انظر حيث يصلي أمراؤك فصل

الحَجَّ مِنَ العِباداتِ التَّوقيفيَّةِ التي بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَها، وبَيَّنَ ما يُباحُ فيه وما لا يُباحُ، كما بَيَّنَ ما يُمكِنُ أنْ يُقدَّمَ أو يُؤخَّرَ، وما فيه سَعةٌ مِنَ الأمرِ، ونَقَلَ الصَّحابةُ عنه كُلَّ ذلك، إلى مَن بَعدَهم، وأضافوا إليه النَّصيحةَ لِلرَّعيَّةِ عِندَ اختِلافِ بَعضِ الأعمالِ أو تَغييرِ بَعضِ الوُلاةِ لِبَعضِ الأعمالِ في المَواقيتِ، أوِ المَكانِ، وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ العزيزِ بنُ رُفَيْعٍ أنَّه خَرَجَ إلى مِنًى في يَومِ التَّرويةِ، وهو يَومُ الثَّامِنِ مِن ذي الحِجَّةِ، فلَقيَ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه ذاهبًا إلى مِنًى، راكبًا حِمارَه، فسألَه عن مَكانِ صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الظُهرَ، فأجابَه: انْظُرْ حيثُ يُصلِّي أُمراؤُكَ، أيْ: فصَلِّ حيثُ يُصلُّونَ، وفيه إشارةٌ إلى الجَوازِ، وأنَّ الأُمراءَ إذْ ذاكَ ما كانوا يُواظِبونَ على صَلاةِ الظُّهرِ ذلك اليَومَ بمَكانٍ مُعيَّنٍ.
وأنَّ الناسَ في سَعةٍ مِن هذا، فيَخرُجونَ متى أحَبُّوا، ويُصلُّونَ حيث أمكَنَهم، ولذلك قال أنَسٌ: «صَلِّ حيث يُصلِّي أُمراؤُكَ»، وإنْ كان الأفضَلُ والمُستَحَبُّ في ذلك ما فَعَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حيث صَلَّى الظُّهرَ والعَصرَ بمِنًى.