إعراب الآية 14 من سورة الأنعام , صور البلاغة و معاني الإعراب.
إعراب قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم
{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( الأنعام: 14 ) }
﴿قُلْ﴾: فعل أمر مبنيّ على السكون، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت.
﴿أَغَيْرَ﴾: الهمزة: للاستفهام الإنكاري، "غير": مفعول به أول للفعل "اتخذ" منصوب بالفتحة الظاهرة، وهو مضاف.
﴿اللَّهِ﴾: لفظ الجلالة مضاف إليه مخفوض بالكسرة الظاهرة على آخره.
﴿أَتَّخِذُ﴾: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره, والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا.
﴿وَلِيًّا﴾: مفعول به ثانٍ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.
وجملة "أغير الله أتخذ وليًا" في محل نصب "مقول القول".
﴿فَاطِرِ﴾: نعت مجرور بالكسرة الظاهرة، وهو مضاف.
﴿السَّمَاوَاتِ﴾: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة على آخره.
﴿وَالْأَرْضِ﴾: الواو: حرف عطف مبنيّ على الفتح، "الأرض": اسم معطوف على "السماوات" مجرور بالكسرة الظاهرة على آخره.
﴿وَهُوَ﴾: الواو: حرف عطف مبنيّ على الفتح "هو": ضمير منفصل مبنيّ على الفتح في محلّ رفع مبتدأ.
﴿يُطْعِمُ﴾: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره, والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، وجملة "يطعم" في محل رفع خبر للمبتدأ.
﴿وَلَا﴾: الواو: حرف عطف مبنيّ على الفتح، "لا": حرف نفي مبنيّ على السّكون.
﴿يُطْعَمُ﴾: فعل مضارع للمجهول مرفوع للتجرد بالضمة الظّاهرة، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو.
وجملة "لا يُطعِم" معطوفة على "هو يُطعِم".
﴿قُلْ﴾: فعل أمر مبنيّ على السكون.
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت.
﴿إِنِّي﴾: "إنّ": حرف توكيد مشبّه بالفعل مبنيّ على السكون، والياء ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محل نصب اسم "إن".
﴿أُمِرْتُ﴾: "أمرْ": فعل ماضٍ للمجهول مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء: ضمير متّصل مبنيّ على الضم في محل رفع نائب فاعل، وجملة "أمرتُ" في محل رفع خبر "إن".
وجملة "إني أمرت" في محل نصب "مقول القول".
﴿أَنْ﴾: حرف مصدريّ ونصب واستقبال مبنيّ على السكون.
﴿أَكُونَ﴾: فعل مضارع ناقص منصوب بـ "أن" وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، واسم "أكون" ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا.
﴿أَوَّلَ﴾: خبر منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره.
﴿مَنْ﴾: اسم موصول مبنيّ على السكون في محلّ جرّ بالإضافة.
﴿أَسْلَمَ﴾: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو.
وجملة "أسلم" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل نصب "مقول القول".
﴿وَلَا﴾: الواو: حرف عطف مبنيّ على الفتح.
"لا": الناهية تجزم الفعل المضارع.
﴿تَكُونَنَّ﴾: فعل مضارع ناقص مبنيّ على الفتح في محل جزم بـ "لا"، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب، واسم تكون ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت.
﴿مِنْ﴾: حرف جرّ مبنيّ على الفتح.
﴿الْمُشْرِكِينَ﴾: اسم مجرور بـ "من" وعلامة جره الياء، لأنه جمع مذكر سالم، والجارّ والمجرور متعلقان بمحذوف خبر "تكون".
﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾
[ الأنعام: 14]
إعراب مركز تفسير: قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم
﴿قُلْ﴾: فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ".
﴿أَغَيْرَ﴾: "الْهَمْزَةُ" حَرْفُ اسْتِفْهَامٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( غَيْرَ ) مَفْعُولٌ بِهِ مُقَدَّمٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿اللَّهِ﴾: اسْمُ الْجَلَالَةِ مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿أَتَّخِذُ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنَا".
﴿وَلِيًّا﴾: مَفْعُولٌ بِهِ ثَانٍ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿فَاطِرِ﴾: بَدَلٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ.
﴿السَّمَاوَاتِ﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَالْأَرْضِ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( الْأَرْضِ ) مَعْطُوفٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿وَهُوَ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ حَالٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( هُوَ ) ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ مُبْتَدَأٌ.
﴿يُطْعِمُ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ"، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ حَالٌ.
﴿وَلَا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( لَا ) حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿يُطْعَمُ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
﴿قُلْ﴾: فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ".
﴿إِنِّي﴾: ( إِنَّ ) حَرْفُ تَوْكِيدٍ وَنَصْبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ الْمُقَدَّرِ لِاشْتِغَالِ الْمَحَلِّ بِحَرَكَةِ الْمُنَاسَبَةِ لِلْيَاءِ، وَ"يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ اسْمُ ( إِنَّ ).
﴿أُمِرْتُ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِتَاءِ الْفَاعِلِ، وَ"تَاءُ الْفَاعِلِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ نَائِبُ فَاعِلٍ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ ( إِنَّ ).
﴿أَنْ﴾: حَرْفُ نَصْبٍ وَمَصْدَرِيَّةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿أَكُونَ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ، وَاسْمُ كَانَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنَا"، وَالْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ أَنْ أَكُونَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِحَرْفٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: "بِأَنْ أَكُونَ".
﴿أَوَّلَ﴾: خَبَرُ كَانَ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿مَنْ﴾: اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
﴿أَسْلَمَ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ"، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
﴿وَلَا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( لَا ) حَرْفُ نَهْيٍ وَجَزْمٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿تَكُونَنَّ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لِاتِّصَالِهِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ، وَ"النُّونُ" حَرْفُ تَوكِيدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَاسْمُ كَانَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "أَنْتَ".
﴿مِنَ﴾: حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ الْمُقَدَّرِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
﴿الْمُشْرِكِينَ﴾: اسْمٌ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ، وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ خَبَرُ كَانَ.
( قُلْ ) فعل أمر والفاعل أنت
( أَغَيْرَ اللَّهِ ) الهمزة للاستفهام، غير مفعول به مقدم للفعل المضارع
( أَتَّخِذُ ) واللّه لفظ الجلالة مضاف إليه،
( أَتَّخِذُ وَلِيًّا ) وليا مفعول به ثان منصوب بالفتحة، وجملة أتخذ مقول القول، وجملة قل مستأنفة لا محل لها
( فاطِرِ ) نعت أو بدل من اللّه
( السَّماواتِ ) مضاف إليه
( وَالْأَرْضِ ) عطف
( وَهُوَ ) الواو حالية، هو ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية
( يُطْعِمُ ) في محل رفع خبره
( وَلا يُطْعَمُ ) الواو عاطفة ولا نافية ويطعم مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر والجملة معطوفة.
( قُلْ ) الجملة مستأنفة
( إِنِّي أُمِرْتُ ) إن حرف مشبه بالفعل والياء اسمها. أمرت ماض مبني للمجهول مبني على السكون والتاء نائب فاعل والجملة في محل رفع خبر إن وجملة إني أمرت مقول القول
( أَنْ أَكُونَ ) مضارع ناقص منصوب بأن، وأن والفعل الناقص في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر: وأمرت بكوني والجار والمجرور متعلقان بأمرت.
( أَوَّلَ ) خبر أكون واسمها ضمير مستتر تقديره أنا.
( مَنْ ) اسم موصول في محل جر بالإضافة
( أَسْلَمَ ) الجملة صلة الموصول لا محل لها.
( وَلا تَكُونَنَّ ) الواو عاطفة، لا ناهية جازمة.
تكونن: مضارع ناقص مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا والجار والمجرور
( مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) متعلقان بمحذوف خبر تكونن، والجملة مقول القول لفعل محذوف تقديره: وقيل لي: لا تكونن من المشركين.
تفسير الآية 14 - سورة الأنعام
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | Tafsir English |
الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 14 - سورة الأنعام
قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين
سورة: الأنعام - آية: ( 14 ) - جزء: ( 7 ) - صفحة: ( 129 )أوجه البلاغة » قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم :
استئناف آخر ناشىء عن جملة : { قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله } [ الأنعام : 12 ].
وأعيد الأمر بالقول اهتماماً بهذا المقول ، لأنّه غرض آخر غير الذي أمر فيه بالقول قبله ، فإنّه لمّا تقرّر بالقول ، السابق عبودية ما في السماوات والأرض لله وأنّ مصير كلّ ذلك إليه انتقل إلى تقرير وجوب إفراده بالعبادة ، لأنّ ذلك نتيجة لازمة لكونه مالكاً لجميع ما احتوته السماوات والأرض ، فكان هذا التقرير جارياً على طريقة التعريض إذ أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بالتبرّىء من أن يعبد غير الله . والمقصود الإنكار على الذين عبدوا غيره واتّخذوهم أولياء ، كما يقول القائل بمحضر المجادل المكابر ( لا أجحد الحقّ ) لدلالة المقام على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصدر منه ذلك ، كيف وقد علموا أنّه دعاهم إلى توحيد الله من أول بعثته ، وهذه السورة ما نزلت إلاّ بعد البعثة بسنين كثيرة ، كما استخلصناه ممّا تقدّم في صدر السورة . وقد ذكر ابن عطية عن بعض المفسّرين أنّ هذا القول أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ليجيب المشركين الذين دعوه إلى عبادة أصنامهم ، أي هو مثل ما في قوله تعالى : { قل أفغير الله تأمروني أعبد أيّها الجاهلون } [ الزمر : 64 ] ، وهو لعمري ممّا يشعر به أسلوب الكلام وإن قال ابن عطية : إنّ ظاهر الآية لا يتضمّنه كيف ولا بدّ للاستئناف من نكتة .
والاستفهام للإنكار . وقدّم المفعول الأول ل { أتّخذ } على الفعل وفاعله ليكون موالياً للاستفهام لأنّه هو المقصود بالإنكار لا مطلق اتّخاذ الوليّ . وشأن همزة الاستفهام بجميع استعمالاته أن يليها جزء الجملة المستفهم عنه كالمنكر هنا ، فالتقديم للاهتمام به ، وهو من جزئيات العناية التي قال فيها عبد القاهر أن لا بدّ من بيان وجه العناية ، وليس مفيداً للتخصيص في مثل هذا لظهور أنّ داعي التقديم هو تعيين المراد بالاستفهام فلا يتعيّن أن يكون لغرض غير ذلك . فمن جعل التقديم هنا مفيداً للاختصاص ، أي انحصار إنكار اتّخاذ الولي في غير الله كما مال إليه بعض شرّاح «الكشاف» فقد تكلّف ما يشهد الاستعمال والذوق بخلافه ، وكلام «الكشاف» بريء منه بل الحقّ أنّ التقديم هنا ليس إلاّ للاهتمام بشأن المقدّم ليليَ أداة الاستفهام فيعلم أن محلّ الإنكار هو اتّخاذ غير الله وليّاً ، وأما مّا زاد على ذلك فلا التفات إليه من المتكلم . ولعلّ الذي حداهم إلى ذلك أنّ المفعول في هذه الآية ونظائرها مثل { أفغير الله تأمروني أعبد } [ الزمر : 64 ] { أغير الله تدعون } [ الأنعام : 40 ] هو كلمة { غير } المضافة إلى اسم الجلالة ، وهي عامّة في كلّ ما عدا الله ، فكان الله ملحوظاً من لفظ المفعول فكان إنكار اتّخاذ الله وليّاً لأنّ إنكار اتّخاذ غيره وليّاً مستلزماً عدم إنكار اتّخاذ الله وليّاً ، لأنّ إنكار اتّخاذ غير الله لا يبقى معه إلاّ اتّخاذ الله وليّاً؛ فكان هذا التركيب مستلزماً معنى القصر وآئلاً إليه وليس هو بدالّ على القصر مطابقة ، ولا مفيداً لما يفيده القصر الإضافي من قلب اعتقاد أو إفراد أو تعيين ، ألا ترى أنّه لو كان المفعول خلاف كلمة ( غير ) لما صحّ اعتبار القصر ، كما لو قلت : أزيداً أتتّخذ صديقاً ، لم يكن مفيداً إلاّ إنكار اتّخاذ زيد صديقاً من غير التفات إلى اتّخاذ غيره ، وإنّما ذلك لأنّك تراه ليس أهلاً للصداقة فلا فرق بينه وبين قولك : أتتّخذ زيداً صديقاً ، إلاّ أنّك أردت توجّه الإنكار للمتّخذ لا للاتّخاذ اهتماماً به .
والفرق بينهما دقيق فأجد فيه نظرك .
ثم إن كان المشركون قد سألوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يتّخذ أصنامهم أولياء كان لتقديم المفعول نكتة اهتمام ثانية وهي كونه جواباً لكلام هو المقصود منه كما في قوله : { أفغير الله تَأمُرُونيَ أعْبُدُ أيّها الجاهلون } [ الزمر : 64 ] وقوله : { قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة إلى قوله قال أغير الله أبغيكم إلهاً } [ الأعراف : 12 ]. وأشار صاحب «الكشاف» في قوله : { أغير الله أبغي ربّاً } الآتي في آخر السورة إلى أنّ تقديم { غير الله } على { أبغي } لكونه جواباً عن ندائهم له إلى عبادة آلهتهم . قال الطيبي : لأنّ كل تقديم إمّا للاهتمام أو لجواب إنكار .
والوليّ : الناصر المدبّر ، ففيه معنى العلم والقدرة . يقال : تولّى فلاناً ، أي اتّخذه ناصراً . وسمّي الحليف وليّاً لأنّ المقصود من الحلف النصرة . ولمّا كان الإله هو الذي يرجع إليه عابده سمّي وليّاً لذلك . ومن أسمائه تعالى الولي .
والفاطر : المبدع والخالقُ . وأصله من الفطر وهو الشقّ . وعن ابن عباس : ما عرفت معنى الفاطر حتى اختصم إليّ أعرابيات في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتُها . وإجراء هذا الوصف على اسم الجلالة دون وصف آخر استدلال على عدم جدارة غيره لأن يتّخذ وليّاً ، فهو ناظر إلى قوله : في أول السورة { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربّهم يعدلون } [ الأنعام : 1 ]. وليس يغني عنه قوله قبله { قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله } [ الأنعام : 12 ] لأنّ ذلك استدلال عليهم بالعبودية لله وهذا استدلال بالافتقار إلى الله في أسبَاب بقائهم إلى أجل .
وقوله : { وهو يُطعم } جملة في موضع الحال ، أي يُعطي الناس ما يأكلونه ممّا أخرج لهم من الأرض : من حبوب وثمار وكلأ وصيد . وهذا استدلال على المشركين بما هو مسلّم عندهم ، لأنّهم يعترفون بأنّ الرازق هو الله وهو خالق المخلوقات وإنّما جعلوا الآلهة الأخرى شركاء في استحقاق العبادة . وقد كثر الاحتجاج على المشركين في القرآن بمثل هذا كقوله تعالى : { أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } [ الواقعة : 63 ، 64 ].
وأمّا قوله : { ولا يُطْعَمْ } بضم الياء وفتح العين فتكميل دالّ على الغنى المطلق كقوله تعالى : { وما أريد أن يطعِمونِ } [ الذاريات : 57 ]. ولا أثر له في الاستدلال إذ ليس في آلهة العرب ما كانوا يطعمونه الطعام . ويجوز أن يراد التعريض بهم فيما يقدّمونه إلى أصنامهم من القرابين وما يهرقون عليها من الدماء ، إذ لا يخلو فعلهم من اعتقاد أنّ الأصنام تنعم بذلك .
{ قُلْ إنى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين }.
استئناف مكرّر لأسلوب الاستئناف الذي قبله . ومثار الاستئنافين واحد ولكن الغرض منهما مختلف ، لأنّ ما قبله يحوم حول الاستدلال بدلالة العقل على إبطال الشرك ، وهذا استدلال بدلالة الوحي الذي فيه الأمر باتّباع دين الإسلام وما بني عليه اسم الإسلام من صرف الوجه إلى الله ، كما قال في الآية الأخرى { فقل أسلمت وجهي لله } [ آل عمران : 20 ] ، فهذا إبطال لطعنهم في الدين الذي جاء به المسمّى بالإسلام ، وشعاره كلمة التوحيد المبطلة للإشراك .
وبني فعل { أمرت } للمفعول ، لأنّ فاعل هذا الأمر معلوم بما تكرّر من إسناد الوحي إلى الله .
ومعنى { أوّل من أسلم } أنّه أول من يتّصف بالإسلام الذي بعثه الله به ، فهو الإسلام الخاصّ الذي جاء به القرآن ، وهو زائد على ما آمن به الرسل من قبل ، بما فيه من وضوح البيان والسماحة ، فلا ينافي أنّ بعض الرسل وصفوا بأنّهم مسلمون ، كما في قوله تعالى : حكاية عن إبراهيم ويعقوب { يا بنيّ إنّ الله اصطفى لكم الدين فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون } وقد تقدّم بيان ذلك عند ذكر تلك الآية في سورة [ البقرة : 132 ].
ويجوز أن يكون المراد أول من أسلم ممّن دعوا إلى الإسلام . ويجوز أن يكون الأول كناية عن الأقوى والأمكن في الإسلام ، لأنّ الأول في كلّ عمل هو الأحرص عليه والأعلق به ، فالأوليّة تستلزم الحرص والقوة في العمل ، كما حكى الله تعالى عن موسى قوله : { وأنا أول المؤمنين } [ الأعراف : 143 ]. فإنّ كونه أوّلهم معلوم وإنّما أراد : أنّي الآن بعد الصعقة أقوى الناس إيماناً . وفي الحديث : « نحن الآخرون الأولون يوم القيامة » وقد تقدّم شيء من هذا عند قوله تعالى : { ولا تكونوا أول كافر به } في سورة [ البقرة : 41 ].
والمقصود من هذا على جميع الوجوه تأييس المشركين من عوده إلى دينهم لأنّهم ربّما كانوا إذا رأوا منه رحمة بهم وليناً في القول طمعوا في رجوعه إلى دينهم وقالوا إنّه دين آبائه .
وقوله : ولا تكوننّ من المشركين } عطف على قوله : { قل } ، أي قل لهم ذلك لييْأسوا . والكلام نهي من الله لرسوله مقصود منه تأكيد الأمر بالإسلام ، لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، فذكر النهي عن الضدّ بعد ذلك تأكيد له ، وهذا التأكيد لتقطع جرثومة الشرك من هذا الدين .
و { من } تبعيضية ، فمعنى { من المشركين } أي من جملة الذين يشركون ، ويحتمل أنّ النهي عن الانتماء إلى المشركين ، أي هو أمر بالبراءة منهم فتكون { من } اتّصالية ويكون { المشركين } بالمعنى اللقبي ، أي الذي اشتهروا بهذا الاسم ، أي لا يكن منك شيء فيه صلة بالمشركين ، كقول النّابغة
: ... . فإنِّي لَسْتُ منك ولست منّي
والتأييس على هذا الوجه أشدّ وأقوى .
وقد يؤخذ من هذه الآية استدلال للمأثور عن الأشعري : أنّ الإيمان بالله وحده ليس ممّا يجب بدليل العقل بل تتوقّف المؤاخذة به على بعثة الرسول ، لأنّ الله أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن ينكر أن يتّخذ غير الله وليّاً لأنّه فاطر السماوات والأرض ، ثم أمره أن يقول { إنّي أمرت أن أكون أول من أسلم } ثم أمره بما يدلّ على المؤاخذة بقوله : { إنّي أخاف إن عصيت ربّي إلى قوله فقد رحمه } [ الأنعام : 15 ، 16 ].
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تحميل سورة الأنعام mp3 :
سورة الأنعام mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنعام
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب