يا أيُّها النَّاسُ ! أمَا لكم في العَصَبِ والكتَّانِ ما يُغنيكمْ عن الحريرِ ؟ وهذا رجلٌ يخبرُ عَن رسولِ اللهِ .
قُمْ يا عقبةُ ! فقام عُقبةُ بنُ عامرٍ وأنا أسمعُ فقال : إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ : مَن كذَب عليَّ مُتعمِّدًا ؛ فلْيتبوَّأْ مقعدَه مِن النَّارِ وأشهَدُ أنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ يقول : مَن لبسَ الحريرَ في الدُّنيا ؛ حُرِمَه أن يلبسَه في الآخرةِ
الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 2052 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
نظَّمَ الشَّرعُ الحَكيمُ أُمورَ النَّاسِ في كلِّ شَيءٍ، ومِن ذلك تَنظيمُه لِأُمورِ المَلْبَسِ، ففَصَّلَ فيما يَجتمِعُ ويَفترِقُ فيه النِّساءُ والرِّجالُ، وفي هيْئاتِ الملابِسِ الَّتي لا تُناسِبُ الرُّجولةَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ التَّابعيُّ هِشامُ بنُ أبي رُقيَّةَ: "سمِعْتُ مَسلَمةَ بنَ مُخلَّدٍ وهو قاعِدٌ على المِنبَرِ يَخطُبُ النَّاسَ، وهو يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، أمَا لكم في العَصْبِ والكَتَّانِ ما يُغنِيكم عن الحَريرِ؟!"
أي: لكم فيهما غُنيةٌ تُغْنيكم عن لُبْسِ الحريرِ، والعَصْبُ: بُرودٌ يَمنيَّةٌ، يُجمَعُ ويُشَدُّ غَزلُها، ثمَّ يُصبَغُ ويُنسَجُ، وقيل: هي بُرودٌ مُخطَّطةٌ، أمَّا الكَتَّانُ فيُقصَدُ به الثِّيابُ المصنوعةُ مِن الكَتَّانِ، وتكونُ ناعمةً.
قال مَسلَمةُ: "وهذا رجُلٌ يُخبِرُ عن رَسولِ
اللهِ"،
أي: يَروي عَن رَسولِ
اللهِ في أمْرِ الحَريرِ: "قُمْ يا عُقبةُ"،
أي: قُم فأَخْبِرِ الناسَ بما عِندَك في هذا الأمرِ وكان مَسْلَمةُ بنُ مَخلَدٍ واليًا على مصرَ في خِلافةِ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ؛ ولذلك وجَّه الأمرَ إلى عَقبةَ "فقام عُقبةُ بنُ عامرٍ وأنا أسمَعُ، فقال: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن كذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا فَلْيتَبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِن النَّارِ"،
أي: إنَّ لِلكاذِبِ على النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في الآخِرةِ مَجلِسًا في النَّارِ؛ جَزاءً له على كَذِبِهِ عليه؛ فمَن استحَلَّ ذلك فهو خالِدٌ في النَّارِ في هذا المَقعدِ، وأمَّا غيرُ المُستحِلِ فإنَّه يُجازَى على عمَلِهِ بحَسَبِه، أو يُعْفَى عنه، وإنْ أُدْخِلَ النَّارَ فإنَّه لا يُخَلَّدُ فيها، بلْ يُعَذَّبُ على قَدْرِ عمَلِهِ، ثمَّ يُدْخِلُه
اللهُ الجنَّةَ برَحمتِهِ، وقد قدَّمَ عُقبةُ بنُ عامرٍ رضِيَ
اللهُ عنه حَديثَ الكذِبِ على النَّبيِّ صَلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ تَوْطِئَةً وتَمهيدًا لِمَا سيَسوقُهُ في أمْرِ لُبْسِ الحريرِ، وأنَّه صادِقٌ فيما سَمِعَه؛ لأنَّه يَعلَمُ عُقوبةَ الكذِبِ على رَسولِ
اللهِ صَلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال عُقبةُ: "وأشهَدُ أنِّي سمِعْتُ رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن لَبِسَ الحريرَ في الدُّنيا، حُرِمَه أنْ يَلبَسَهُ في الآخرةِ"،
أي: مَن لَبِسَ الحَريرَ الخالِصَ في الدُّنيا مِنَ الرِّجالِ لِغيرِ عُذرٍ، حُرِمَ منه يومَ القِيامةِ؛ إمَّا لِحِرْمانهِ مِنَ الجنَّةِ إنْ كان مُستحِلًّا لذلك، أو لأنَّه يَدخُلُ الجنَّةَ، ولكنَّه يُحْرَمُ منه فيها عُقوبةً له.
وقد ورَدتِ الرِّواياتُ الصَّحيحةُ على أنَّ الرِّجالَ يُسمَحُ لهم ببَعضِ الحريرِ في الثِّياب بما لا يُجاوِزُ عَرْضُه إصْبَعينِ إلى أربعِ أصابعَ تُتَّخذُ أعْلامًا، وحاشيةً للثِّيابِ.
وأمَّا النِّساءِ فليس عليهن شيءٌ في لُبْسِ الحَريرِ.
وفي الحَديثِ: نَهيُ الرِّجالِ عَن لُبْسِ الحريرِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم