المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، لا يَظْلِمُه، ولا يَخْذُلُه.
ويقولُ: والَّذي نفْسُ محمَّدٍ بيَدِه، ما تَوادَّ اثنانِ ففُرِّقَ بيْنهُما، إلَّا بذَنْبٍ يُحْدِثُه أحَدُهُما.
وكان يقولُ: للمَرءِ المُسلِمِ على أَخيهِ مِنَ المعروفِ سِتٌّ: يُشَمِّتُه إذا عَطَس، ويَعُودُه إذا مَرِض، ويَنصَحُه إذا غابَ، ويَشْهَدُه ويُسَلِّمُ علَيهِ إذا لَقِيَه، ويُجيبُه إذا دَعاهُ، ويَتْبَعُه إذا مات.
ونَهَى عن هِجرةِ المُسلِمِ أَخاهُ فَوْقَ ثلاثٍ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 5357 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه أحمد ( 5357 ) واللفظ له، وأبو الشيخ في ( (التوبيخ والتنبيه )) ( 32 ) باختلاف يسير، والخرائطي في ( (مكارم الأخلاق )) ( 759 ) مختصراً.
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ للمُسلمين حُقوقًا على بَعضِهم البعضِ، فأمَرَنا أنْ نُحسِنَ إلى بَعضِنا، ونَهانَا عنِ انتِهاكِ خُصوصيَّاتِ المُسلِمين مِن المالِ والعِرْضِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "المُسلِمُ أخو المُسلمِ"،
أي: أخُوه في الإسلامِ والدِّينِ، وهي أقْوى مِن أُخوَّةِ النَّسبِ؛ لأنَّ ثمَرةَ هذه دُنيويةٌ وثَمَرةَ تلك أُخرويَّةٌ، "لا يَظلِمُه، ولا يَخْذُلُه"،
أي: لا يَترُكُ إعانتَه ونَصْرَه، "ويقولُ: والذي نفْسُ محمَّدٍ بيَدِه" يُقسِمُ ب
اللهِ عَزَّ وجَلَّ الَّذي خلَقَ الأنفُسَ، وبيَدِه رُوحُه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك القسَمِ، "ما تَوادَّ اثنانِ"،
أي: تَحابَّا في
اللهِ، "ففُرِّقَ بيْنهما، إلَّا بذَنْبٍ يُحدِثُه أحدُهما"، والمعنى: أنَّ
اللهَ عَزَّ وجَلَّ لم يُفرِّقْ بيْنهما ما دامَا على طاعةِ
اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فإذا أحدَثَ أحدُهما ذنْبًا فرَّقَ
اللهُ بيْنهما؛ فعُوقِبَ مِن
اللهِ تعالى بسَلْبِ الأُخوَّةِ منه الَّتي أجْرُها عَظيمٌ عِندَ
اللهِ؛ فإنَّ المَعاصيَ تَسلُبُ بَركاتِ الطَّاعاتِ.
قال: "وكان يقولُ: لِلمرْءِ المُسلمِ على أخيهِ مِن المَعروفِ سِتٌّ"،
أي: له حقٌّ يَشمَلُ سِتَّ صِفاتٍ، وتَظهَرُ في سِتَّةِ أحوالٍ، "يُشمِّتُه إذا عطَسَ" فيَدْعو له بقَولِه: يَرحَمُك
اللهُ إذا عطَسَ، والعُطاسَ: خُروجُ الهواءِ باندِفاعٍ مِن الأنفِ معَ صَوتٍ مَسموعٍ، "ويَعودُه إذا مَرِضَ" فيَزورُه في مَرَضِه؛ لِيُؤانِسَه، ويَدْعوَ له بالعافيةِ كما كان يَفعَلُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مع أصْحابِه، "ويَنصَحُه إذا غاب"؛ فالمُسلمُ يُريدُ الخيرَ لِأخيه المسلِمِ، ويُرشِدُه إليه، ويُحِبُّه له في حُضورِه وغِيابِه، فلا يَتملَّقُ في حُضورِه، ويَغتابُه في غَيبَتِه؛ فإنَّ هذا صِفةُ المنافقينَ، وأصْلُ النُّصحِ: تَحرِّي قَولٍ أو فِعلٍ فيه إصلاحُ المَنصوحِ.
"ويَشهَدُه" فيَحضُرُ وَقتَ نَزْعِه، أو يُشيِّعُ جِنازتَه، ويَحضُرُ الصَّلاةَ على جِنازتِه إذا مات ويَدفِنُه، "ويُسلِّمُ عليه إذا لَقِيَه" بأنْ يَلْقي عليه السَّلامَ بالقولِ، أو يُسلِّمَ باليَدِ إذا كان مُمكنًا، "ويُجيبُه إذا دَعاهُ"،
أي: يُلبِّي ويَحضُرُ إذا طلَبَ حُضورَه عِنده لِأيِّ مُناسَبةٍ، مِثلُ العُرْسِ، أو الطَّعامِ، وغَيرِ ذلك، "ويَتبَعُه إذا مات" فيُشيِّعُ جِنازتَه بالصَّلاةِ عليه ودَفْنِه في قَبْرِه.
قال: "ونَهَى عن هُجرةِ المسلمِ أخاهُ" بسَببِ التَّخاصُمِ والتشاحُنِ على الدُّنيا، "فوقَ ثلاثٍ"،
أي: فوقَ ثلاثةِ أيَّامٍ، أو ثلاثِ لَيالٍ، قاصِدًا قَطْعَ مُواصلَتِه، عازِمًا عَليها، وهذا إذا لم يُخَفْ مِن مُكالِمتِه وصِلَتِه ما يُفسِدُ عليه دِينَه، أو يَجلِبُ به على نفْسِه مَضرَّةً في دِينِه أو دُنياهُ؛ فإنْ كان ذلك فله مُجانَبتُه والبُعدُ عنه، ورُبَّ هَجْرٍ جَميلٍ خَيرٌ مِن مُخالطةٍ مُؤذيةٍ.
وهذه الحُقوقُ مُتبادَلةٌ بيْن المسلمينَ جَميعًا، فيَشمَلُ ذلك كلَّ المُجتمعِ، فيَسودُ السَّلامُ والوُدُّ والتَّآلُفُ.
وفي الحديثِ: حِرْصُ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ على تَرابُطِ المُسلمينَ وحُسْنِ المُعاشَرةِ بيْنهم.
وفيه: بَيانُ حُقوقِ المسلمينَ على بَعضِهم البعضِ؛ بأنْ يَظهَرَ أثَرُ الإسلامِ والإيمانِ في التَّراحُمِ والتَّواصُلِ فيما بيْنهم.
وفيه: ذَمُّ هَجرِ المُسلمِ أخاهُ فَوقَ ثَلاثِ لَيالٍ، إذا لم يَكُن لِمَصلحةٍ شَرعيَّةٍ أو لِدَفْعِ مَضرَّةٍ.
وفيه: أثَرُ المعاصي على الأُخوَّةِ والصُّحبةِ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم