أنَّ عَبدَ اللهِ بنَ ثابِتٍ لَمَّا ماتَ قالَتِ ابْنَتُه: واللهِ إنْ كُنتُ لَأرْجو أنْ تكونَ شَهيدًا، أمَا إنَّكَ قد كُنتَ قَضَيتَ جِهازَكَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: إنَّ اللهَ قد أوْقَعَ أجْرَه على قَدْرِ نيَّتِه، وما تَعُدُّون الشَّهادةَ؟ قالوا: قَتْلٌ في سَبيلِ اللهِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: الشَّهادةُ سَبْعٌ سِوى القَتلِ في سَبيلِ اللهِ: المَطْعونُ شَهيدٌ، والغَرِقُ شَهيدٌ، وصاحِبُ ذاتِ الجَنبِ شَهيدٌ، والمَبْطونُ شَهيدٌ، وصاحِبُ الحَريقِ شَهيدٌ، والذي يَموتُ تَحتَ الهَدْمِ شَهيدٌ، والمَرْأةُ تَموتُ بِجُمْعٍ شَهيدةٌ.
الراوي : جابر بن عتيك | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 23753 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه من طرق أبو داود ( 3111 )، والنسائي ( 1846 ) مطولاً باختلاف يسير، وابن ماجه ( 2803 ) بنحوه، وأحمد ( 23753 ) واللفظ له
تَفضَّلَ
اللهُ سُبحانَه على أُمَّةِ الإسْلامِ بنِعَمٍ عَظيمةٍ وأجْرٍ كَبيرٍ، ومن ذلك نَيْلُ أجْرِ الشَّهادةِ لصُورٍ كَثيرةٍ مِنَ الوَفاةِ.
وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لأنْواعِ شُهَداءِ الدُّنيا، ومَن لهم أُجورُ الشُّهداءِ، حيثُ يَرْوي جابرُ بنُ عَتيكٍ رضِيَ
اللهُ عنه: "أنَّ عبدَ
اللهِ بنَ ثابتٍ لَمَّا مات، قالت ابنتُه: و
اللهِ، إنْ كُنْتُ لأَرْجو أنْ تكونَ شَهيدًا"، بالموتِ في الجِهادِ والحَربِ في سَبيلِ
اللهِ، "أمَا إنَّكَ قد كُنتَ قَضَيْتَ جَهازَكَ" بإعْدادِكَ لعُدَّةِ الحَربِ منَ السِّلاحِ والراحلةِ وغيرِ ذلك، "فقال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ
اللهَ قد أوقَعَ أجْرَه على قَدْرِ نيَّتِه"، فيُثابُ على ما نَواه بقَلبِه، "وما تَعُدُّونَ الشَّهادةَ؟ قالوا: قَتلٌ في سَبيلِ
اللهِ"، فحَصَروا الشَّهادةَ في القَتلِ أثْناءَ الجِهادِ والحَربِ فقطْ، "فقال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: الشَّهادةُ سَبعٌ سِوى القَتلِ في سَبيلِ
اللهِ"، فالشَّهادةُ أنْواعٌ غيرُ الذي يُجاهِدُ في سَبيلِ
اللهِ فيُقتَلُ، وإنْ كان القَتلُ في سَبيلِ
اللهِ أفضَلُ أنْواعِ الشَّهادةِ عندَ
اللهِ عزَّ وجلَّ، والشَّهادةُ في الجِهادِ فقطْ هي التي لها أحْكامُ الشَّهيدِ الدُّنيويَّةُ -كعَدَمِ التَّكْفينِ والتَّغْسيلِ- فلا تتَناوَلُ غيرَه مِن أنْواعِ الشُّهداءِ الذين سيُذكَرونَ بالحَديثِ، وأولُ هؤلاء: "المَطْعونُ شَهيدٌ"، وهو الذي مات بالطاعونِ، وهو نَوعٌ منَ الأوْبِئةِ، وقيلَ: كُلُّ وَبَاءٍ طاعونٌ، وقد جاءَ تَفْسيرُه عنِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم في بَعضِ الرِّواياتِ الصَّحيحةِ في مُسنَدِ أحمدَ بأنَّه طَعنُ الجِنِّ، وفي رِوايةٍ أُخْرى عندَه أيضًا: أنَّه "غُدَّةٌ كغُدَّةِ البَعيرِ"، أيْ: وَرَمٌ ظاهرٌ يظهَرُ في الجِلدِ الرَّقيقِ الضَّعيفِ، وتحتَ آباطِ الذِّارعَينِ.
وثانيها: "والغَرِقُ شَهيدٌ"، وهو الَّذي يموتُ غَريقًا.
وثالثُها: "وصاحبُ ذاتِ الجَنبِ شَهيدٌ"، وهو المريضُ بذاتِ الجَنبِ: وهو الْتِهابُ غِلافِ الرِّئةِ، ويُسبِّبُ سُعالًا وحُمَّى ووجَعًا في الجَنبِ يَظهَرُ عندَ التَّنفُّسِ.
ورابعُها: "والمَبْطونُ شَهيدٌ"، وهو مَن أُصيبَ وابتُليَ بمَرضٍ وداءٍ من أمراضِ البَطنِ.
وخامسُها: "وصاحبُ الحَريقِ شَهيدٌ"، وهو الذي يَموتُ مَحْروقًا.
وسادسُها: "والذي يَموتُ تحتَ الهَدمِ شَهيدٌ"، وهو الذي وقَعَ عليه الهَدمُ أو الجِدارُ فمات منه.
"والمَرأةُ تموتُ بجُمْعٍ شَهيدةٌ"، والمُرادُ بها الحاملُ فيكونُ الحملُ سَببًا لموتِها، وهذا مِن فَضلِ
اللهِ العَظيمِ على هذه الأُمَّةِ؛ فهو الَّذي خلَقَ الدَّاءَ، وقدَّرَ على عِبادِه الفَناءَ، وكتَبَ لِمَن ماتَ بهذه الأوْصافِ أنْ يَمنَحَه أجْرَ الشَّهادةِ، والمُتأمِّلُ يَرى أنَّ تِلك المِيتَاتِ مِن أبشَعِ وأشنَعِ ما يموتُ عليه المرءُ؛ ففيها الكثيرُ مِن المُعاناةِ والألَمِ؛ فجعَلَ
اللهُ عِوَضَهم عن ذلك بالشَّهادةِ وأجْرِ الشَّهيدِ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم