حديث لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك ثم التفت عن يساره فقال

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث أنس بن مالك

«لَمَّا كانَ يَومَ حُنَيْنٍ، أقْبَلَتْ هَوَازِنُ وغَطَفَانُ وغَيْرُهُمْ بنَعَمِهِمْ وذَرَارِيِّهِمْ، ومع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشَرَةُ آلَافٍ، ومِنَ الطُّلَقَاءِ، فأدْبَرُوا عنْه حتَّى بَقِيَ وحْدَهُ، فَنَادَى يَومَئذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بيْنَهُمَا؛ التَفَتَ عن يَمِينِهِ فَقالَ: يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، قالوا: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، أبْشِرْ نَحْنُ معكَ، ثُمَّ التَفَتَ عن يَسَارِهِ فَقالَ: يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، قالوا: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، أبْشِرْ نَحْنُ معكَ، وهو علَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ فَقالَ: أنَا عبدُ اللَّهِ ورَسولُهُ. فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فأصَابَ يَومَئذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ في المُهَاجِرِينَ والطُّلَقَاءِ ولَمْ يُعْطِ الأنْصَارَ شيئًا، فَقالتِ الأنْصَارُ: إذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى، ويُعْطَى الغَنِيمَةَ غَيْرُنَا! فَبَلَغَهُ ذلكَ، فَجَمعهُمْ في قُبَّةٍ، فَقالَ: يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، ما حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ فَسَكَتُوا، فَقالَ: يا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، ألَا تَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالدُّنْيَا، وتَذْهَبُونَ برَسولِ اللَّهِ تَحُوزُونَهُ إلى بُيُوتِكُمْ؟ قالوا: بَلَى، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو سَلَكَ النَّاسُ وادِيًا، وسَلَكَتِ الأنْصَارُ شِعْبًا؛ لَأَخَذْتُ شِعْبَ الأنْصَارِ. وقالَ هِشَامٌ: قُلتُ: يا أبَا حَمْزَةَ، وأَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ؟ قالَ: وأَيْنَ أغِيبُ عنْه؟!»

صحيح البخاري
أنس بن مالك
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 4337 - أخرجه البخاري (4337)، ومسلم (1059)

شرح حديث لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم ومع النبي


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أَثْنى اللهُ سُبحانه وتعالَى على الأنْصارِ، فقال في حقِّهم: { وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [ الحشر: 9 ]، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعرِفُ حَقَّهم وفَضْلَهم، فأوْصَى بهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودَعا لهم بالبَرَكةِ والمَغفِرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لمَّا كان في غَزْوةِ حُنَينٍ، وكانت في شوَّالٍ مِن العامِ الثَّامِنِ مِن الهِجْرةِ، وحُنَينٌ وادٍ بيْن مكَّةَ والطَّائفِ، بيْنَه وبيْن مكَّةَ 26 كم، أقبلَتْ هَوازِنُ وغَطَفانُ وغيرُهم من قبائلِ العرَبِ بدَوابِّهم مِثلِ: الخَيلِ، والإبِلِ، والغنَمِ، وغيرِها، وذَرارِيِّهم مِن النِّساءِ والأطْفالِ، وكانت عادَتُهم إذا أرادوا التَّثبُّتَ في القِتالِ، استَصْحَبوا الأهاليَ والأمْوالَ، ونَقَلوهم معَهم إلى مَوضِعِ القِتالِ، وكان معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشَرةُ آلافٍ منَ المُسلِمينَ، إضافةً إلى الطُّلَقاءِ، وهمُ الَّذين مَنَّ عليهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهلِ مكَّةَ يومَ الفَتحِ، فلمْ يَأْسِرْهم أو يَقتُلْهم، وكان منهم أبو سُفْيانَ بنُ حَربٍ وغيرُه، فأَدْبَروا عنه، وفي الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ البَراءِ بنِ عازبٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: «فأتَوْا قَوْمًا رُماةً، جَمْعَ هَوازِنَ وبَني نَصْرٍ، ما يَكادُ يَسقُطُ لهم سَهمٌ، فَرَشَقوهم رَشْقًا ما يَكادونَ يُخْطِؤُونَ» حتَّى بَقيَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وَحْدَه، أي: مُتقدِّمًا مُقبِلًا على العَدوِّ وَحْدَه، فنادَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَئذٍ نِداءَيْنِ مُتعاقِبَين؛ الْتفَتَ عن يَمينِه فقال: يا مَعشَرَ الأنْصارِ -المَعشَرُ الجَماعةُ منَ النَّاسِ- قالوا: لبَّيكَ يا رَسولَ اللهِ، أي: لُزومًا لطاعَتِكَ، وإجابةً بعدَ إجابةٍ لأمرِكَ، أبشِرْ نحن معَكَ، ثمَّ الْتفَتَ عن يَسارِه، فقال: يا مَعشَرَ الأنْصارِ، قالوا: لبَّيكَ يا رَسولَ اللهِ، أبْشِرْ نحنُ معَكَ.
وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ راكبًا بَغْلةٍ بَيْضاءَ، فنزَلَ عن بَغْلَتِه، فقال: «أنا عبدُ اللهِ ورَسولُه» وهذا تَأكيدٌ على أنَّه رَسولُ اللهِ حقًّا، وأنَّه مَوْعودٌ بالنَّصرِ، وفي الصَّحيحَينِ من حَديثِ البَراءِ بنِ عازبٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «أنا النَّبيُّ لا كَذِبْ *** أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ» أي: فلسْتُ بكاذِبٍ في قَوْلي حتَّى أفِرَّ، وانتسَبَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جَدِّه لشُهرَتِه به، ثمَّ صَفَّ أصْحابَه، ورَتَّبَ صُفوفَهم؛ ليَعودوا إلى القِتالِ، وقاتَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصْحابُه حتَّى هزَمَ اللهُ تعالى المُشرِكينَ، فانهَزَمَ المُشرِكونَ، وغنِمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَئذٍ غَنائِمَ كَثيرةً، فجمَعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الغَنائمَ، فقَسَمَها في المُهاجِرينَ، وفي الطُّلَقاءِ؛ حتَّى يَتألَّفَ قُلوبَهم وتَجتمِعَ على مَحبَّةِ الإسْلامِ؛ لأنَّ القُلوبَ مَجْبولةٌ على حُبِّ مَن يُحسِنُ إليها، وكانوا لا يَزالونَ حَديثي عَهدٍ بإسْلامٍ، ولم يُعطِ الأنْصارَ شيئًا مِن ذلك، فلمَّا علِمَ الأنْصارُ ذلك حَزِنوا، وظنُّوا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُفضِّلُ الطُّلَقاءَ عليهم، وقالوا: إذا كانت قَضيَّةٌ شَديدةٌ كالحَربِ فنحْنُ نُطلَبُ، ويُعْطى الغَنيمةَ غيرُنا! فبَلَغَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك، فجمَعَهم في قُبَّةٍ -بيتٌ صَغيرٌ مُستَديرٌ- وسألَهم عمَّا بلَغَه من كَلامِهم، فقال: «يا مَعشرَ الأنْصارِ، ما حَديثٌ بلَغَني عنكم؟» فسَكَتوا، فقال: «يا مَعشَرَ الأنْصارِ، ألَا تَرضَوْنَ أنْ يَذهَبَ النَّاسُ بالدُّنْيا، وتَذهَبونَ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَحوزونَه إلى بُيوتِكم؟» يَعني: ألَا يُرْضيكم أنْ يَرجِعَ النَّاسُ بالغَنائمِ، وتَرجِعونَ إلى المَدينةِ ومعَكمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالوا: بَلى رَضينا يا رَسولَ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لو سلَكَ النَّاسُ واديًا، وسلَكَتِ الأنْصارُ شِعْبًا؛ لأخَذْتُ شِعْبَ الأنْصارِ» فتَبِعْتُهم في طَريقِهم، وترَكْتُ الطَّريقَ الآخَرَ الَّذي سلَكَه النَّاسُ -والشِّعْبُ: هو الطَّريقُ في الجبَلِ-؛ وذلك لحُسنِ جِوارِهم، ووَفائِهم بالعَهدِ، ونُصرَتِهم لدِينِ اللهِ ولرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي رِوايةٍ أُخْرى للبُخاريِّ أنَّه قال لهمُ: «الأنْصارُ شِعارٌ» وهو الثَّوبُ الَّذي على الجِلدِ، «والنَّاسُ دِثارٌ» وهو الثَّوبُ الَّذي فوقَ الشِّعارِ، فأرادَ أنَّهم أقرَبُ النَّاسِ إليه.
وسألَ هِشامُ بنُ زَيدِ بنِ أنَسِ بنِ مالِكٍ، راوي الحَديثِ عن جَدِّه أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقال: «يا أبا حَمْزةَ» وهي كُنْيةُ أنَسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه، كُنتَ حاضرًا ذلك الموقفَ؟ قال: «وأين أغيبُ عنه؟!» وهو اسْتِفهامٌ إنْكاريٌّ، يُقرِّرُ أنَّه ما كان يَنبَغي له أنْ يظُنَّ أنَّ أنَسًا رَضيَ اللهُ عنه يَغيبُ عن ذلك، وهو منَ الأنْصارِ.
وفي الحَديثِ: الصَّبرُ عن حُظوظِ الدُّنْيا وحُطامِها، وما استُؤْثِرَ به منها، وادِّخارُ ثَوابِ ذلك للدَّارِ الآخِرةِ الَّتي لا تَفْنَى.
وفيه: بَيانٌ لشَجاعةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: تَأليفُ قُلوبِ بَعضِ النَّاسِ بالمالِ حتَّى يَثبُتوا على الإسْلامِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريبعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم
صحيح البخاريبعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فاستعمل رجلا من الأنصار وأمرهم أن
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية
صحيح البخاريأنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فأدلجوا ليلتهم حتى
صحيح البخاريجاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في مسجد الحرام فقال
صحيح البخاريألا يعجبك أبو فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله
صحيح البخاريأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه
صحيح البخاريذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال
صحيح البخاريأنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج على المنبر فتناول قصة من
صحيح البخاريخرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان إلى حنين والناس مختلفون فصائم
صحيح البخاريأغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي واجبلاه واكذا واكذا
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان وفي


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب