إِذَا أَوَى إلى فراشِهِ سبَّحَهُ و كبرَهُ ، فتِلْكَ مائةٌ على اللسانِ ، و ألفٌ في الميزانِ ، فَأيُّكُمْ يَعْمَلُ في كلِّ يَوْمٍ و ليلةٍ ألفَيْنِ و خمسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ ؟ قيل : يا رسولَ اللهِ ! كَيْفَ لا يُحْصِيهِما ؟ قال يأتي أحدَكُمُ الشَّيْطَانُ في صلاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حاجَةَ كذا وكذا ، فلا يَذْكُرُهُ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح الأدب المفرد
الصفحة أو الرقم: 922 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
ذِكرُ
اللهِ عزَّ وجلَّ مِن أجلِّ الأعمالِ وأعظمِها ثوابًا وأيسرِها في الوَقتِ نفْسِه، وقد كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ الصَّحابةَ ويُرشِدُهم إلى ما يُقالُ مِن الأذكارِ في كلِّ وقتٍ، ومِن ذلك: ما يُقالُ بعدَ الصَّلاةِ، وعندَ النَّومِ، مُبيِّنًا فَضْلَ هذه الأذكارِ وعَظيمَ ثَوابِها.
وهذا المتْنُ جُزءٌ مِن حديثٍ أخرجَه البُخاريُّ في كتابِ الأدبِ المُفرَدِ،
وفيه يُخبِرُ عبدُ
اللهِ بنُ عمرٍو رضِيَ
اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "خَلَّتان"،
أي: صِفَتانِ "لا يُحصِيهما رجُلٌ مُسلمٌ"، يعني: لا يُحافِظُ ويُداوِمُ على هاتَينِ الخَصْلتَينِ عبْدٌ مُسلِمٌ، "إلَّا دخَلَ الجنَّةَ، وهُما يَسيرٌ، ومَن يَعمَلُ بهما قليلٌ"،
أي: إنَّ هاتَيْنِ الخَلَّتَينِ عَمَلُهما سَهلٌ وخفيفٌ، ولكنْ مَن يَعمَلُ بهما ويُداوِمُ عَليهِما عدَدُهم قليلٌ، "يُكبِّرُ أحَدُكم في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ عشْرًا، ويَحمَدُ عشْرًا، ويُسبِّحُ عشْرًا"،
أي: يَذكُرُ
اللهَ عزَّ وجلَّ عقِبَ كلِّ صَلاةٍ مِن الفَريضةِ، فيقولُ:
اللهُ أكبَرُ، عشْرَ مرَّاتٍ، والحمدُ للهِ، عشْرَ مرَّاتٍ، وسُبحانَ
اللهِ، عشْرَ مرَّاتٍ، "فذلك خَمْسون ومئةٌ على اللِّسانِ"؛ لأنَّها تُفعَلُ خمسَ مرَّاتٍ في اليومِ واللَّيلةِ، كلَّ مرَّةٍ ثلاثونَ، ومَجموعُهم مِئةٌ وخَمسون، "وألفٌ وخَمسُ مِئةٍ في المِيزانِ"،
يَعني: أنَّها تَكونُ مُضاعَفةً؛ لأنَّ الحَسَنةَ بعَشْرِ أمْثالِها، وهذه هي الخَصلَةُ الأُولى.
أمَّا الخَصلةُ الثَّانيةُ فيقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإذا أَوى إلى فِراشِه"،
يَعني: إذا أراد النَّومَ، "سبَّحه، وحَمِدَه، وكبَّرَه"، وفي رِوايةِ أبي داودَ: "ويكبِّرُ أربعًا وثلاثينَ إذا أخَذَ مَضجَعَه، ويَحمَدُ ثلاثًا وثلاثينَ، ويُسبِّحُ ثلاثًا وثلاثينَ"، قال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فتِلك مِئةٌ على اللِّسانِ، وألْفٌ في المِيزانِ، فأيُّكم يَعمَلُ في كلِّ يومٍ وليلةٍ ألْفينِ وخمْسَ مئةِ سيِّئةٍ؟" وهذا مِن التَّحريضِ على الإتيانِ بتلك الأذكارِ في مَواضِعِها، "قيل: يا رسولَ
اللهِ، كيف لا يُحصِيهما؟!"
أي: يُنكِرون على مَن لا يَستطيعُ فِعلَ تلك العِبادةِ مع عِظَمِ أجْرِها وسُهولَتِها، فقال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "يأْتي أحَدَكم الشيطانُ في صَلاتِه، فيُذكِّرُه حاجةَ كذا وكذا؛ فلا يَذكُرُه"،
أي: مِن حاجاتِ الدُّنيا وأشغالِها؛ حتَّى يَنصرِفَ مِن صَلاتِه دونَ أنْ يقولَ تلك الأذكارَ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الذِّكرِ بعدَ الصَّلاةِ؛ لِمَا فيه مِن أجْرٍ وثوابٍ عظيمٍ.
وفيه: بَيانُ أنَّ التَّوفيقَ إلى الخيرِ مِن فضْلِه سُبحانَه، وبَيانُ سَعَةِ فضْلِ
اللهِ تعالى وكرَمِه، وأنَّه يُثِيبُ على الأعمالِ أكثرَ مِن قَدْرِ التَّعبِ في أحيانٍ كثيرةٍ.
وفيه: بَيانُ حِرصِ الشَّيطانِ على تَثبيطِ الإنسانِ عنِ اكتِسابِ الخيراتِ، وإفسادِه وصَدِّه عن ذِكرِ
اللهِ تعالى.
وفيه: إثباتُ المِيزانِ، وأنَّ الأعمالَ تُوزَنُ يومَ القيامةِ
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم