لولا حدثان قومك بالشرك لهدمت البيت ولبنيته على قواعد إبراهيم فألصقته بالأرض

كانت قُرَيشٌ لمَّا بنَوُا الكَعْبةَ قصَّروا عن قَواعِدِ إبراهيمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبَنَوْا ما يُسمَّى بالحِجْرِ حَولَ الكَعْبةِ وهو منها.
وفي هذا الحَديثِ تَحكي عائشةُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "لولا حِدْثانُ قَومِكِ بالشِّركِ"، أي: لولا قُربُ عَهْدِهم بتَرْكِ الشِّركِ والكُفْرِ والدُّخولِ في الإسْلامِ؛ "لَهَدَمتُ البَيتَ"، وهو الكَعْبةُ المُشرَّفةُ، "ولَبَنَيْتُه على قَواعِدِ إبراهيمَ"، أي: أكْمَلتُ بِناءَه كُلَّه على قَواعِدِ البَيتِ التي وَضَعَها نَبيُّ اللهِ إبراهيمُ الخليلُ، وابنُه إسماعيلُ عليهما السَّلامُ، "فأَلصَقتُه بالأرضِ"، أي: جَعَلتُ البَيتَ ودَواخِلَه مُلتَصِقًا بالأرضِ غيرَ مُرتَفِعٍ عنها؛ ليَسهُلَ دُخولُ النَّاسِ، "وجَعَلتُ له بابَينِ شَرقيًّا وغَربيًّا"؛ ليَكونَ بابٌ للدُّخولِ وبابٌ في مُقابِلِه للخُروجِ؛ ليَسهُلَ الدُّخولُ والخُروجُ دون عَناءٍ أو تَكلُّفٍ من بابٍ واحدٍ.
وفي الحَديثِ: دَليلٌ على ارتِكابِ أيسَرِ الضَّررَينِ دَفعًا لأَكبرِهِما؛ لأنَّ قُصورَ البَيتِ أيسَرُ من افتِتانِ طائفةٍ مِن المُسلِمينَ ورُجوعِهم عَن دينِهِم.
وفيه: أنَّ النُّفوسَ تُساسُ بما تُساسُ إليه في الدِّينِ مِن غَيرِ الفَرائِضِ بأن يُترَكَ ويُرفَعَ عن النَّاسِ ما يُنكِرون مِنها .