حديث فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له وقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ يخبر

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث أبو سعيد الخدري

«أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ فقالَ: إنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا ما شاءَ، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، فاخْتارَ ما عِنْدَهُ. فَبَكَى أبو بَكْرٍ وقالَ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا، فَعَجِبْنا له، وقالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إلى هذا الشَّيْخِ؛ يُخْبِرُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، وهو يقولُ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا! فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المُخَيَّرَ، وكانَ أبو بَكْرٍ هو أعْلَمَنا به. وقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومالِهِ أبا بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ، إلَّا خُلَّةَ الإسْلامِ، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلَّا خَوْخَةُ أبِي بَكْرٍ.»

صحيح البخاري
أبو سعيد الخدري
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 3904 -

شرح حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال إن


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كان أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أقرَبَ النَّاسِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فهو رَفيقُه في هِجرَتِه، وهو أعظَمُ هذه الأُمَّةِ إيمانًا وتَصْديقًا، بحيث لو وُزِنَ إيمانُه بإيمانِ النَّاسِ كلِّهم، لرجَحَ إيمانُه بإيمانِهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جلَسَ على المِنبَرِ في مرَضِه الأخيرِ الَّذي مات فيه، وذلك في العامِ الحادي عشر مِن الهِجْرةِ بالمَدينةِ المُنوَّرةِ، فقال: «إنَّ عَبدًا خَيَّره اللهُ بيْن أنْ يُؤْتيَه مِن زَهرةِ الدُّنْيا ما شاء»، والمَعنى: يُعْطيه مِقْدارَ ما أرادَ مِن طُولِ العُمرِ والبَقاءِ في الدُّنْيا، والتَّمتُّعِ بها، وزَهرةُ الدُّنيا: نَعِيمُها وزِينَتُها، «وبيْن ما عِندَه، فاخْتارَ ما عندَه»، أي: اختارَ وفضَّلَ ما عندَ اللهِ سُبحانَه، ممَّا أعدَّ له مِن أنْواعِ النَّعيمِ المُقيمِ، ولذَّةِ اللِّقاءِ، والنَّظَرِ إلى وَجْهِه الكَريمِ، فلمَّا سَمِع أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه ذلك القَولَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَكى، وقال: فدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا! فتَعجَّبَ الحاضِرونَ مِن قَولِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه وبُكائِه؛ إذ لم يَفْهَموا مِن كَلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَستَدْعي ذلك البُكاءَ والقَولَ مِن أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، ولكنَّ الصِّدِّيقَ رَضيَ اللهُ عنه قدْ فهِمَ مِن هذا الكَلامِ مُفارَقَتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الدُّنْيا، وأنَّ العَبدَ المُخيَّرَ هو رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبَكى لذلك، وقال ما قال.

فلمَّا مات النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فهِمَ النَّاسُ مَقصِدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن كَلامِه؛ ولذلك قال أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه: «فكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المُخيَّرَ»، أي: هو الَّذي خَيَّره اللهُ بيْن نَعيمِ الدُّنْيا وبيْن لِقائِه، وكان أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أعلَمَ النَّاسِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وقد قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حقِّ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: «إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحبَتِه ومالِه أبا بَكْرٍ»، ومَعْناه: أنَّه أكثَرُهم جُودًا وسَماحةً لنا بنفْسِه ومالِه، وليس هو مِن المَنِّ الَّذي هو الاعْتِدادُ بالصَّنيعةِ؛ لأنَّه أذًى مُبطِلٌ للثَّوابِ، ولأنَّ المِنَّةَ للهِ ولرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قَبولِ ذلك، وفي غيرِه.
وقال: «ولو كُنتُ مُتَّخِذًا خَليلًا مِن أُمَّتي لَاتَّخَذْتُ أبا بَكرٍ، إلَّا خُلَّةَ الإسْلامِ»، والمَعنى: لو كُنتُ مُتَّخِذًا صَديقًا أنقَطِعُ إليه، وأُفرِّغُ قَلْبي لمَودَّتِه، لاتَّخَذْتُ أبا بَكرٍ.
وقيلَ: أصْلُ الخُلَّةِ: الافْتِقارُ والانْقِطاعُ، فخَليلُ اللهِ: المُنقَطِعُ إليه، وقيلَ: لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَصَرَ حاجَتَه على اللهِ تعالَى، وقيلَ: الخُلَّةُ: الاخْتِصاصُ، وقيلَ: الاصْطِفاءُ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليس له خَليلٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قدِ اتَّخَذَه خَليلًا، وهذا لا يُنافي ما ذكَرَه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم مِن اتِّخاذِهم إيَّاه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَليلًا؛ إذ لا يُشترَطُ في الخُلَّةِ أنْ تكونَ مِن الطَّرَفَينِ، ولوِ اتَّخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحَدًا خَليلًا لَاتَّخَذَ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ لأنَّه أهلٌ لذلك لولا المانِعُ؛ فإنَّ خُلَّةَ الرَّحمَنِ تعالَى لا تسَعُ مُخالَّةَ شَيءٍ غَيرِه أصْلًا، ولم يكُنْ بيْن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنه رَضيَ اللهُ عنه إلَّا أُخوَّةُ الإسْلامِ.

وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا يَبقَيَنَّ في المَسجِدِ خَوْخةٌ إلَّا خَوْخةُ أبي بَكرٍ»، والخَوْخةُ: البابُ الصَّغيرُ، وكان بعضُ الصَّحابةِ فَتَحوا أبْوابًا في دِيارِهم إلى المَسجِدِ، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَدِّها كلِّها إلَّا بابَ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ ليَتميَّزَ بذلك فَضلُه.
وفي الحَديثِ: مَنقَبةٌ عَظيمةٌ لأبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: تَعْريضٌ بالخِلافةِ لأبي بَكرٍ بعْدَ النَّبيِّ  صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: أنَّ المَساجِدَ تُصانُ عن تَطرُّقِ النَّاسِ إليها، إلَّا لحاجةٍ مُهِمَّةٍ.
وفيه: التَّرغيبُ في اختيارِ ما في الآخِرةِ على ما في الدُّنيا.
وفيه: شُكرُ المحسِنِ، والتَّنويهُ بفضْلِه، والثَّناءُ عليه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين
صحيح البخاريجاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي
صحيح البخاريأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي فكبر عليه أربعا
صحيح البخاريكنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فيرد علينا فلما
صحيح البخاريعن الصنابحي أنه قال له متى هاجرت قال خرجنا من اليمن مهاجرين فقدمنا
صحيح البخاريغزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة
صحيح البخاريغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة
صحيح البخاريكنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه
صحيح البخاريكنا نتحدث بحجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ولا ندري
صحيح البخاريدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي فجلس على فراشي
صحيح البخاريخرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل
صحيح البخاريأن أنسا رضي الله عنه حدثهم أن ناسا من عكل وعرينة قدموا المدينة


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, November 22, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب