شرح حديث كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فدميت إصبعه فقال
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
مِن الأسبابِ الَّتي يُدخِلُ
اللهُ بها عِبادَه المُؤمِنين الجنَّةَ: بَذْلُهم أَنفُسَهم وأمْوالَهم؛ إذ بَذَلوها في سَبيلِه، وهذا مِن فَضلِه وكَرمِه وإحسانِه.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جُندُبُ بنُ عبدِ
اللهِ رضِيَ
اللهُ عنه: "كنْتُ مع النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في غارٍ"، وهو الفَتحةُ الدَّاخلةُ في الجبَلِ، وفي رِوايةِ البُخاريِّ: "كان في بَعضِ المَشاهدِ"،
أي: المَغازي، وهي غَزوةُ أُحدٍ، قيل: وقد يُرادُ بالغارِ الجيشُ والجمْعُ، لا الغارُ الَّذي هو الكهفُ؛ لِيُوافِقَ رِوايةَ: "في بَعضِ المشاهِدِ"، "فدُمِيَتْ إصْبعُه"، وذلك مِن جُرحٍ ألَمَّ بها، "فقال النَّبيُّ صَلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ: هل أنْتِ إلَّا إصبعٌ دُمِيتِ، وفي سَبيلِ
اللهِ ما لَقِيتِ"،
أي: ما أصابَني مِن جُرحِ أصْبِعي وسَيلانِ الدَّمِ منه، هو في سَبيلِ
اللهِ، ورفْعِ كَلمتِه، ونشْرِ دَعوتِه، ولم يكُنْ ذلك هدَرًا.
وقيل: هذا مِن شِعرِ عبدِ
اللهِ بنِ رَواحةَ، تَمثَّلَ به رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الموقِفِ.
قال جُندبٌ رضِيَ
اللهُ عنه: "وأبطَأَ عليه جِبريلُ، فقال المُشرِكون: قد وُدِّعَ محمَّدٌ"،
أي: تُرِكَ وانقطَعَ عنه الوحيُ، وكان رسولُ
الله صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قد مَرِضَ، فلم يَقُمْ للتَّهَجُّدِ ليلتَيْنِ أو ثلاثًا، فجاءتِ امرأةٌ هي العَوْرَاءُ بنتُ حَرْبٍ أختُ أبي سُفْيانَ، وهي حَمَّالَةُ الحَطبِ زَوْجُ أبي لَهَبٍ، فقالتْ مُتهكِّمةً: "يا مُحمَّدُ، إنِّي لَأرْجُو أنْ يكونَ شَيطانُكَ قد تَرَكَك، لم أرَهُ قَرِبَكَ مُنذُ ليلتَيْنِ أو ثلاثًا"، مُتفقٌ عليه، "فأنزَلَ
اللهُ تبارَكَ وتعالى:
{ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } [
الضحى: 3 ]،
أي: ما قَطَعَك ربُّك قَطْعَ المُوَدِّعِ، ومعناهُ: ما قطَعَكَ منذُ أرسَلَك،
{ وَمَا قَلَى }،
أي: وما أَبْغَضَك.
وفي الحَديثِ: بَيانُ المشَّقةِ والجَهدِ الَّذي بذَلَه رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في سَبيلِ دَعوتِه، وأنَّه أُوذِي في بَدَنِه ونَفْسِه وصَبَرَ وهانَتْ عليه الصِّعابُ؛ مِن أجْلِ نَشْرِ الدِّينِ.
وفيه: بيانُ مَكانةِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عِندَ
اللهِ سبحانَه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم