لما كان يومُ خيبرَ أصاب الناسَ مجاعةٌ فأخذوا الحمرَ الأهليةَ فذبحوها وأغلُوا منها القدورَ فبلغ ذلك النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال جابرٌ فأمرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكفأنا القدورَ وقال إن اللهَ سيأتيكم برزقٍ هو أحلُّ لكم من هذا وأطيبُ فكفأنا يومئذٍ القدورَ وهي تغلِي قال فحرم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحومَ الحمُرِ الأنسيةِ ولحومَ الخيلِ والبغالِ وكلَّ ذي نابٍ من السباعِ وكلَّ ذي مِخلَبٍ من الطيرِ وحرم المجثمةَ والخلسةَ والنهبةَ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الهيثمي
| المصدر : مجمع الزوائد
الصفحة أو الرقم: 5/50 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني عمر بن حفص السدوسي وهو ثقة
التخريج : أخرجه الترمذي ( 1478، 1795 ) مفرقاً مختصراً، وأحمد ( 14463 ) باختلاف يسير
بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ الحَلالَ والحَرامَ في كلِّ شَيءٍ؛ حتَّى يكونَ المُؤمنُ على بيِّنَةٍ مِن أمْرِه في تَجنُّبِ الحَرامِ؛ في الأموالِ والأعْراضِ، والأطعِمةِ، وغيرِ ذلك، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ؛ حيث روى جابرُ بنُ عبدِ
اللهِ الأنصاريُّ رضِيَ
اللهُ عنهما: "لمَّا كان يومُ خيبرَ"،
أي: يومُ غَزوةِ خَيبرَ، وكانت في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهِجرةِ، وخيبرُ: قريةٌ تَبعُدُ عن المدينةِ 165 ميلًا
( 265كم ) على طريقِ الشَّامِ، "أصاب النَّاسَ مَجاعةٌ"،
أي: جُوعٌ؛ لِقِلَّةِ الأزوادِ والطَّعامِ، "فأَخَذوا الحُمرَ الأهليَّةَ، فذَبَحوها وأغْلُوا منها القُدورَ"،
أي: لِيُنضِجوها ويَطبُخوها ويأْكُلوها، والحُمرُ الأهليَّةُ هي الَّتِي تَألَفُ البُيوتَ وتَأنَسُ بالنَّاسِ، والقُدورُ جمْعُ قِدْرٍ؛ وهو ما يُطبَخُ فيه الطَّعامُ، "فبلَغَ ذلك النَّبيَّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، قال جابرٌ: فأمَرَنا رسولُ
اللهِ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فكفَأْنا القُدورَ"،
أي: قُلِبَت وأُكِبَّت على أفواهِها بما فيها مِن لَحْمٍ، "وقال: إنَّ
اللهَ سيَأتِيكم برِزقٍ هو أحَلُّ لكم مِن هذا وأطيَبُ، فكفَأْنا يومئذٍ القُدورَ وهي تَغْلِي"، وهذا إشارةٌ إلى قُربِ نُضوجِها، ومع ذلك أطاعوا أمْرَ النَّبيِّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، قال جابرٌ رضِيَ
اللهُ عنه: "فحرَّمَ رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ لُحومَ الحُمُرِ الأَنَسيَّةِ"،
أي: هذه الَّتي نُهِيَ عن أكْلِ لُحومِها، بخِلافِ الحُمُرِ الوحشيَّةِ الَّتي تَنفِرُ منهم؛ فإنَّها أُبِيحَت في أحاديثَ أُخرَى، "ولُحومَ الخَيلِ والبِغالِ"،
أي: وكذلك حرَّمَ لَحمَ الخيلِ والبَغلِ، إلَّا أنَّه في رِوايةِ مُسلمٍ قال: "إنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى يومَ خَيبرَ عن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ، وأذِنَ في لُحومِ الخَيلِ"، وكذلك لم تَرِدْ لَفظةُ
( الخيلِ ) في رِوايةِ أحمَدَ.
قال جابرٌ رضِيَ
اللهُ عنه: "وكلَّ ذي نابٍ مِن السِّباعِ"،
أي: نَهى عن أكْلِ لَحمِ كلِّ حَيوانٍ مُفترِسٍ يأكُلُ لُحومَ الحيواناتِ، والنَّابُ: السِّنُّ الَّتي يَعتمِدُ بها السَّبُعُ في جَرحِ كلِّ ما يَعتَدي عليه، "وكلَّ ذي مِخلَبٍ مِن الطَّيرِ"،
أي: ونَهى عن أكْلِ الطُّيورِ الجارحةِ الَّتي لها مَخالِبُ وأظافرُ، "وحرَّمَ المُجثَّمةَ"، وهي الحيواناتُ الَّتي تُحبَسُ وتُمنَعُ مِن الحَركةِ، وتُجعَلُ هدفًا، وتُرمى بالنَّبلِ، وهذا الفِعلُ يَكثُرُ في الطَّيرِ والأرانبِ وأشباهِ ذلك، ممَّا يَجْثِمُ في الأرضِ،
أي: يَلزَمُها ويَلتَصِقُ بها، والمُرادُ: أنَّها مَيتَةٌ لا يَحِلُّ أكْلُها، "والخُلْسةَ" مِن: خلَسْتُ الشَّيءَ واختلَسْتُه؛ إذا سَلَبْتهُ، "والنُّهبةَ"، وهو كلُّ شَيءٍ مَنهوبٍ ومَسروقٍ.
وقيل: هي أخْذُ الجَماعةِ الشَّيءَ اختطافًا على غيرِ سَويَّةٍ؛ لكي يَجتنِبَ السَّبقَ إليه.
وفي الحديثِ: بَيانٌ لبَعضِ الخبائثِ المَنهيِّ عنها من المأكولاتِ والمشروباتِ.
وفيه: حِرْصُ الإسلامِ على أنْ يأخُذَ المُسلِمُ الطَّيِّباتِ في كلِّ شَيءٍ؛ مِن المأكلِ والمَشْربِ والمالِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم