إعراب الآية 12 من سورة المجادلة , صور البلاغة و معاني الإعراب.
إعراب ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( المجادلة: 12 ) }
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا﴾: أعربت في الآية التاسعة.
وهو
« يَاأَيُّهَا: يا: حرف نداء.
أي: اسم مبنيّ على الضم في محلّ نصب مفعول به لفعل النداء المحذوف منادى.
و"ها": حرف للتنبيه.
﴿الَّذِينَ﴾:: اسم موصول مبنيّ على الفتح في محلّ نصب؛ لأنَّه بدل من "أي".
﴿آمَنُوا﴾: فعل ماضٍ مبنيّ على الضم، لاتصاله بواو الجماعة، و"الواو" ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل، و"الألف": فارقة.
﴿إذا﴾: ظرف لما يستقبل من الزمان مبنيّ على السكون في محلّ نصب مفعول فيه متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلّق بجوابه».
﴿نَاجَيْتُمُ﴾: فعل ماضٍ مبنيّ على السكون، لاتصاله بضمير الرفع المتحرك، و"التاء": ضمير متّصل مبنيّ على الضم في محلّ رفع فاعل.
و"الميم": للجماعة.
﴿الرَّسُولَ﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿فَقَدِّمُوا﴾: الفاء: حرف واقع في جواب الشرط.
قدموا: فعل أمر مبنيّ على حذف النون؛ لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، و"الواو" ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل، "الألف": فارقة.
﴿بَيْنَ﴾: ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلّق بـ"قدموا".
وهو مضاف.
﴿يَدَيْ﴾: مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنَّه مثنى وحذفت النون للإضافة، وهو مضاف.
﴿نَجْوَاكُمْ﴾: نجوى: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذّر.
و"الكاف": ضمير متّصل مبنيّ على الضم في محلّ جرّ بالإضافة.
و"الميم": للجماعة.
﴿صَدَقَةً﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿ذَلِكَ﴾: ذا: اسم إشارة مبنيّ على السكون في محلّ رفع مبتدأ، و"اللام": حرف للبعد، و"الكاف": حرف للخطاب.
﴿خَيْرٌ﴾: خبر "ذلك" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
﴿لَكُمْ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ"خير".
﴿وَأَطْهَرُ﴾: معطوفة على "خير" مرفوعة بالضمة.
﴿فَإِنْ﴾: الفاء: حرف استئناف.
إن: حرف شرط جازم.
﴿لَمْ﴾: حرف نفي وجزم وقلب.
﴿تَجِدُوا﴾: فعل مضارع مجزوم بـ"لم"، وعلامة جزمه حذف النون، و"الواو" ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل، "الألف": فارقة.
﴿فَإِنَّ﴾: الفاء: حرف استئناف.
إن: حرف توكيد مشبّه بالفعل.
﴿اللَّهَ﴾: لفظ الجلالة: اسم "إن" منصوب بالفتحة.
﴿غَفُورٌ﴾: خبر "إن" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
﴿رَحِيمٌ﴾: خبر ثانٍ ويجوز أن يكون نعتاً لـ"غفور".
وجملة "ناجيتم" في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة "قدموا" لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها جواب شرط غير جازم.
وجملة "ذلك خير" لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها استئنافيّة.
وجملة "لم تجدوا" لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها معطوفة على جملة جواب النداء الشرط وفعله وجوابه.
وجملة "إن الله غفور" لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها استئنافيّة لجواب إن المحذوف أي إن لم تجدوا فلا بأس عليكم فإن الله غفور.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
[ المجادلة: 12]
إعراب مركز تفسير: ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك
﴿يَاأَيُّهَا﴾: ( يَا ) حَرْفُ نِدَاءٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ( أَيُّ ) مُنَادًى مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، وَ( هَا ) حَرْفُ تَنْبِيهٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿الَّذِينَ﴾: اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ نَعْتٌ لِـ( أَيُّ ) عَلَى اللَّفْظِ.
﴿آمَنُوا﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ لِاتِّصَالِهِ بِوَاوِ الْجَمَاعَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
﴿إِذَا﴾: ظَرْفُ زَمَانٍ شَرْطِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ.
﴿نَاجَيْتُمُ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ فِعْلُ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِتَاءِ الْفَاعِلِ، وَ"تَاءُ الْفَاعِلِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ الْمُقَدَّرِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
﴿الرَّسُولَ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿فَقَدِّمُوا﴾: "الْفَاءُ" حَرْفٌ وَاقِعٌ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( قَدِّمُوا ) فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُّونِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ.
﴿بَيْنَ﴾: ظَرْفُ مَكَانٍ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿يَدَيْ﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ مُثَنًّى وَحُذِفَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ.
﴿نَجْوَاكُمْ﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الْمُقَدَّرَةُ لِلتَّعَذُّرِ، وَ"كَافُ الْمُخَاطَبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
﴿صَدَقَةً﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿ذَلِكَ﴾: اسْمُ إِشَارَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ مُبْتَدَأٌ.
﴿خَيْرٌ﴾: خَبَرٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿لَكُمْ﴾: "اللَّامُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ"كَافُ الْمُخَاطَبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ، وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ نَعْتٌ لِـ( خَيْرٌ ).
﴿وَأَطْهَرُ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( أَطْهَرُ ) مَعْطُوفٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿فَإِنْ﴾: "الْفَاءُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( إِنْ ) حَرْفُ شَرْطٍ وَجَزْمٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿لَمْ﴾: حَرْفُ نَفْيٍ وَجَزْمٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿تَجِدُوا﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ فِعْلُ الشَّرْطِ مَجْزُومٌ وَعَلَامَةُ جَزْمِهِ حَذْفُ النُّونِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.
﴿فَإِنَّ﴾: "الْفَاءُ" حَرْفٌ وَاقِعٌ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( إِنَّ ) حَرْفُ تَوْكِيدٍ وَنَصْبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ.
﴿اللَّهَ﴾: اسْمُ الْجَلَالَةِ اسْمُ ( إِنَّ ) مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿غَفُورٌ﴾: خَبَرُ ( إِنَّ ) مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ جَوَابُ الشَّرْطِ.
﴿رَحِيمٌ﴾: خَبَرُ ( إِنَّ ) ثَانٍ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ) سبق إعرابها
( ناجَيْتُمُ ) ماض وفاعله
( الرَّسُولَ ) مفعوله والجملة في محل جر بالإضافة
( فَقَدِّمُوا ) الفاء رابطة وأمر وفاعله والجملة جواب الشرط لا محل لها
( بَيْنَ ) ظرف مكان مضاف
( يَدَيْ ) مضاف إليه
( نَجْواكُمْ ) مضاف إليه
( صَدَقَةً ) مفعول به
( ذلِكَ خَيْرٌ ) مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها
( لَكُمْ ) متعلقان بخير
( وَأَطْهَرُ ) معطوف على خير
( فَإِنْ ) الفاء حرف استئناف وإن شرطية
( لَمْ تَجِدُوا ) مضارع مجزوم بلم والواو فاعله والجملة استئنافية لا محل لها،
( فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) إن واسمها وخبراها والجملة الاسمية تعليل.
تفسير الآية 12 - سورة المجادلة
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | Tafsir English |
الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 12 - سورة المجادلة
ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم
سورة: المجادلة - آية: ( 12 ) - جزء: ( 28 ) - صفحة: ( 544 )أوجه البلاغة » ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 12 )
استئناف ابتدائي عاد به إلى ذكر بعض أحوال النجوى وهو من أحوالها المحمودة . والمناسبة هي قوله تعالى : { وتناجوا بالبر والتقوى } [ المجادلة : 9 ] . فهذه الصدقة شرعها الله تعالى وجعل سببها مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم فذكرت عقب آي النجوى لاسْتيفاء أنواع النجوى من محمود ومذموم . وقد اختلف المتقدمون في سبب نزول هذه الآية ، وحكمة مشروعية صدقة المناجاة . فنقلت عن ابن عباس وقتادة وجابر بن زياد وزيد بن أسلم ومقاتل أقوال في سبب نزولها متخالفة ، ولا أحسبهم يريدون منها إلا حكاية أحوال للنجوى كانت شائعة ، فلما نزل حكم صدقة النجوى أقلّ الناس من النجوى . وكانت عبارات الأقدمين تجري على التسامح فيطلقون على أمثلة الأحكام وجزئيات الكليات اسمَ أسباب النزول ، كما ذكرناها في المقدمة الخامسة من مقدمات هذا التفسير ، وأمسك مجاهد فلم يذكر لهذه الآية سبباً واقتصر على قوله : نهوا عن مناجاة الرسول حتى يتصدّقُوا .
والذي يظهر لي : أن هذه الصدقة شرعها الله وفرضها على من يجد ما يتصدق به قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وأسقطها عن الذين لا يجدون ما يتصدقون به ، وجعل سببها ووقتَها هو وقت توجههم إلى مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان المسلمون حريصين على سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمور الدين كل يوم فشرع الله لهم هذه الصدقة كل يوم لنفع الفقراء نفعاً يومياً ، وكان الفقراء أيامئذٍ كثيرين بالمدينة منهم أهل الصُفّة ومعظم المهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم .
والأظهر أن هذه الصدقة شرعت بعد الزكاة فتكون لحكمة إغناء الفقراء يوماً فيوماً لأن الزكاة تدفع في رؤوس السنين وفي مُعيَّن الفصول ، فلعل ما يصل إلى الفقراء منها يستنفدونه قبل حلول وقت الزكاة القابلة .
وعن ابن عباس : أن صدقة المناجاة شرعت قبل شرع الزكاة ونسخت بوجوب الزكاة ، وظاهر قوله في الآية التي بعدها { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } [ المجادلة : 13 ] أن الزكاة حينئذٍ شَرْع مفرد معلوم ، ولعل ما نقل عن ابن عباس إن صح عنه أراد أنها نسخت بالاكتفاء بالزكاة .
وقد تعددت أخبار مختلفة الأسانيد تتضمن أن هذه الآية لم يدم العمل بها إلا زمناً قليلاً ، قيل : إنه عشرة أيام . وعن الكلبي قال : كان ساعة من نهار ، أي أنها لم يدم العمل بها طويلاً إن كان الأمر مراداً به الوجوب وإلا فإن ندب ذلك لم ينقطع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لتكون نفس المؤمن أزكى عند ملاقاة النبي مثل استحباب تجديد الوضوء لكل صلاة .
وتضافرت كلمات المتقدمين على أن حكم الأمر في قوله : { فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } قد نسخه قوله : { فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم } [ المجادلة : 13 ] الآية .
وهذا مؤذن بأن الأمر فيها للوجوب . وفي تفسير القرطبي وأحكام ابن الفرس حكاية أقوال في سبب نزول هذه الآية تحوم حول كون هذه الصدقة شرعت لصرف أصناف من الناس عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم إذ كانوا قد ألحَفُوا في مناجاته دون داع يدعوهم فلا ينثلج لها صدر العالم لضعفها سنداً ومعنى ، ومنافاتها مقصد الشريعة . وأقرب ما روي عن خبر تقرير هذه الصدقة ما في «جامع الترمذي» عن علي بن علقمة الأنماري عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " ما ترى ديناراً؟ قلت : لا يطيقونه ، قال فنصف دينار؟ قلت : لا يطيقونه . قال : فكم؟ قلت : شعيرة " قال الترمذي : أي وزن شعيرة من ذهب . قال : إنك لزهيد فنزلت : { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } [ المجادلة : 13 ] الآية . قال : «فبي خفف الله عن هذه الأمة» . قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه اه .
قلت : علي بن علقمة الأنماري قال البخاري : في حديثه نظر ، ووثقه ابن حبان . وقال ابن الفرس : صححوا عن علي أنه قال : «ما عمل بها أحد غيري» . وساق حديثاً .
ومحمل قول علي «فبي خفف الله عن هذه الأمة» ، أنه أراد التخفيف في مقدار الصدقة من دينار إلى زنة شعيرة من ذهب وهي جزء من اثنين وسبعين جزءاً من أجزاء الدينار .
وفعل { ناجيتم } مستعمل في معنى إرادة الفعل كقوله : { يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } [ المائدة : 6 ] الآية . وقوله تعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } [ النحل : 98 ] .
والقرينة قوله : { فقدموا بين يدي نجواكم } .
والجمهور على أن الأمر في قوله : { فقدموا } للوجوب ، واختاره الفخر ورجحه بأنه الأصل في صيغة الأمر ، وبقوله : { فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } فإن ذلك لا يقال إلا فيما بفقده يزول الوجوب . ويناسب أن يكون هذا هو قول من قال : إن هذه الصدقة نسخت بفرض الزكاة ، وهو عن ابن عباس . وقال فريق : الأمر للندب وهو يناسب قول من قال : إن فرض الزكاة كان سابقاً على نزول هذه الآية فإن شرع الزكاة أبطَل كلَّ حقّ كان واجباً في المال .
و { بين يدي نجواكم } معناه : قبل نجواكم بقليل ، وهي استعارة تمثيلية جرت مجرى المثل للقرب من الشيء قبيل الوصول إليه . شبهت هيئة قرب الشيء من آخر بهيئة وصول الشخص بين يدي من يرد هو عليه تشبيه معقول بمحسوس .
ويستعمل في قرب الزمان بتشبيه الزمان بالمكان كما هنا وهو كقوله تعالى : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } وقد تقدم في سورة [ البقرة : 255 ] .
والإِشارة بذلك خير لكم } إلى التقديم المفهوم من «قدموا» على طريقة قوله :
{ اعدلوا هو أقرب للتقوى } [ المائدة : 8 ] .
وقوله : { ذلك خير لكم وأطهر } تعريف بحكمة الأمر بالصدقة قبل نجوى الرسول صلى الله عليه وسلم ليرغب فيها الراغبون .
و { خير } يجوز أن يكون اسم تفضيل ، أصله : أَخْير وهو المزاوج لقوله : { وأطهر } أي ذلك أشد خيرية لكم من أن تناجوا الرسول صلى الله عليه وسلم بدون تقديم صدقة ، وإن كان في كلّ خير . كقوله : { وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } [ البقرة : 271 ] .
ويجوز أن يكون اسماً على وزن فَعْل وهو مقابل الشَّر ، أي تقديم الصدقة قبل النجوى فيه خير لكم وهو تحصيل رضى الله تعالى في حين إقبالهم على رسوله صلى الله عليه وسلم فيحصل من الانتفاع بالمناجاة ما لا يحصل مثله بدون تقديم الصدقة .
وأما { أطهر } فهو اسم تفضيل لا محالة ، أي أطْهر لكم بمعنى : أشد طهراً ، والطهر هنا معنوي ، وهو طهر النفس وزكاؤها لأن المتصدق تتوجه إليه أنوار ربانية من رضى الله عنه فتكون نفسه زكية كما قال تعالى : { تطهرهم وتزكيهم بها } [ التوبة : 103 ] . ومنه سميت الصدقة زكاة .
وصفة هذه الصدقة أنها كانت تعطى للفقير حين يعمد المسلم إلى الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليناجيه .
وعذَر الله العاجزين عن تقديم الصدقة بقوله : { فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } أي فإن لم تجدوا ما تتصدقون به قبل النجوى غفر الله لكم المغفرةَ التي كانت تحصل لكم لو تصدقتم لأن من نوى أن يفعل الخير لو قدر عليه كان له أجر على نيته .
وأما استفادة أن غير الواجد لا حرج عليه في النجوى بدون صدقة فحاصلة بدلالة الفحوى لأنه لا يترك مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن إرادة مناجاته الرسول صلى الله عليه وسلم ليست عبثاً بل لتحصيل علم من أمور الدين .
وأما قوله : { رحيم } فهو في مقابلة ما فات غير الواجد ما يتصدق به من تزكية النفس إشعاراً له بأن رحمة الله تنفعه .
واتفق العلماء على أن حكم هذه الآية منسوخ .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تحميل سورة المجادلة mp3 :
سورة المجادلة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المجادلة
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب