شرح حديث كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كُنَّا لا نَأْكُلُ مِن لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: كُلُوا وتَزَوَّدُوا.
فأكَلْنَا وتَزَوَّدْنَا.
قُلتُ لِعَطَاءٍ: أقالَ: حتَّى جِئْنَا المَدِينَةَ؟ قالَ: لَا.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1719 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
التخريج : أخرجه مسلم ( 1972 ) باختلاف يسير
لقدْ راعَى التَّشريعُ الإسلاميُّ واقِعَ المُجتمعِ وحاجاتِه، وبَنى مُجتمعًا مُسلِمًا مُترابِطًا كالجسَدِ الواحدِ، متى نَزَلَتْ بأحدِهم نازلةٌ، تَكاتَفَ الجميعُ لإزالتِها عنه.
وفي هذا الحَديثِ يَروي جابِرُ بنُ عبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما أنَّهم كانوا لا يَأكُلون مِن لُحومِ بُدْنِهم -يعني: بَهيمةَ الأنعامِ مِن البقَرِ والإبلِ الَّتي يُهدونَها للحرَمِ تَقرُّبًا للهِ عزَّ وجلَّ- فوقَ أيَّام مِنًى الثَّلاثِ، وهي المعروفةُ بأيَّامِ التَّشريقِ، وهي الحادي عشَرَ، والثاني عشَرَ، والثالثَ عشَرَ مِن ذي الحِجَّةِ، وما زَاد عَلى ذلِك يُوزَّعُ على الفُقَراءِ؛ لِسَدِّ حاجتِهِم ومُواساتِهِم في مِحنتِهِم، ومَدِّ يَدِ المَعونةِ لهُم، ثمَّ بعدَ ذلِك أَذِنَ لهم النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَأكُلوا منها، وأن يَأخُذوا منها زادًا في سَفَرِهم.
فسَأَلَ التابعيُّ عبدُ الملكِ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ جُريجٍ عَطاءَ بنَ أبي رَباحٍ -راوي الحديثِ عن جابرِ بنِ عبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما-: أقال جابرٌ: حتَّى جِئنا المدينةَ؟ قال عطاءٌ: لا.
لكنْ وَقَعَ في صَحيحِ مُسلِمٍ: «
نعمْ» بدَلَ قولِه: «
لا»، وجُمِعَ بيْنهما بالحمْلِ على أنَّه نَسِيَ فقال: لا، ثمَّ تَذكَّرَ فقال: نَعَمْ، أو أنَّه ليس المرادُ بقولِه: «
لا» نفْيَ الحكْمِ، بلْ مُرادُه أنَّ جابرًا لم يُصرِّحْ باستمرارِ ذلك منهم حتَّى قَدِموا المدينةَ، فيكونُ على هذا معْنى قولِه في روايةٍ: «
كنَّا نَتزوَّدُ لُحومَ الهدْيِ إلى المدينةِ»،
أي: لِتَوجُّهِنا إلى المدينةِ، ولا يَلزَمُ مِن ذلك بَقاؤُها معهم حتَّى يَصِلوا المدينةَ.
واستُدِلَّ بهذا الحَديثِ على إثباتِ النَّسخِ في السُّنةِ، وأنَّ هذا مِن نسْخِ السُّنَّةِ بالسُّنةِ، وقيل: ليس هو نسْخًا بلْ كان النهيُ لعِلَّةٍ فلمَّا زالتْ زالَ.
وعِلَّةُ المنْعِ مِن الادِّخارِ أوَّلًا ثمَّ الإباحةِ بعْدَ ذلك: حاجةُ الناسِ وكَثرةُ الفُقراءِ، فلمَّا زالتِ العِلَّةُ الموجِبةُ لذلك أمَرَهم أنْ يَأكُلوا ويَدَّخِروا، ويُؤيِّدُ ذلك ما رواهُ مُسلمٌ في صَحيحِه عن عبدِ
اللهِ بنِ واقدٍ قال: «
نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أكْلِ لُحومِ الضَّحايا بعْدَ ثَلاثٍ...»
وفيه: «
...فقال: إنَّما نَهَيتُكم مِن أجْلِ الدَّافَّةِ التي دَفَّت، فكُلوا وادَّخِروا وتَصدَّقوا».
والدَّافَّةُ: مَن وَرَدَ مِن ضُعفاءِ الأعرابِ للمُواساةِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الحُكمَ يَدورُ مع عِلَّتِه وُجودًا وعدَمًا؛ كما في منْعِ الادِّخارِ ثُمَّ إباحتِه.
وفيه: رَدٌّ على مَن زَعَمَ أنَّه لا يَجوزُ ادِّخارُ طَعامٍ لغَدٍ، وأنَّ اسمَ الوِلايةِ لا يُستحَقُّ لمَن ادَّخَرَ شَيئًا ولو قلَّ، وأنَّ مَن ادَّخَرَ أساء الظَّنَّ ب
اللهِ تعالَى.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم