حديث ما أمرهما ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن يقتل

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث عبدالله بن عباس

«أمَرَنِي عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبْزَى، قالَ: سَلِ ابْنَ عَبَّاسٍ عن هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ: ما أمْرُهُما؟ {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} (النساء: 93)، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقالَ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتي في الفُرْقَانِ، قالَ: مُشْرِكُو أهْلِ مَكَّةَ: فقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ، ودَعَوْنَا مع اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وقدْ أتَيْنَا الفَوَاحِشَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} (الفرقان:  70) الآيَةَ، فَهذِه لِأُولَئِكَ، وأَمَّا الَّتي في النِّسَاءِ: الرَّجُلُ إذَا عَرَفَ الإسْلَامَ وشَرَائِعَهُ، ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ. فَذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقالَ: إلَّا مَن نَدِمَ.»

صحيح البخاري
عبدالله بن عباس
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 3855 - أخرجه مسلم (3023) باختلاف يسير دون قول مجاهد

شرح حديث أمرني عبد الرحمن بن أبزى قال سل ابن عباس عن هاتين الآيتين


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

حرَّمَ اللهُ سُبحانَه سَفْكَ الدِّماءِ المَعْصومةِ بغَيرِ حقٍّ، وتَوعَّدَ مَن سفَكَها عَمدًا بالعَذابِ الأليمِ، واللهُ عزَّ وجلَّ حَكَمٌ عدَلٌ، لا تَضيعُ عندَه الحُقوقُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ سَعيدُ بنُ جُبَيرٍ أنَّ الصَّحابيَّ عبدَ الرَّحمَنِ بنَ أبْزَى رَضيَ اللهُ عنه أمَرَه أنْ يَسأَلَ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما عن هاتَينِ الآيَتَينِ، وهما قولُ اللهِ تعالَى: { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ } [ الأنعام: 151 ]، هكذا ذُكِرتْ في تِلك الرِّوايةِ، والصَّوابُ: أنَّ مُرادَه قولُ اللهِ تعالَى: { وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } [ الفرقان: 68 ] على ما سيأتي في الحديثِ، وهو ما عليه أكثرُ الرِّواياتِ، والمعنَى: أنَّ مِن صِفاتِ عِبادِ الرَّحمنِ أنَّهم لا يَقتُلون النَّفْسَ الَّتي حرَّم اللهُ قَتلَها بأنْ عصَمَها بالإسْلامِ، إلَّا بالحقِّ الَّذي يُبيحُ قَتْلَها، شَرعًا كرِدَّةٍ، أو قِصاصٍ، أو زِنًا يوجِبُ الرَّجمَ، وقولُه: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [ النساء: 93 أي: ومَن يَقتُلُ مؤمِنًا مُتعمِّدًا قَتْلَه؛ فجَزاؤُه الَّذي  يَستَحِقُّه بسبَبِ هذه الجِنايةِ الكَبيرةِ { جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا }، أي: باقيًا فيها مدَّةً طَويلةً، لا يَعلَمُ مِقْدارَها إلَّا اللهُ، { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ } بسبَبِ ما ارْتَكَبَه مِن مُنكَرٍ، { وَلَعَنَهُ }، أي: طرَدَه مِن رَحمَتِه، وأعَدَّ له مِن وَراءِ ذلك كلِّه عَذابًا عَظيمًا يومَ القيامةِ، والمُرادُ: ما أمرُ هاتَينِ الآيَتَينِ؟ فإحداهما قدْ دلَّت على العفْوِ عندَ التَّوبةِ، والثَّانيةُ على وُجوبِ الجزاءِ مُطلَقًا، فما وَجهُ التَّوْفيقِ بيْنَهما؟
وقد أجابَه ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّه لمَّا أُنزِلَتِ الآيةُ الَّتي في سُورةِ الفُرْقانِ، وهي قولُه تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا } [ الفرقان: 68، 69 ]، قال مُشرِكو أهلِ مكَّةَ: فقدْ قتَلْنا النَّفْسَ الَّتي حرَّم اللهُ، ودَعَوْنا معَ اللهِ إلَهًا آخَرَ، وقدْ أتَيْنا الفَواحِشَ؛ فما يُغْني عنَّا الإسْلامُ وقدْ فعَلْنا ذلك كلَّه؟! فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [ الفرقان: 70 ]، فهذه لأولئك الكفَّارِ.

وأمَّا الآيةُ الَّتي في سُورةِ النِّساءِ -يَعني قولَه تعالَى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [ النساء: 93 ]- ففي الرَّجلِ المُسلِمِ إذا عرَف الإسْلامَ وشَرائعَه، ثمَّ قتَلَ؛ فجَزاؤُه جَهنَّمُ خالدًا فيها.
قال عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبْزَى: فذكَرْتُ قولَ ابنِ عبَّاسٍ لمُجاهدِ بنِ جَبرٍ فقال: إلَّا مَن نَدِمَ، يَعني: مَن تاب؛ فإنَّه يُسْتَثْنى منَ الوَعيدِ.
وقدْ ذهَب أهلُ السُّنَّةِ إلى أنَّ تَوْبةَ قاتِلِ المُسلِمِ عَمدًا مَقْبولةٌ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } [ طه: 82 ]، وقولِه تعالَى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } [ النساء: 48 ]، وأمَّا ما رُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما فهو تَشْديدٌ ومُبالَغةٌ في الزَّجرِ عنِ القَتلِ.
وقيلَ: إنَّه وَعيدٌ لمَن قتَل مؤمِنًا مُستحِلًّا لقَتلِه بسبَبِ إيمانِه، ومَنِ استحَلَّ قَتْلَ أهلِ الإيمانِ لإيمانِهم، كان كافِرًا مُخلَّدًا في النَّارِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ ما فعَلَه المُشرِكونَ بالمُسلِمينَ منَ القَتلِ، والتَّعْذيبِ، وغيرِ ذلك يَسقُطُ عنهم بالإسْلامِ؛ إذِ الإسْلامُ يَمْحو ما قبلَه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريسألت مسروقا من آذن النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن
صحيح البخاريأنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته فبينما
صحيح البخاريسمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول والله
صحيح البخاريعن عبد الله بن عمر قال بينما هو في الدار خائفا إذ جاءه
صحيح البخاريما سمعت عمر لشيء قط يقول إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن
صحيح البخاريأن القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة ولا يقوم لها ويخبر عن عائشة
صحيح البخاريأن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشأم يسأل عن الدين ويتبعه
صحيح البخاريرأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا
صحيح البخاريلم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حول البيت حائط كانوا
صحيح البخاريدخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم
صحيح البخاريسمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول يا أيها الناس اسمعوا مني ما
صحيح البخاريأن ابن عباس رضي الله عنهما قال ليس السعي ببطن الوادي بين الصفا


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, July 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب