَعْه منه- زادَ في هذا الحديثِ: ومَن قُتِلَ دونَ مالِه فهو شَهيدٌ"، وهذا يدلُّ على أمانةِ الرُّواةِ في تَأديةِ الحَديثِ كما بَلَغَهم، والمعنى: أنَّ للإنسانِ أنْ يَدفَعَ عن مالِه ضِدَّ المُغتصِبِ أو المُعْتَدي؛ فإنْ قُتِلَ صاحبُ المالِ في حالةِ دِفاعِه تلك، فلهُ في الآخِرةِ ثَوابُ الشُّهداءِ، إلَّا أنَّه يُغسَّلُ ويُكفَّنُ، بخلافِ شَهيدِ المعركةِ الَّذي لا يُغسَّلُ ولا يُكفَّنُ، ويُدفَنُ في ثِيابِه.
وفي الحديثِ: النَّهْيُ عن غَصْبِ الأرضِ، والوعيدُ الشَّديدُ لِمَن يَفعَلُ ذلك.
وفيه: أنَّ الأرَضينَ سَبعٌ كالسَّمواتِ.
وفيه: الحثُّ على دَفْعِ المُغتَصِبِ والمُعتدِي.
وفيه: تَغليظُ عُقوبةِ الظُّلمِ والغَصْبِ، والتَّشديدُ في أمْرِ غصبِ الأرضِ والاستِيلاءِ عليها بغيرِ وجهِ حقٍّ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم