شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير ويحبس
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زاهدًا في الدُّنيا مع أنَّ اللهَ تعالَى أعْطاهُ مَفاتيحَ الغِنى، وأحلَّ له الغَنائمَ، ولكنَّه كان يَجعَلُ الدُّنيا في يَديهِ وليس في قَلْبِه، وكانَ لا يَدَّخرُ منها إلَّا قُوتَ أهلِه؛ رِعايةً لهم.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنهُ: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَبيعُ نخلَ بني النَّضيرِ»، وهمْ قَبيلةٌ مِن قَبائلِ اليهودِ في المدينةِ أخرَجهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن المدينةِ بعدَ غدْرِهمْ وخِيانتِهمْ في العامِ الرَّابعِ مِنَ الهِجرةِ، وقبَضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أموالَهمْ وسِلاحَهمْ، وكانتْ خالِصةً للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَبيعُ نَخلَهمْ و«يَحبِسُ»، يعني يدَّخِرُ «لأهلِهِ» ما يَكفِيهمْ «قُوتَ سَنتِهمْ» يعني طعامَ سَنةٍ كامِلةٍ، وفي ذلكَ تَطييبٌ لقُلوبِهم، وتَشْريعٌ لأُمَّتِه، وهذا لا يُنافي التوكُّلَ على اللهِ عزَّ وجَلَّ؛ إذ هو من قَبيلِ الأخذ بالأسباب والقلوبُ متوكِّلةٌ على اللهِ عزَّ وجَلَّ.
ولا يعارِضُه حديثُ الترمذيِّ في سُنَنِه: «أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لا يدَّخِرُ شَيئًا لغَدٍ»؛ لأنَّ ذلك كان قبل السَّعةِ، أو لا يدَّخِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لنَفْسِه بخُصوصِها، بل لأهْلِه، وقيل: لم يدَّخِرْ على أمَلِ البقاءِ إلى الغدِ، وكان ادِّخارُه إنَّما جاء مِن ضَرورةِ الواقعِ؛ لأنَّ الَّذي كان يَدَّخِرُ لَم يَكُنْ يُحصَّلُ إلَّا مِن السَّنةِ إلى السَّنةِ؛ لأنَّه كان إمَّا تمرًا وإمَّا شَعيرًا، ومع كونِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يحتَبِسُ قُوتَ سَنةٍ لعِيالِه؛ فكان في طُولِ السَّنةِ ربَّما طلَبه مِنهم لِمَن يَرِدُ عليه مِن الضِّيفانِ والوفودِ ويُعوِّضُهم عنه؛ ولذلك مات صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ودِرْعُه مرهونةٌ على شَعيرٍ اقتَرَضه قوتًا لأهلِه!
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ ادِّخارِ الطَّعامِ للأَهلِ والعِيالِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم