يَومُ الجُمُعةِ مِن أفضَلِ أيَّامِ المُسلِمِينَ، ففيه يَجتَمِعونَ على صَلاةِ الجُمُعةِ، الَّتي جعَلَ
اللهُ فيها أجْرًا عَظيمًا لِمَن أحسَنَ الاستِماعَ لِخُطبَتِها، وأحسَنَ أداءَ صَلاتِها.
في هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ
اللهَ يَبعَثُ الأيَّامَ يَومَ القيامةِ على هَيئَتِها" الَّتي كانت عليها في الدُّنيا، "ويَبعَثُ الجُمُعةَ"، ويَختَصُّ يَومَ الجُمُعةِ بصُورةٍ وهَيْئةٍ يَبعَثُهُ
اللهُ عزَّ وجلَّ فيها، فيَومُ الجُمُعةِ شَيءٌ مَعْنويٌّ في الدُّنيا، لكِنْ يُهيِّئُهُ
اللهُ ويُمثِّلُهُ ويُشخِّصُهُ يَومَ القيامةِ "زَهْراءَ مُنيرةً لِأهْلِها"، بِمَعْنى أنَّها تكونُ يَومَ القيامةِ ذاتَ نُورٍ أزهَرَ جَميلٍ، والمُرادُ بأهْلِها: الَّذين كانوا يُواظِبونَ على صَلاتِها في بُيوتِ
اللهِ سُبْحانَهُ وتَعالى مُقتَدينَ بسُنَنِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم في ذلِكَ اليَومِ من الاغتِسالِ والطِّيبِ والثِّيابِ النَّظيفةِ، "فيَحُفُّونَ بها كالعَروسِ تُهْدى إلى كَريمِها"، ويَلتَفُّونَ حَولَها كزَفَّةِ العَروسِ لِزَوجِها، "تُضيءُ لهم، يَمْشونَ في ضَوئِها"، وهذا من نُورِ العَمَلِ الصَّالِحِ كما قالَ تَعالى:
{ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [
التحريم: 8 ] "أَلْوانُهُم كالثَّلْجِ بَياضًا" ولعلَّهُ من كَرامَتِهِم على
اللهِ كما قالَ تَعالى:
{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [
آل عمران: 106، 107 ] "رِياحُهُم تَسطَعُ كالمِسكِ" في رائِحَتِهِ الطَّيِّبةِ الفوَّاحةِ، وهذا بَيانٌ لِعِظَمِ أجْرِ أصْحابِ الجُمَعِ يَومَ القيامةِ، "يَخوضونَ" ويَمْشونَ "في جِبالِ الكافورِ"، وهو نباتٌ طيِّبُ الرائِحةِ، "يَنظُرُ إليهمُ الثَّقَلانِ" الإنْسُ والجِنُّ، "ما يُطرِقونَ تعجُّبًا" يَعْني: لا تزالُ الخَلائِقُ تَعجَبُ من حالِ هؤلاءِ لِنُورِهِم، وطِيبِ ريحِهِم، وما لهم من أجْرٍ، "حتى يَدْخُلوا الجَنَّةَ"، وهُم على هذه الحالِ من النُّورِ، فيكونُ هذا اليَومُ سَبَبًا لِدُخولِ أهْلِهِ الجَنَّةَ، "لا يُخالِطُهُم أحَدٌ إلَّا المُؤذِّنونَ المُحتَسِبونَ" بِمَعْنى أنَّهم لا يُشارِكُهُم في هذا الأجْرِ والفَضْلِ إلَّا المُؤذِّنُ الَّذي يَحتَسِبُ أذانَهُ عِندَ
اللهِ، ولا يَأخُذُ عليه أجْرَهُ، وهذا من المزيدِ الَّذي يَتفضَّلُ
اللهُ به على عِبادِهِ يَومَ القيامةِ، كما في حَديثِ صَحيحِ أخرَجَهُ أبو يَعْلى المَوْصليُّ عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رضِيَ
اللهُ عنه، أَنَّ رسولَ
اللهِ -صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم- قال: "أتاني جِبْريلُ بمِثْلِ المِرآةِ البَيْضاءِ فيها نُكْتةٌ سَوْداءُ، قُلتُ: يا جِبْريلُ ما هذه؟ قال: هذه الجُمُعةُ جَعَلَها
اللهُ عيدًا لكَ ولأُمَّتِكَ، فأنتُمْ قَبلَ اليَهودِ والنَّصارى، فيها ساعةٌ لا يُوافِقُها عَبدٌ يَسأَلُ
اللهَ فيها خَيرًا إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ، وقالَ: قُلتُ: ما هذه النُّكْتةُ السَّوداءُ؟ قال: هذا يَومُ القيامةِ تقومُ يَومَ الجُمُعةِ ونحنُ نَدْعوهُ عِندَنا المزيدَ، قالَ: قُلتُ: ما يومُ المزيدِ؟ قال: إنَّ
اللهَ جعَلَ في الجَنَّةِ واديًا أفيَحَ، وجعَلَ فيه كُثبانًا مِنَ المِسكِ الأبيَضِ، فإذا كان يَومُ الجُمُعةِ يَنزِلُ
اللهُ فيه، فوُضِعَتْ فيه مَنابِرُ من ذَهَبٍ للأنبياءِ، وكراسيُّ من دُرٍّ للشُّهَداءِ، ويَنزِلْنَ الحُورُ العِينُ من الغُرَفِ، فحَمِدوا
اللهَ ومجَّدوهُ، قالَ: ثُمَّ يقولُ
اللهُ: اكْسُوا عِبادي فيُكسَونَ، ويقولُ: أطْعِموا عِبادي فيُطمَعونَ، ويقولُ: اسْقُوا عِبادي فيُسْقَونَ، ويقولُ: طَيِّبوا عِبادي فيُطيَّبونَ، ثُمَّ يقولُ: ماذا تُريدونَ؟ فيقولونَ: ربَّنا رِضْوانَكَ قالَ: يقولُ: رَضيتُ عنكم ثُمَّ يَأمُرُهم فيَنطَلِقونَ.
وتَصعَدُ الحُورُ العِينُ الغُرَفَ، وهي من زُمُرُّدةٍ خَضْراءَ، ومن ياقوتةٍ حَمْراءَ".
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضْلِ المُؤذِّنِ الَّذي لا يَأخُذُ على عَمَلِهِ أجْرًا
( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم