شرح حديث أن عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض فقال
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
راعتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ حاجاتِ النَّفسِ بما يَتوافَقُ مع طَلبِ الآخرةِ مِنْ غير إجحافٍ ولا إفراطٍ؛ ولذا نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التَّبتُّلِ.
وفي هذا الحديث يقولُ التابعيُّ محمَّدُ بنُ مُسلمِ بنِ شِهابٍ الزُّهريُّ: إنَّ الصَّحابيَّ الجليلَ عُثمانَ بنَ مَظعونٍ أراد أن يختَصِيَ؛ من الخِصاءُ: وهو شَقُّ الخُصيَتَينِ وانتِزاعُهما؛ لقَتلِ شَهوةِ الفَرجِ، ثمَّ بعد ذلك أراد أن يَسيحَ في الأرضِ.
والسِّياحةُ: هي أَنْ يذهَبَ الإنسانُ يَمْشي في الأرضِ دونَ التَّقيُّد بمكانٍ معيَّنٍ.
وقيل أيضًا زيادةً في هذا المعنى: تاركًا لجماعةِ النَّاسِ في الصَّلاةِ وغيرِها، مُبتعِدًا عن شهواتِ النَّفسِ ونحوِها، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أليس لك فيَّ أُسوةٌ حَسَنةٌ؟" فأمره صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يأخُذَ مِن نبيِّه القُدوةَ والأُسوةَ، فيفعَلَ مِثْلَه، فيراعيَ حَقَّ اللهِ وحَقَّ نَفْسِه بما فيه صلاحُ الدُّنيا والآخرةِ، ومن ذلك أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يتزوَّجُ النِّساءَ ويُفْضي إليهنَّ ويَقْضي لهن حَقَّهنَّ في عفافِ الفَرْجِ، ويأكُلُ ممَّا رَزَقه اللهُ مِنَ الطَّعامِ، ومنه اللَّحمُ، فيقضي بذلك حَقَّ جَسَدِه من الأكلِ؛ ليتقَوَّى على الحياةِ وعلى العبادةِ، ثمَّ إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يصومُ الفريضةَ ويصومُ تطَوُّعًا، وكان بعد ذلك يُفطِرُ ما شاء من الأيَّامِ، وهكذا كان يناوِبُ بين كلِّ هذه الأفعاِل دونَ إفراطٍ ولا تفريطٍ.ثمَّ أخبَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الصِّيامَ يُخَفِّفُ شهوةَ الفَرجِ، وهو لأمَّةِ الإسلامِ بديلٌ عن الخِصاءِ.ثم شَدَّد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أمرِ الخِصاءِ، فقال: "وليس مِن أُمَّتي من خَصى أو اختصى" أي: ليس على هَدْيِ أمَّتى وسُنَّتِها التي سَنَّها لها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَدَمِ الإفراطِ والتَّفريطِ في أُمورِ الدِّينِ، وهذا تهديدٌ للفاعِلِ الخاصي الذي يقومُ بعمليَّةِ الإخصاءِ لنَفسِه أو لغَيرِه، وللمَفعولِ به المُختَصى.
والخِصاءُ: هو نَزعُ خُصيَةِ مِنَ الذَّكَرِ بقَصدِ كَسرِ ومَنعِ الشَّهوةِ إلى النِّساءِ؛ لأنَّ هذه الأمورَ المنهيَّ عنها هي من التَّبتُّلِ بالانقطاعِ عن النِّكاحِ وما يَتبَعُه مِنَ المَلاذِّ الحلالِ والمباحةِ، ومِثلُ هذا يُعَدُّ مِنَ الغُلُوِّ في الدِّينِ، والرَّهبانيَّةِ المَذمومةِ.كما أنَّ الخِصاءَ فيه من المفاسِدِ الكثيرةِ؛ كتعذيبِ النَّفسِ، والتَّشويهِ، مع إدخالِ الضَّرَرِ الذي ربَّما أفضى إلى الهلاكِ، وإبطالِ معنى الرُّجوليَّة، وتغييرِ خَلْقِ اللهِ، وكُفْرِ النِّعمةِ.
وفي الحديثِ: ذَمُّ الاختصاءِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم