شرَعَ
اللهُ سُبحانَه لنَبيِّه مُحمَّدٍ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم بعضَ الأحكامِ الخاصَّةِ به، ومِن ذلك أنَّه أباحَ له الزَّواجَ بأكثَرَ مِن أربعِ نِسوةٍ، وأنْ تهَبَ المرأةُ نفْسَها له، كما أعطاه خُمُسَ غَنائمِ الحربِ، وغيرَ ذلك.
وفي هذا الحَديثِ تُخبر أمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رَضِي
اللهُ عَنها: أنها كانت تغارُ وَفي مُسنَدِ أحمَدَ: «
كانَتْ تَعيرُ»، فَالمَعنى: أنها كانت تَعيبُ على اللَّاتي وَهبْنَ أنفُسَهنَّ لِرَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم، وهُنَّ مَن عَرَضْنَ أنفُسَهنَّ للزَّواجِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم بِدونِ مَهرٍ، وكان مِن هؤلاء الواهباتِ: خَولةُ بنتُ حَكيمٍ، وأمُّ شريكٍ، وفاطمةُ بنتُ شُرَيحٍ، وزينبُ بنتُ خُزَيمةَ، ومَيمونةُ بنتُ الحارثِ، وليلى بنتُ الحطيمِ رَضِيَ
اللهُ عنهن، فَكانتْ أمُّ المُؤمِنينَ عائَشةُ رَضِيَ
اللهُ عنها تَستغرِبُ وتَقولُ: «
أتَهبُ المَرأةُ نَفْسَها؟!» وكان هذا منها رَضِيَ
اللهُ عنها تَقبيحًا لهذا الفعلِ وتنفيرًا للنِّساءِ عنه؛ لئلَّا تهَبَ النِّساءُ أنفُسَهنَّ له صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم.
فَلمَّا أنْزَلَ
اللهُ تعالَى:
{ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ } [
الأحزاب: 51 ]، وَالآيةُ عامَّةٌ في أمْرِ الواهِباتِ أنفُسَهنَّ لرَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم،
أي: تَقبَلُ هِبةَ مَن شِئتَ وتَرُدُّ مَن شِئتَ.
وَهي أيضًا في زَوجاتِه؛ فَهوَ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم مُخيَّرٌ فيهِنَّ: إنْ شاءَ قَسَمَ، وإنْ شاءَ لَمْ يَقسِمْ، ولكِنَّه كان يَقسِمُ بينهنَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم تطييبًا لنُفوسِهنَّ.
قالت أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رضِيَ
اللهُ عنها: قُلتُ -يعني لَمَّا نزلت هذه الآيةُ-: ما أَرى رَبَّك إلَّا يُسارِعُ في هَواكَ!
أي: يُلبِّي لكَ مُرادَك وَما تُريدُ دونَ تَأخيرٍ، ويُنزِلُ ما تُحِبُّ وتَختارُ، ويسارِعُ في مُوافقتِك على ما تُحِبُّ ممَّا أحلَّه لك، ويُخفِّفُ عنك ويُوسِّعُ عليك في الأُمورِ.
وقولُها هذا كِنايةٌ عن تَرْكِها ذلك التَّنفيرَ والتَّقبيحَ؛ لِمَا رأَتْ من مُسارعةِ
اللهِ تعالى في مَرضاةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: إظهارُ مَكانةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم عندَ رَبِّه عزَّ وجلَّ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم