حديث إن الله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل بدوية مهلكة معه

أحاديث نبوية | حلية الأولياء | حديث عبدالله بن مسعود

«إنَّ المؤمنَ يرَى ذنوبَه كأنَّه قاعدٌ تحت جبلٍ يخافُ أن يقعَ عليه ، وإنَّ الفاجرَ يرَى ذنوبَه كذُبابٍ مرَّ على أنفِه ، فقال له هكذا . قال : وقال : إنَّ اللهَ أفرحُ بتوبةِ العبدِ من رجلٍ نزل بدَوِّيَّةٍ مَهلَكةٍ ، معه راحلتُه ، عليها طعامُه وشرابُه ، فوضع رأسَه فنام نومةً ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلتُه عليها طعامُه وشرابُه ، فانطلق في طلبِها حتَّى اشتدَّ عليه العطَشُ أو الجوعُ – شكَّ أبو شهابٍ – قال : أرجِعُ إلى مكاني فأموتُ فيه ، فرجع إلى مكانِه فوضع رأسَه فاستيقظ فإذا هو براحلتِه عنده ، وعليها طعامُه وشرابُه»

حلية الأولياء
عبدالله بن مسعود
أبو نعيم
متفق على صحته[أي:بين العلماء]

حلية الأولياء - رقم الحديث أو الصفحة: 4/141 -

شرح حديث إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

إنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأنَّهُ قاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخافُ أنْ يَقَعَ عليه، وإنَّ الفاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبابٍ مَرَّ علَى أنْفِهِ فقالَ به هَكَذا، قالَ أبو شِهابٍ: بيَدِهِ فَوْقَ أنْفِهِ.
ثُمَّ قالَ: لَلَّهُ أفْرَحُ بتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وبِهِ مَهْلَكَةٌ، ومعهُ راحِلَتُهُ، عليها طَعامُهُ وشَرابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنامَ نَوْمَةً، فاسْتَيْقَظَ وقدْ ذَهَبَتْ راحِلَتُهُ، حتَّى إذا اشْتَدَّ عليه الحَرُّ والعَطَشُ أوْ ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: أرْجِعُ إلى مَكانِي، فَرَجَعَ فَنامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فإذا راحِلَتُهُ عِنْدَهُ.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 6308 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ][ أورده في صحيحه وذكر له متابعة وعلق عليه ]



مِن لُطفِ اللهِ عزَّ وجلَّ بعِبادِه أنْ يَسَّرَ لهم أبْوابَ التَّوبةِ والاستغفارِ حتى يرجِعَ المذنِبُ إلى رَبِّه ويتوبَ مِن ذُنوبِه مهما كانت عظيمةً، ولكِنْ ينبغي للعاقِلِ أن يرى ذُنوبَه وقبائِحَه كما وصَفَها الشَّرعُ، ولا يستهينَ بها.
وفي هذا الحَديثِ وصَفَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه حالَ المُؤمِنِ مع ذُنوبِه، وشبَّهه برجُلٍ قاعدٍ تحْتَ جبَلٍ يَخافُ أنْ يَقَعَ عليه؛ ومَن وقَعَ عليه الجبلُ فلا يُظَنُّ له نَجاةٌ، فالمُؤمِنُ ينظُرُ إلى عَظَمةِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وجَلالِه، وعِزِّ سُلطانِه، وغناه عن خَلْقِه، وفَقْرِ خَلْقِه إليه، وأنَّ يَسيرَ المعصيةِ له جَلَّ جَلالُه ليس بيسيرٍ عند المُؤمِنِ؛ فلذلك يرى كأنَّه قاعدٌ تحت جَبَلٍ؛ مِن خَوفِ ما أتى.
بيْنَما يَنظُرُ الفاجِرُ -وهو الفاسِقُ المُستهترُ- لذُنوبِه باستخفافٍ، حتى إنَّه يرى كبائِرَ الذُّنوبِ سَهلةً يسيرةً، فكأنَّها ذُبابٌ مرَّ على أنْفِه فأشار بيَدِه، فذَهَب الذُّبابُ ولم يُؤثِّرْ فيه، لا لخِفَّةِ ذُنوبِه، ولكِنْ لخِفَّةِ إيمانِه باللهِ سُبحانَه.
ثُمَّ ذَكَر رَضِيَ اللهُ عنه ما يُخفِّفُ على المؤمِنِ خَوْفَه مِن ذُنوبه؛ فذَكَر حَديثَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «لَلَّهُ» بلامِ التَّوكيدِ «أَفْرَحُ» بصِيغةِ التَّفضيلِ «بتَوبةِ العبْدِ» مِن مَعصِيَتِه «مِن رَجُلٍ نَزَل منزِلًا»، أي: مكانًا «وبه مَهْلَكَةٌ»، فهذا المكانُ مَظِنَّةُ الهلاكِ، وفي رِوايةِ النَّسائيِّ في الكُبرى: «بِدَوِّيَّةٍ مَهْلَكَةٍ»، والدَّوِّيَّةُ: هي الأرضُ القَفْرُ والفَلَاةُ الخالِيَةُ، والبَرِّيَّةُ والصَّحْراءُ الَّتِي لا نَباتَ فيها، وكان معه في رِحْلَتِه هذه «راحِلَتُه»، وهي ما يَركَبُه مِن الدَّوَابِّ، مِثلُ النَّاقةِ أو الفَرَسِ أو ما في معنى ذلك من الركائِبِ التي يَحمِلُ عليها طعامَه وشرابَه، وبعد تَعَبٍ مِنَ السَّيرِ أخلد للرَّاحةِ «فوَضَع رأْسَه» وهذا كنايةٌ عن الاستلقاءِ، فنام نَوْمةً لا يَشعُرُ بما حوله ولا يحفَظُ راحِلَتَه، ثم استَيقظ وقدْ ذهبَتْ راحلتُه وابتعَدَت وتاهت في هذه الصَّحراءِ، وبعد البَحثِ عنها لم يجِدْها، وظَلَّ يَبحَثُ حتَّى اشْتَدَّ عليه الحرُّ والعَطَشُ أو ما شاءَ اللهُ مِن أنواع البَلاءِ الأُخرَى، فقال لنَفْسِه بعْدَ مُحاوَلةِ البَحثِ عن الرَّاحلةِ: «أَرجِع إلى مَكاني» الَّذِي كان قد نام فيه؛ ينتظِرُ قضاءَ اللهِ فيه، يقصِدُ الموتَ، ويحتَمِلُ أنَّه رجع إلى هذا المكانِ؛ لأنَّ عادةَ الحيوانِ أنَّه إذا ضاع أو تاه يَتْبَعُ آثارَ خُطُواتِه ويرجِعُ إلى المكانِ الأوَّلِ، «فرَجَع الرَّجُلُ فنام نَوْمةً، ثُمَّ رفَع رأْسَه» بعد الاستيقاظِ، «فإذا راحلتُه عِندَه» قد رجَعَت إلى مكانها عِندَه، ولا شَكَّ أنَّ مَن هذه حالُه يَفرَحُ فرحًا شديدًا، وفي روايةِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال من شِدَّةِ الفَرَحِ: «اللَّهُمَّ أنت عبدِي وأنا ربُّك، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ، فاللهُ أشدُّ فَرَحًا بتَوبةِ عبْدِه مِن ذلك الرَّجُلِ»، فاللهُ سُبحانَه أفرَحُ بتوبةِ عِبادِه إليه من فَرَحِ هذا الرَّجُلِ برُجوعِ دابَّتِه إليه التي فيها حياتُه بعد أن يَئِسَ للموتِ.
والتوبةُ فَرضٌ مِنَ اللهِ تعالى على كُلِّ من عَلِمَ مِن نَفْسِه ذنبًا صغيرًا أو كبيرًا؛ لقَولِه تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا } [ التحريم: 8 ]، وقال: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور: 31 ]، وقال تعالى: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ } [ النساء: 17 ]، فكُلُّ مُذنِبٍ فهو عند مواقَعةِ الذَّنبِ جاهِلٌ وإن كان عالِمًا، ومن تاب قبل الموتِ تاب من قَريبٍ.
وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفةِ الفَرحِ للهِ عزَّ وجلَّ، على ما يَليقُ بكَمالِه وجَلالِه؛ { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [ الشورى: 11 ].
وفيه: قَبولُ التَّوبةِ الصَّادِقةِ وفَرَحُ اللهِ تعالى بها، ورضاه عن صاحِبِها، فالتَّوبةُ مَقبولةٌ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِها، كما في ثبت في الأحاديثِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
الكامل في الضعفاءأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستقبل شيئا من
معجم الشيوخالعجز والكيس بقدر ولا يغني الحذر من القدر والدعاء يدفع القدر
الدراري المضيةإذا شك أحدكم فلم يدر أواحدة صلى أم اثنتين فليجعلها واحدة وإذا
مختصر المقاصدإن رحمتي تغلب غضبي
التمهيدقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من قتل قتيلا فله
الفتح الربانيليشربن أناس من أمتي الخمر تروح عليهم القيان وتغدو عليهم المعازف
فتح الباري لابن حجرعن ابن عمر أنه كتب إلى بشر بن مروان إني سمعت النبي صلى
البدر المنيرأنها ضباعة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني
مجموع الفتاوىأن سعد بن أبي وقاص قال يا رسول الله الرجل يكون حامية
مجموع الفتاوىإن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم
مجموع الفتاوىأن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم أنشدوا شعرا وتواجدوا عليه
مجموع الفتاوىإذا شك أحدكم فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا فليطرح الشك وليبن على


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, November 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب