بَينا أنا نائمٌ أتاني رجلانِ ، فأخذا بِضَبْعَيَّ فأتَيا بي جبلًا وعْرًا ، فقالا : اصعدْ .
فقلتُ : إنِّي لا أُطيقُهُ .
فقال : إنَّا سَنُسَهِّلُهُ لكَ .
فصعدتُ ، حتَّى إذا كنتُ في سَواءِ الجبلِ إذا بأصواتٍ شديدةٍ .
قلتُ : ما هذهِ الأصواتُ ؟ قالوا : هذا عُوَاءُ أهلِ النَّارِ ثمَّ انْطُلِقَ بي فإذا أنا بقَومٍ مُعلَقِينَ بعراقيبِهِم ، مُشَقَّقَةٌ أشداقُهُم ، تسيلُ أشداقُهُم دمًا .
قال : قلتُ : مَن هؤلاءِ ؟ قال : الَّذينَ يُفطِرونَ قبلَ تَحلَّةِ صَومِهِم .
فقال : خابتِ اليهودُ والنَّصارَى فقال سُلَيمُ : ما أدري أسمِعَهُ أبو أُمامَةَ مِن رسولِ اللهِ أم شيءٌ مِن رأْيِهِ ثمَّ انطلقَ بي ، فإذا أنا بقَومٍ أشدَّ شيءٍ انتفاخًا ، وأنتَنَهُ ريحًا ، وأسوأهُ مَنظرًا .
فقلتُ : مَن هؤلاءِ ؟ فقال : هؤلاءِ قتلَى الكفَّارِ .
ثمَّ انطلقَ بي فإذا أنا بقَومٍ أشدَّ شيءٍ انتفاخًا ، وأنتَنَهُ ريحًا ، كأنَّ ريحَهُم المَراحيضُ .
قلتُ : مَن هؤلاءِ ؟ قال : هؤلاءِ الزَّانونَ والزَّواني .
ثمَّ انطلقَ بي فإذا أنا بنساءٍ تنهشُ ثديَهُنَّ الحيَّاتُ .
قلتُ : ما بالُ هؤلاءِ ؟ قيلَ : هؤلاءِ يمنعَنَ أولادَهنَّ ألبانَهنَّ .
ثمَّ انطلقَ بي فإذا أنا بغِلمانٍ يلعبونَ بينَ نهرَينِ .
قلتُ : مَن هؤلاءِ ؟ قيلَ : هؤلاءِ ذراريُّ المؤمنينَ .
ثمَّ شرفَ بي شرفًا ، فإذا أنا بثلاثةٍ يشربونَ مِن خمرٍ لهُم .
قلتُ : مَن هؤلاءِ ؟ قال : هؤلاءِ جعفرٌ ، وزيدٌ ، وابنُ رَواحةَ .
ثمَّ شرفَ بي شرفًا آخرَ ، فإذا أنا بنفرٍ ثلاثةٍ .
قلتُ : مَن هؤلاءِ ؟ قال : هذا إبراهيمُ ، وموسَى ، وعيسَى ، وهُم ينتظرونَكَ
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 2393 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه النسائي في ( (السنن الكبري )) ( 3286 ) مختصراً، وابن خزيمة ( 1986 )، وابن حبان ( 7491 ) باختلاف يسير.
رُؤيا الأنبياءِ حَقٌّ، وما يَراهُ النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم في مَنامِهِ يكونُ تعليمًا وإخْبارًا مِنَ
اللهِ بأُمورٍ وأحْكامٍ خَفيَّةٍ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو أُمامةَ الباهليُّ رضِيَ
اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم: "بيْنا أنا نائِمٌ"،
أي: رأيْتُ رُؤيا وأنا نائِمٌ، "أتاني رَجُلانِ"،
أي: مَلَكَانِ على هَيْئةِ رَجُليْنِ "فأخَذَا بضَبْعَيَّ" والضَّبْعُ: العضُدُ، والعضُدُ: ما بين المِرْفَقِ والكتِفِ، "فأَتَيا بي جَبَلًا وَعِرًا"،
أي: صعْبًا، "فقالا: اصْعَدْ، فقلتُ: إنِّي لا أُطيقُه"،
أي: لا أستطيعُ صُعودَه، "فقال: إنَّا سُنسهِّلُه لك، فصَعِدْتُ، حتى إذا كنتُ في سَواءِ الجَبَلِ"،
أي: وَسَطِهِ، "إذا بأصْواتٍ شديدةٍ"،
أي: سمِعْتُ أصواتًا عاليةً، "قلتُ: ما هذه الأصواتُ؟ قالوا: هذا عُواءُ"،
أي: صِياحُ "أهْلِ النارِ، ثم انْطَلَقَ بي، فإذا أنا بقَوْمٍ مُعلَّقينَ بعَراقيبِهم" جمْعُ عُرقُوبٍ، وهو مُؤخَّرُ القَدَمِ، "مُشقَّقةٌ أشْداقُهم" جمْعُ شِدْقٍ وهو جانِبُ الفمِ، "تَسيلُ أشْداقُهم دمًا، قال: قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قال: الذين يُفطِرون قبلَ تَحِلَّةِ صوْمِهم"،
أي: يَتعمَّدون الإفْطارَ قبل مَوْعدِه في رَمَضانَ، "فقال: خابتِ اليَهودُ والنَّصارى،- فقال سُلَيْمٌ" وهو ابْن عامِرٍ الكَلاعِيِّ أحدِ رُواةِ هذا الحديثِ: "ما أدْري أسَمِعَه أبو أُمامةَ مِن رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم أمْ شيءٌ من رأْيِه-"، قال النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم: "ثم انْطَلَقَ بي،"،
أي: ذَهَبوا بي "فإذا أنا بقَوْمٍ أشَدَّ شيءٍ انتفاخًا"،
أي: مُنْتفِخةً أجسادُهم، "وأنْتَنِهِ ريحًا، وأَسْوَئِهِ منظرًا،"،
أي: ومَنْظرُهم مثلُ أقْبحِ منظرٍ تراهُ العَيْنُ، "فقلتُ: مَن هؤلاءِ؟ فقال: هؤلاءِ قتْلَى الكُفارِ" الذين قُتِلوا وهُم كُفارٌ يُحارِبون الحقَّ، "ثم انْطَلَقَ بي، فإذا أنا بقَوْمٍ أشدَّ شيءٍ انتفاخًا، وأنْتَنِهِ ريحًا، كأنَّ رِيحَهم المراحيضُ" جمْعُ المِرْحاضِ وهو مَوضِعُ غُسالةِ النَّجاساتِ، "قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قال: هؤلاءِ الزانون والزَّواني" الذين يَأْتون ويَرْتَكِبون فاحِشَةَ الزِّنا المُحرَّمةَ "ثم انْطَلَقَ بي، فإذا أنا بنِساءٍ تَنْهَشُ ثُدِيَّهُنَّ الحياتُ"،
أي: تَلْسَعُ تَلْدَغُها بالسُّمِّ، "قلتُ: ما بالُ هؤلاءِ؟ قيل: هؤلاءِ يَمْنَعْنَ أوْلادَهُنَّ ألْبانَهُنَّ"،
أي: لا يُرضِعْنَ أوْلادَهُنَّ بغيرِ عُذرٍ يَمْنَعْهُنَّ،
وفيه: بيانُ خُطورَةِ امْتِناعِ الأُمَّهاتِ عن إرْضاعِ أوْلادِهِنَّ الرَّضاعةَ الطبيعيَّةَ، والزجرُ عنه إذا تَضرَّرَ الطفلُ بذلك، أو لم يَكُنْ له مُرضِعٌ، أو اكتفَى بالحليبِ الصِّناعيِّ دون أن يَتضرَّرَ به.
"ثم انْطَلَقَ بي، فإذا أنا بغِلْمانٍ"،
أي: أطفالٍ صِغارٍ "يَلْعَبون بين نَهْريْنِ، قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قيل: هؤلاءِ ذَراريُّ المؤمنين"،
أي: أطفالُ المسلمين الذين ماتوا صِغارًا "ثم شَرَفَ بي شَرَفًا"،
أي: علا وارْتَفَعَ بي مَكانًا عاليًا "فإذا أنا بثلاثةٍ يَشْرَبون من خَمْرٍ لهم، قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قال: هؤلاءِ جَعْفَرٌ" وهو ابْنُ أبي طالبٍ "وزَيْدٌ" وهو ابْنُ حارِثةَ حِبُّ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم "وابْنُ رَواحةَ" وهو عبدُ
اللهِ بْنُ رواحَةَ، وهؤلاءِ الثلاثةُ قادةُ غَزْوةِ مُؤْتَةَ الذين استُشْهِدوا بها، "ثم شَرَفَ بي شَرَفًا آخَرَ، فإذا أنا بنَفَرٍ ثلاثةٍ.
قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قال: هذا إبْراهيمُ، وموسى، وعيسى، وهُمْ ينْتَظِرونَكَ" وهؤلاءِ ثلاثةٌ مِنَ الأنبياءِ من أُولي العَزْمِ.
وفي الحديثِ: بيانُ خُطورةِ تعمُّدِ إفْطارِ الصائِمِ قبلَ الغُروبِ.
وفيه: بيانُ خُطورَةِ امْتِناعِ الأُمَّهاتِ عن إرْضاعِ أوْلادِهِنَّ.
وفيه: مَنْقبةٌ للصَّحابةِ الثلاثِ المذكورينَ بالحديثِ.
وفيه: الإخبارُ عن حالِ بَعضِ عُصاةِ المُؤمنِينَ الذين استحقُّوا العذابَ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم