لمَّا حُضِرَتْ بنتٌ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ صغيرةٌ فأخذَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فضمَّها إلى صدرِهِ ، ثمَّ وضعَ يدَهُ عليها ، فقَضَت ، وَهيَ بينَ يدي رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فبَكَت أمُّ أيمنَ ، فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : يا أمَّ أيمنَ ، أتبكينَ ورسولُ اللَّهِ عندَكِ ، فقالَت : ما لي لا أبكي ورسولُ اللَّهِ يبكي ، فقالَ رسولُ اللَّهِ : إنِّي لَستُ أبكي ، ولَكِنَّها رحمةٌ ، ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : المؤمنُ بخيرٍ علَى كلِّ حالٍ تنزعُ نفسُهُ من بينِ جنبيهِ وَهوَ يَحمدُ اللَّهَ عزَّ وجلَّ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 1842 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
مِن فَضلِ
اللهِ تعالى على المؤمِنين أنْ جعَل كلَّ أحوالِهم خيرًا لهم؛ ففي حالِ السَّرَّاءِ إذا شكَر العَبدُ ربَّه كان له خيرًا، وفي حالِ الضَّرَّاءِ إذا صبَر العبدُ على قضاءِ
اللهِ سبحانه وتعالى، وقدَرِه كان له خيرًا.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ
اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي
اللهُ عَنهما: أنَّه "لَمَّا حُضِرَتْ بنتٌ لرسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم صغيرةٌ"، بصيغةِ المجهولِ،
أي: حَضَرها أجَلُها وجاءَتْها الوفاةُ، ولم يَذكُرِ اسْمَها، "فأخَذَها رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم"،
أي: أخَذَ ابنتَه الصَّغيرةَ، فضَمَّ رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم ابنَتَه الصَّغيرةَ وحضَنها إلى صَدرِه، "ثمَّ وضَع يدَه عليها فقَضَت"،
أي: ماتَتْ وانتَهى أجَلُها، "وهي بينَ يدَيْ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم"،
أي: على يدِه وهو حامِلُها، "فبَكَت" برَفْعِ صوتِها، "أمُّ أيمنَ"، ويُقال: اسمُها برَكةُ، وقيل: تُعرَفُ بأمِّ الظِّباءِ، وهي مولاةُ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم، وحاضِنَتُه، وهي والدةُ أسامةَ بنِ زيدٍ، ماتَتْ في خلافةِ عُثمانَ رَضِي
اللهُ عَنهم أجمَعين، فقال لها رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم لأمِّ أيمنَ: "يا أُمَّ أيمنَ، أتَبْكين ورسولُ
اللهِ عندَكِ؟!"، وهو استِفهامٌ إنكاريٌّ،
أي: كيف تَبْكين بصوتٍ مرتفِعٍ، وأنا عندَكِ؟! فقالت أمُّ أيمنَ: "ما لي لا أبكي"،
أي: كيف لا أبكي "ورسولُ
اللهِ يَبْكي؟!" فأنا أَبْكي لبُكائِه، "فقال رسولُ
اللهِ: إنِّي لستُ أبكي"،
أي: برَفْعِ الصَّوتِ والصِّياحِ، "ولكنَّها رَحمةٌ"،
أي: أبكي فقَط بالدَّمعِ وهي رَحمةٌ، وأمَّا برَفعِ الصَّوتِ فلا.
ثمَّ قال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "المؤمِنُ بخيرٍ على كلِّ حالٍ"،
أي: إنَّ جميعَ أحوالِ المؤمِنِ له خيرٌ؛ في حالِ السَّرَّاءِ يَشكُرُ
اللهَ تعالى، فله الخيرُ والأجرُ مِن
اللهِ سبحانه وتعالى، وفي حالِ الضَّرَّاءِ يَصبِرُ ويَحمَدُ
اللهَ تعالى ويرضَى بقَضائِه، ومِن صَبرِه أنَّه "تُنزَعُ نَفْسُه"،
أي: تَخرُجُ رُوحُه، "مِن بينِ جَنبَيه، وهو يَحمَدُ
اللهَ عزَّ وجلَّ"، ويَرضى بقَضاءِ
اللهِ سبحانه وتعالى، فلَم يَجزَعْ، بل إنَّه يَحمَدُ
اللهَ سبحانه وتعالى، ويَصبِرُ، فله خيرٌ وثوابٌ عظيمٌ مِن
اللهِ سبحانه وتعالى.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ البُكاءِ على الميِّتِ بلا صِياحٍ.
وفيه: بيانٌ لرَحمةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم وشفَقتِه .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم