جاء ملَكُ الموتِ إلى ( وفي طريقٍ : إنَّ ملَكَ الموتِ كان يأتي النَّاسَ عيانًا ، حتَّى أتَى ) موسَى عليه السَّلامُ ، فقال له : أجِبْ ربَّك ، قال : فلطم موسَى عليه السَّلامُ ، عينَ ملَكِ الموتِ ففقأها ، فرجع الملَكُ إلى اللهِ تعالَى ، فقال : [ يا ربِّ ! ] إنَّك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا يريدُ الموتَ ، وقد فقأ عيني ، [ ولولا كرامتُه عليك لشققتُ عليه ] .
قال : فردَّ اللهُ إليه عينَه ، وقال : ارجِعْ إلى عبدي فقُلْ : الحياةَ تريدُ ؟ فإن كنتَ تريدُ الحياةَ ؛ فضَعْ يدَك على متنِ ثورٍ ، فما توارت يدُك من شعرةٍ ؛ فإنَّك تعيشُ بها سنةً ، قال : [ أيْ ربِّ ! ] ثمَّ مه ؟ قال : ثمَّ تموتُ ، قال : فالآن من قريبٍ ، ربِّ ! أمِتْني من الأرضِ المُقدَّسةِ رميةً بحجَرٍ ! [ قال : فشَمَّه شمَّةً فقبض روحَه ، قال : فجاء بعد ذلك إلى النَّاسِ خُفيًا ]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني
| المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 3279 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه البخاري ( 1339 )، ومسلم ( 2372 ) باختلاف يسير.
كَتبَ
اللهُ تعالى الموتَ على جميعِ الخلائقِ؛ فهو وحْدَه الحيُّ الَّذي لا يَموتُ، وما يُعمَّرُ مَخلوقٌ إلَّا ومَصيرُه إلى الموتِ والفناءِ، حتَّى مَلَكُ الموتِ نفسُه يُذِيقُه
اللهُ تعالى الموتَ كما قَبَضَ به رُوحَ عِبادِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "جاء مَلَكُ الموتِ إلى -وفي طريقٍ: إنَّ مَلَكَ الموتِ كان يأْتي النَّاسَ عِيانًا، حتَّى أتى- مُوسى عليه السَّلامُ"،
أي: حتَّى أُرسِلَ لمُوسى عليه السَّلامُ، "وعِيانًا"،
أي: ظاهرًا في صُورةِ إنسانٍ، وإنَّما بعَثَه إليه اختبارًا وامتحانًا، "فقال له"،
أي: مَلَكُ الموتِ لمُوسى عليه السَّلامُ: "أجِبْ ربَّك"، وهذا كِنايةٌ عن أمْرِه بقبْضِ رُوحِه وموتِ نبيِّ
اللهِ مُوسى عليه السَّلامُ، "فلطَمَ مُوسى عليه السَّلامُ عينَ مَلَكِ الموتِ، ففقَأَها"،
أي: تسبَّبتْ لَطمَتُه في عَوارِ عينِ مَلَكِ الموتِ، وقِيل في ذلك: إنَّ مُوسى عليه السَّلامُ لم يَعلَمْ أنَّه مَلَكٌ مِن عندِ
اللهِ، وظنَّ أنَّه رجلٌ قصَدهُ يُرِيد نفْسَه، فدافَعهُ عنْها، فأدَّتِ المُدافعةُ إلى فَقْءِ عَينِه، لا أنَّه قصَدَها، وقيل: لطَمَه لأنَّه جاء لقَبْضِ رُوحِه مِن قَبْلِ أنْ يُخيِّرَه؛ لِمَا ثبَت أنه لم يُقبَضْ نبيٌّ حتى يُخيَّرَ؛ فلهذا لَمَّا خَيَّرَه في المرةِ الثانيةِ أذْعَنَ، "فرجَعَ المَلَكُ إلى
اللهِ تعالى، فقال: يا ربِّ، إنَّك أرْسَلْتَني إلى عبدٍ لك لا يُرِيد الموتَ، وقد فقَأَ عَيني، ولولا كرامتُه عليك"،
أي: مَنزلتُه عندَ
اللهِ عزَّ وجلَّ، "لَشققْتُ عليه"،
أي: أوقعْتُه في المشقَّةِ، قال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فرَدَّ
اللهُ إليه عينَه"،
أي: عينَ مَلَكِ الموتِ، "وقال"،
أي: اللهُ عزَّ وجلَّ: "ارجِعْ إلى عبْدي"، يَقصِدُ مُوسى، "فقُلِ: الحياةَ تُرِيدُ؟"
أي: هلْ تُرِيد الحياةَ؟ "فإنْ كنتَ تُرِيد الحياةَ، فضَعْ يدَكَ على متْنِ ثَورٍ، فما توارَتْ"،
أي: غطَّتْ، "يدُك مِن شَعَرةٍ؛ فإنَّك تَعيشُ بها سَنةً، قال: أيْ رَبِّ، ثمَّ مَهْ؟ قال: ثمَّ تموتُ، قال"،
أي: مُوسى عليه السَّلامُ، "فالآنَ مِن قَريبٍ"،
أي: ما دام أنَّ كلَّ حياةٍ يَعقُبُها موتٌ وفَناءٌ، فالآنَ، "ربِّ، أمِتْني مِن الأرضِ المقدَّسةِ رمْيةً بحَجرٍ"،
أي: ثمَّ سألَ مُوسى عليه السَّلامُ ربَّه أنْ يُقرِّبَه مِن بيتِ المَقْدِسِ مَسافةَ رَمْيِ حَجَرٍ، بحيثُ لو رَمى رامٍ حجَرًا مِن ذلك الموضعِ -الَّذي هو مُوضِعُ قبرِه- لَوصلَ إلى بيتِ المَقدِسِ، قال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فشَمَّه شمَّةً"،
أي: دنَا مَلَكُ الموتِ مِن مُوسى، وقِيل: مِن الشَّمِّ كما تُشَمُّ الرَّائحةُ الزَّكيَّةُ، "فقبَضَ رُوحَه"،
أي: أماتَه، قال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فجاء بعدَ ذلك إلى النَّاسِ خَفِيًّا"،
أي: فكان هذا سَببَ أنْ يأتِيَ مَلكُ الموتِ لمَن أراد أنْ يَقبِضَ رُوحَه في سِترٍ وعدَمِ ظُهورٍ.
وفيه: إثباتُ وُجودِ مَلكِ الموتِ، وأنَّه يُخاطِبُ مَن يَقبِضُ رُوحَه.
وفيه: بيانُ كرامةِ مُوسى عليه السَّلامُ على
اللهِ.
وفيه: أنَّ مَلَكَ الموتِ كان يأتي الناسَ عَيانًا في زَمنِ الأنبياءِ قَبْلَنا
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم