حديث إن شئت خليت بيننا وبين الأمر ثم جعلته لنا بعدك فقال النبي

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود

«بَلَغَنَا أنَّ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابَ قَدِمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ في دَارِ بنْتِ الحَارِثِ، وكانَ تَحْتَهُ بنْتُ الحَارِثِ بنِ كُرَيْزٍ، وهي أُمُّ عبدِ اللَّهِ بنِ عَامِرٍ، فأتَاهُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ -وهو الذي يُقَالُ له: خَطِيبُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وفي يَدِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضِيبٌ، فَوَقَفَ عليه فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ له مُسَيْلِمَةُ: إنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بيْنَنَا وبيْنَ الأمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ، فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو سَأَلْتَنِي هذا القَضِيبَ ما أعْطَيْتُكَهُ، وإنِّي لَأَرَاكَ الذي أُرِيتُ فيه ما أُرِيتُ، وهذا ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، وسَيُجِيبُكَ عَنِّي. فَانْصَرَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عبدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَبَّاسٍ عن رُؤْيَا رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّتي ذَكَرَ، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لي أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: بيْنَا أنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أنَّه وُضِعَ في يَدَيَّ سِوَارَانِ مِن ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُما وكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لي، فَنَفَخْتُهُما فَطَارَا، فأوَّلْتُهُما كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أحَدُهُما العَنْسِيُّ، الذي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ باليَمَنِ، والآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ.»

صحيح البخاري
عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 4378 - أخرجه البخاري (4378)، ومسلم (2273)

شرح حديث بلغنا أن مسيلمة الكذاب قدم المدينة فنزل في دار بنت الحارث وكان


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كان مُسَيْلِمةُ الكذَّابُ -لعَنَه اللهُ- قدِ ادَّعى النُّبوَّةَ، وأنَّه يُوحَى إليه، واتَّبَعه قَومُه مِن بَني حَنيفةَ حَميَّةً وتَعصُّبًا، وقتَلَه اللهُ عزَّ وجلَّ في خِلافةِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه في مَوقِعةِ اليَمامةِ الشَّهيرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ عُبَيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ بنِ مَسعودٍ، أنَّه بلَغَهم أنَّ مُسَيْلِمةَ الكَذَّابَ أتى المَدينةَ مرَّةً، وكان ذلك على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونزَلَ في دارِ بِنتِ الحارِثِ، وكان مُتزوِّجًا مِن بِنتِ الحارِثِ بنِ كُرَيْزٍ، وهي كَيِّسةُ بِنتُ الحارِثِ، وقولُه: «وهي أُمُّ عَبدِ اللهِ بنِ عامِرٍ» صَوابُهُ: أُمُّ أولاد عبدِ اللهِ بنِ عامِرٍ؛ فهي زَوجةُ عبْدِ اللهِ بنِ عامرٍ وابنةُ عمِّه، لا أُمُّه.

فَجاءهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليَدْعوَه إلى الإسْلامِ؛ لعَلَّه يَترُكُ كُفرَه ودَعْوتَه، واصطَحَبَ معَه الصَّحابيَّ ثابِتَ بنَ قَيسِ بنِ شَمَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنه الَّذي كان يُلقَّبُ بخَطيبِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان في يَدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضيبٌ -أي: عُودٌ مِن خشَبٍ ونحْوِه- فكَلَّمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال مُسَيْلِمةُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ شِئْتَ خَلَّيْنا بيْنَكَ وبيْن الأمرِ -أي: أمْرِ النُّبوَّةِ-، ثمَّ جعَلْتَه لنا بعْدَكَ، يَعني: لو أرَدْتَ ترَكْتُ دَعْوَتي بشَرطِ أنْ تَجعَلَ النُّبوَّةَ لي مِن بَعدِكَ، كأنَّها مُلْكٌ، أو مِن أمرِ البشَرِ يُوَزِّعونَها كيف شاؤوا! فرَدَّ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّه لنْ يَنالَ منْه شيئًا، وأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعلَمُ أنَّ مُسَيلِمةَ هو تَحْقيقٌ للرُّؤْيا الَّتي رَآها قبلَ ذلك، وانصرَفَ عنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وترَكَه، وأخْبَرَه أنَّ ثابِتَ بنَ قَيْسٍ رَضيَ اللهُ عنه سيُجِيبُ بدَلًا مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليه؛ تَحقيرًا لشَأنِه وتَصغيرًا له، وأحالَ على ثابتٍ؛ لعِلمِه بأنَّه يقومُ عنه بجَوابِ كلِّ ما يَسأَلونه عنه؛ إذ كان مِن أفضَلِ النَّاسِ، وأكمَلِهم عقْلًا، وأفصَحِهم لِسانًا.
ويَحْكي عُبَيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ أنَّه سَألَ عبدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما عنِ الرُّؤْيا الَّتي قصَدَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَديثِه معَ مُسَيْلِمةَ الكذَّابِ، فأخْبَرَهُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه قدْ ذُكِرَ له أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «بيْنَا أنا نائمٌ، أُرِيتُ أنَّه وُضِعَ في يَدَيَّ سِوارانِ» والسِّوَارُ: ما يُوضَعُ في مِعصَمِ اليَدِ مِن الحُليِّ، وكانا مِن ذهَبٍ، فخافَهُما رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكَرِهَهُما، فنَفَخَ فيهما، فطَارَا، ففسَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذه الرُّؤْيا بأنَّ هَذَين السِّوارَيْنِ يَكونانِ كَذَّابَيْنِ يَخرُجانِ مِن بَعْدِه، وقيلَ في سَببِ تَأْويلِ السِّوارَيْنِ بالكَذَّابَينِ: لأنَّ السِّوارَيْنِ وُضِعا في غيرِ مَوْضِعِهما؛ لأنَّه ليس مِن حِلْيةِ الرِّجالِ، وكذلك الكَذَّابُ يضَعُ الخبَرَ في غيرِ مَوضِعِه.

وقيلَ: مُناسَبةُ هذا التَّأْويلِ لهذه الرُّؤْيا: أنَّ أهلَ صَنْعاءَ وأهلَ اليَمامةِ كانوا أسْلَموا، فكانوا كالسَّاعِدَينِ للإسْلامِ، فلمَّا ظهَرَ فيهما الكَذَّابانِ، ودَعْواهما الباطِلةُ انخدَعَ أكثَرُهم بذلك، فكان اليَدانِ بمَنزِلةِ البَلدَيْنِ، والسِّوارانِ بمَنزِلةِ الكَذَّابَينِ، ونَفْخُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إيَّاهما فَطارا، دَليلًا لانْمِحاقِهما، واضْمِحْلالِ أمْرِهما.
فقال عُبَيدُ اللهِ بنُ عُتْبةَ: إنَّ أحَدَ هذَين الكذَّابَيْنِ هو الأسْوَدُ العَنْسيُّ الَّذي خرَجَ باليَمَنِ، وقتَلَه فَيْروزُ الدَّيْلَميُّ رَضيَ اللهُ عنه، قُبَيلَ وَفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
والآخَرَ هو مُسَيْلِمةُ الكذَّابُ، وقد  بعَثَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ خالِدَ بنَ الوَليدِ رَضيَ اللهُ عنهما سَنةَ 11 هِجْريَّةً، إلى مُسَيْلِمةَ الكذَّابِ في جَيشٍ كَبيرٍ، حتَّى أهلَكَه اللهُ على يَدِ وَحْشيِّ بنِ حَربٍ رَضيَ اللهُ عنه بعْدَ حَربٍ شَديدةٍ.
وفي الحَديثِ: أنَّ رُؤْيا الأنْبياءِ حقٌّ.
وفيه: استِخْدامُ العِبارةِ القَويَّةِ والتَّهديدِ معَ مَن يُخْشى ضَرَرُه.
وفيه: حِرصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على تَبْليغِ الحقِّ، وتَركِ الخَوضِ في جِدالٍ عَقيمٍ لا طائلَ مِن وَرائِه.
وفيه: دَليلٌ مِن دَلائلِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: فَضيلةُ الصَّحابيِّ ثابتِ بنِ قَيسِ بنِ شَمَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريسمعت أبا رجاء العطاردي يقول كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير
صحيح البخاريبعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني
صحيح البخاريسمعت خالد بن الوليد يقول لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف
صحيح البخاريأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة
صحيح البخاريتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال
صحيح البخاريإن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر وليس كذلك ولكن عمر
صحيح البخاريلما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره فقال اتهموا الرأي فلقد
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وعمر
صحيح البخاريسألت عائذ بن عمرو رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي صلى الله
صحيح البخاريكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أتوا بسويق فلاكوه
صحيح البخاريافتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط
صحيح البخاريرأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت يا أبا مسلم ما هذه الضربة


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب