حديث أبا القاسم لا أنظره فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قام

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث جابر بن عبدالله

«كانَ بالمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ، وكانَ يُسْلِفُنِي في تَمْرِي إلى الجِدَادِ -وكَانَتْ لِجَابِرٍ الأرْضُ الَّتي بطَرِيقِ رُومَةَ- فَجَلَسَتْ، فَخَلَا عَامًا، فَجَاءَنِي اليَهُودِيُّ عِنْدَ الجَدَادِ ولَمْ أجُدَّ منها شيئًا، فَجَعَلْتُ أسْتَنْظِرُهُ إلى قَابِلٍ فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بذلكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَقالَ لأصْحَابِهِ: امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ اليَهُودِيِّ. فَجَاؤُونِي في نَخْلِي، فَجَعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكَلِّمُ اليَهُودِيَّ، فيَقولُ: أبَا القَاسِمِ، لا أُنْظِرُهُ، فَلَمَّا رَأَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَامَ فَطَافَ في النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ فأبَى، فَقُمْتُ فَجِئْتُ بقَلِيلِ رُطَبٍ، فَوَضَعْتُهُ بيْنَ يَدَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأكَلَ، ثُمَّ قالَ: أيْنَ عَرِيشُكَ يا جَابِرُ؟ فأخْبَرْتُهُ، فَقالَ: افْرُشْ لي فيه، فَفَرَشْتُهُ، فَدَخَلَ فَرَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْتُهُ بقَبْضَةٍ أُخْرَى فأكَلَ منها، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ اليَهُودِيَّ فأبَى عليه، فَقَامَ في الرِّطَابِ في النَّخْلِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قالَ: يا جَابِرُ، جُدَّ واقْضِ. فَوَقَفَ في الجَدَادِ، فَجَدَدْتُ منها ما قَضَيْتُهُ، وفَضَلَ منه، فَخَرَجْتُ حتَّى جِئْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَبَشَّرْتُهُ، فَقالَ: أشْهَدُ أنِّي رَسولُ اللَّهِ.»

صحيح البخاري
جابر بن عبدالله
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 5443 - أخرجه البخاري (5443)

شرح حديث كان بالمدينة يهودي وكان يسلفني في تمري إلى الجداد وكانت لجابر الأرض


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

على المُسلِمِ أنْ يَسعَى في حاجةِ أخيه المُسلِمِ، ويُؤَازِرَهُ إذا اشتدَّتْ به المصائبُ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المثَلَ والقُدوةَ في هذا الميدانِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّه كان بالمدينةِ يَهوديٌّ يُسْلِفُه في تَمْرِه إلى الجِدادِ، أي: يُعْطيهِ أو يَبيعُ له تَمْرًا على سَبيلِ الدَّيْنِ، على أنْ يَرُدَّ له دَيْنَهُ حين حَصادِ تَمْرِه في مَوْسِمِهِ.
وكانت أرضُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه بطَريقِ رُومةَ، وهي بِئرٌ كانتْ في المدينةِ، وكان ماؤها عَذْبًا، وهي البئرُ الَّتي اشْتَراها عُثمانُ بنُ عفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه مِنَ اليهوديِّ، وجعَلَها سَبيلًا للنَّاسِ.
قال: «فَجَلَسَتْ»، أي: فلَمْ يُثْمِرِ النَّخْلُ ما يَكفي لِقَضاءِ الدَّينِ مِنَ التَّمْرِ، «فَخَلَا عامًا»، أي: تَأخَّرَ السَّلَفُ عَنِ القضاءِ عامًا، فجاءه اليهودي يطلب دينه في موسم الحصاد، فطلب جابر رَضِيَ اللهُ عنه منه تَأجيلَ السَّدادِ إلى العامِ المُقْبِلِ، فرَفَضَ اليَهُوديُّ، فلمَّا أُخْبِرَ بذلك النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال لأصحابِهِ: «امْشُوا نَستنظِرْ لجابرٍ مِنَ اليهوديِّ»، أي: نطلُبُ لجابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه من اليهوديِّ التأجيلَ أو الإمهالَ حتى يتمكَّنَ جابرٌ من سَدادِ دَينِه.
ويحكي جابرٌ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاءه وبعضُ أصحابِه في نَخْلِه، فجعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكلِّمُ اليهوديَّ ويطلُبُ منه أنْ يُؤجِّلَ دَينَ جابرٍ أو يُقلِّلَ منه؛ حتَّى يَستطيعَ سَدادَهُ، فيَقولُ اليَهوديُّ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أبا القاسمِ، لا أُنْظِرُهُ»، أي: لا أُؤَجِّلُهُ ولا أُمْهِلُهُ، وأبو القاسمِ: كُنيةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَفعَلُهُ اليهوديُّ مِن إصرارٍ على عدَمِ إنْظارِهِ دَينَ جابرٍ، قامَ فجعَل يَمشي بيْن النَّخلِ وحَوْلَهُ، ثمَّ جاء إلى اليهوديِّ مرةً أُخرى وطلَبَ منه أنْ يُؤجِّلَ دَيْنَ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فرفَضَ اليهوديُّ.
قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: «فقُمْتُ فجِئْتُ بقَليلِ رُطَبٍ» وهو التَّمرُ الَّذي نَضِجَ واسْتَوى على نَخْلتِهِ، «فوضَعْتُهُ بيْن يَدَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأكَلَ، ثمَّ قال: أين عَريشُكَ يا جابرُ؟» والعَريشُ: هو المكانُ المُظلَّلُ للرَّاحةِ في الحُقولِ، فأعلمه جابِرٌ مكانَ العَريشِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «افْرُشْ لي فيه»، أي: بِساطًا أو ما شابَهَ، قال جابرٌ: «ففَرَشْتُهُ، فدخَلَ» النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنامَ في ذلك العريشِ، ثمَّ استيقَظَ، فجاءهُ جابرٌ بقَبْضَةٍ أُخْرى مِنَ التَّمْرِ، فأَكَلَ منها، ثمَّ قام فكلَّمَ اليهوديَّ مرةً ثالثةً، فرفَضَ وامْتَنَعَ اليهوديُّ مِنَ تَأجيلِ الدَّينِ، وأخبر جابرٌ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام، فجَعَلَ يَمشي بيْن النَّخلِ الَّذي يُثْمِرُ الرُّطَبَ، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يا جابرُ، جُدَّ واقْضِ»، أي: اقْطَعْ للدَّائنِ مِن فُروعِ النَّخيلِ ما يَحمِلُ ثَمَرَ الرُّطَبِ، وأوْفِ لهُ حقَّهُ.
ويحكي جابرٌ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقف «في الجِدادِ»، أي: عِنْدَ قَطْعِ فُروعِ الرُّطَبِ والتَّمْرِ مِنَ النَّخْلِ، وقطَعَ جابرٌ رَضِيَ اللهُ عنه مِنَ النَّخيلِ وتَمْرِها ما أَوْفَى به حقَّ اليهوديِّ، وبَقِيَ منه، وهذا مِن بَرَكَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومِنَ الخيرِ والمعجِزاتِ الَّتي يُجريها اللهُ على يَدَيْ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
فخرَجَ جابِرٌ رَضِيَ اللهُ عنه حتَّى جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبَشَّرَه بما كان مِن قَضاءٍ للدَّينِ، وما كان مِن زِيادةٍ وبقيَّةٍ في التَّمْرِ، فشَهِدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لنَفْسِهِ بالرِّسالةِ، وأنَّه نَبيُّ اللهِ حقًّا؛ لِمَا أَجْرى اللهُ على يَدَيْهِ مِنَ المعجزةِ الظَّاهرةِ أمامَ الأَعْيُنِ؛ فالتَّمْرُ والثَّمَرُ ظاهرٌ أنَّهُ لا يَكفي لسَدادِ الدَّينِ وَحْدَهُ، فإذا باللهِ سُبحانَه وتعالى يُبارِكُ فيه ويَزيدُهُ ويُنَمِّيهِ، فَيُقْضَى به الدَّينُ ويَفيضُ منه لجابرٍ!
وفي الحَديثِ: حُسْنُ مُعامَلةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِه ومسارَعتُه في حوائِجِهم.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريكان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثا وزعم أن النبي صلى الله
صحيح البخاريكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة
صحيح البخاريكان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين
صحيح البخاريكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ
صحيح البخاريكاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما رفعا أصواتهما عند
صحيح البخاريقلت يا رسول الله إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت ولا
صحيح البخاريقلت يا رسول الله أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أكل منها
صحيح البخاريقلت لعثمان بن عفان والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا البقرة قال قد
صحيح البخاريقلت لعائشة أنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق
صحيح البخاريقلت لعائشة رضي الله عنها يا أمتاه هل رأى محمد صلى الله عليه
صحيح البخاريقلت لجابر بن زيد يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى
صحيح البخاريقلت لابن عباس سورة التوبة قال التوبة هي الفاضحة ما زالت تنزل ومنهم


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 27, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب