إعراب الآية 35 من سورة الأعراف , صور البلاغة و معاني الإعراب.
إعراب يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح
{ يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( الأعراف: 35 ) }
﴿يَابَنِي﴾: يا: حرف نداء.
بني: منادي مضاف منصوب بالياء، لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة.
﴿آدَمَ﴾: مضاف إليه مجرور بالإضافة، وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.
﴿إِمَّا﴾: مكونة من "إنْ" حرف شرط جازم و "ما": زائدة لتأكيد معنى الشرط.
﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾: يأتين: فعل مضارع مبنيّ على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محلّ جزم بـ "إن" لأنه فعل الشرط.
و "كم": ضمير متصل مبنيّ على السكون في محلّ نصب مفعول به مقدم.
﴿رُسُلٌ﴾: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
﴿مِنْكُمْ﴾: جار ومجرور متعلقان بصفة لـ "رسل".
﴿يَقُصُّونَ﴾: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو ضمير متصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل.
﴿عَلَيْكُمْ﴾: جار ومجرور متعلقان بـ "يقصون".
﴿آيَاتِي﴾: مفعول به منصوب بالكسرة بدلًا من الفتحة، لأنه جمع مؤنث سالم والياء: ضمير متّصل مبنيّ على السكون في محلّ جرّ بالإضافة.
﴿فَمَنِ﴾: الفاء: حرف استئناف.
من: اسم شرط جازم مبنيّ على السكون في محلّ رفع مبتدأ.
﴿اتَّقَى﴾: فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدر على الألف للتعذّر في محلّ جزم بـ "من" والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره: هو.
﴿وَأَصْلَحَ﴾: معطوفة بالواو على "اتقى" وتعرب إعرابها، والفعل مبنيّ على الفتح الظاهر.
﴿فَلَا﴾: حرف رابط لجواب الشرط.
لا: حرف نفي لا عمل له.
﴿خَوْفٌ﴾: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
﴿عَلَيْهِمْ﴾: على: حرف جرّ و "هم": ضمير مبنيّ على السكون في محلّ جرّ بـ "على".
والجارّ والمجرور متعلقان بخبر المبتدأ.
﴿وَلَا﴾: الواو: حرف عطف.
لا: حرف نفي.
﴿هُمْ﴾: ضمير رفع منفصل مبنيّ على السكون في محلّ رفع مبتدأ.
﴿يَحْزَنُونَ﴾: تعرب إعراب "يقصون".
وجملة النداء استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
وجملة "يأتينكم" لا محلّ لها من الإعراب، لأنها جواب النداء.
وجملة "يقصون" في محلّ رفع نعت لـ "رسل".
وجملة جواب الشرط محذوفة في محلّ جزم، والتقدير: فاتبعوهم، وجملة "من اتقى" استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
وجملة "اتقى" لا محلّ لها من الإعراب، لأنها صلة الموصول.
وجملة "أصلح" معطوفة على جملة "اتقى" لا محلّ لها من الإعراب.
وجملة "لا خوف عليهم" في محلّ جزم جواب الشرط.
وجملة "ولا هم يحزنون" معطوفة على جملة "لا خوف عليهم" في محلّ جزم.
﴿ يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
[ الأعراف: 35]
إعراب مركز تفسير: يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح
﴿يَابَنِي﴾: ( يَا ) حَرْفُ نِدَاءٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ( بَنِي ) مُنَادًى مَنْصُوبٌ لِأَنَّهُ مُضَافٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ وَحُذِفَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ.
﴿آدَمَ﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ.
﴿إِمَّا﴾: ( إِنْ ) حَرْفُ شَرْطٍ وَجَزْمٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ( مَا ) حَرْفٌ زَائِدٌ لِلتَّوْكِيدِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿يَأْتِيَنَّكُمْ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لِاتِّصَالِهِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ فِعْلُ الشَّرْطِ، وَ"النُّونُ" حَرْفُ تَوكِيدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ"كَافُ الْمُخَاطَبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ.
﴿رُسُلٌ﴾: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿مِنْكُمْ﴾: ( مِنْ ) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ"كَافُ الْمُخَاطَبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ، وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ نَعْتٌ.
﴿يَقُصُّونَ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.
﴿عَلَيْكُمْ﴾: ( عَلَى ) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ"كَافُ الْمُخَاطَبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
﴿آيَاتِي﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٌ، وَ"يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
﴿فَمَنِ﴾: "الْفَاءُ" حَرْفٌ رَابِطٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( مَنْ ) اسْمُ شَرْطٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ الْمُقَدَّرِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ مُبْتَدَأٌ.
﴿اتَّقَى﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ الْمُقَدَّرِ لِلتَّعَذُّرِ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ فِعْلُ الشَّرْطِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
﴿وَأَصْلَحَ﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( أَصْلَحَ ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ "هُوَ".
﴿فَلَا﴾: "الْفَاءُ" حَرْفٌ رَابِطٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( لَا ) حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿خَوْفٌ﴾: اسْمُ ( لَا ) مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿عَلَيْهِمْ﴾: ( عَلَى ) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ، وَشِبْهُ الْجُمْلَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ خَبَرُ ( لَا )، وَجُمْلَةُ: ( لَا ... ) فِي مَحَلِّ جَزْمٍ جَوَابُ الشَّرْطِ.
﴿وَلَا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( لَا ) حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿هُمْ﴾: ضَمِيرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ اسْمُ ( لَا ).
﴿يَحْزَنُونَ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ خَبَرُ ( لَا ).
( يا بَنِي آدَمَ ) سبق اعرابها
( إِمَّا ) إن شرطية جازمة، ما زائدة.
( يَأْتِيَنَّكُمْ ) مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم، والكاف مفعوله
( رُسُلٌ ) فاعله والجار والمجرور
( مِنْكُمْ ) متعلقان بمحذوف صفة
( رُسُلٌ )، والجملة مستأنفة.
( يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي ) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله وآياتي مفعوله منصوب بالكسرة والياء في محل جر بالإضافة. والجملة في محل رفع صفة رسل.
( فَمَنِ ) من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ، والفاء رابطة لجواب الشرط،
( اتَّقى ) فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة وهو في محل جزم فعل الشرط ومثله
( أَصْلَحَ ).
( فَلا ) الفاء رابطة لجواب الشرط، ولا نافية لا عمل لها.
( خَوْفٌ ) مبتدأ.
( عَلَيْهِمْ ) متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ والجملة في محل جزم جواب الشرط، وجملة
( فَمَنِ اتَّقى ) استئنافية.
( هُمْ ) ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ وجملة
( يَحْزَنُونَ ) في محل رفع خبره وجملة
( وَلا هُمْ ) معطوفة.
تفسير الآية 35 - سورة الأعراف
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | Tafsir English |
الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 35 - سورة الأعراف
يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون
سورة: الأعراف - آية: ( 35 ) - جزء: ( 8 ) - صفحة: ( 154 )أوجه البلاغة » يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح :
يجيء في موقع هذه الجملة : من التّأويل ، ما تقدّم في القوللِ في نظيرتها وهي قوله تعالى : { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم } [ الأعراف : 26 ].
والتّأويل الذي استظهرنا به هنالك يبدو في هذه النظيرة الرّابعة أوضحَ . وصيغة الجمع في قوله : { رسل } وقوله { يقصون } تقتضي توقّع مجيءِ عدّةِ رسل ، وذلك منتف بعد بعثة الرّسول الخاتم للرّسل الحاشر العاقب عليه الصّلاة والسّلام ، فذلك يتأكّد أن يكون هذا الخطاب لبني آدم الحاضرين وقت نزول القرآن ، ويرجح أن تكون هذه النّداآت الأربعة حكاية لقوللٍ موجّه إلى بني آدم الأوّلين الذي أوّلُه : { قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون } [ الأعراف : 25 ].
قال ابن عطيّة : «وكأنّ هذا خطاب لجميع الأمم ، قديمها وحديثها ، هو متمكّن لهم ، ومتحصّل منه لحاضري محمّد صلى الله عليه وسلم أنّ هذا حكم الله في العالم منذ أنشأه» يريد أنّ الله أبلغ النّاس هذا الخطابَ على لسان كلّ نبيء ، من آدم إلى هلم جرّا ، فما من نبيء أو رسول إلاّ وبلَّغه أمَّته ، وأمَرَهم بأن يبلغ الشّاهد منهم الغائبَ ، حتّى نزل في القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم فعلمت أمّته أنّها مشمولة في عموم بني آدم .
وإذا كان ذلك متعيّناً في هذه الآية أو كالمتعيّن تعيّن اعتبار مثله في نظائرها الثّلاث الماضية ، فشد به يدك . ولا تعبأْ بمن حَرَدك .
فأمَا إذا جعل الخطاب في هذه الآية موجّهاً إلى المشركين في زمن النّزول ، بعنوان كونهم من بني آدم ، فهنالك يتعيّن صرف معنى الشّرط إلى ما يأتي من الزّمان بعد نزول الآية لأنّ الشّرط يقتضي الاستقبال غالباً . كأنّه قيل إنْ فاتكم اتّباع ما أنزل إليكم فيما مضى لا يَفْتُكم فيما بقي ، ويتعيّن تأويل يأتينّكم بمعنى يَدْعُونَّكم ، ويتعيَّن جعل جمع الرّسل على إرادة رسول واحد ، تعظيماً له ، كما في قوله تعالى : { وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم } [ الفرقان : 37 ] أي كذّبوا رسوله نُوحا ، وقوله : { كذبت قوم نوح المرسلين } [ الشعراء : 105 ] وله نظائر كثيرة في القرآن .
وهذه الآية ، والتي بعدها متّصلتا المعنى بمضمون قوله تعالى في أوّل السّورة : { وكم من قرية أهلكناها } [ الأعراف : 4 ] الآية اتّصال التّفصيل بإجماله .
أكد به تحذيرهم من كيد الشّيطان وفتونه ، وأراهم به مناهج الرّشد التي تُعين على تجنّب كيده ، بدعوة الرّسل إياهم إلى التّقوى والإصلاح ، كما أشار إليه بقوله ، في الخطاب السّابق : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة } [ الأعراف : 27 ] وأنبأهم بأنّ الشّيطان توعَّد نوع الإنسان فيما حكى الله في قوله : { قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم } [ الأعراف : 16 ] الآية فلذلك حذرّ الله بني آدم من كيد الشّيطان ، وأشعرهم بقوّة الشّيطان بقوله : { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم }
[ الأعراف : 27 ] عسى أن يتّخذوا العُدّة للنّجاة من مخالب فتنته ، وأردف ذلك بالتّحذير من حزبه ودعاته الذين يفتنون المؤمنين ، ثمّ عزّز ذلك بإعلامه إياهم أنّه أعانهم على الاحتراز من الشّيطان ، بأن يبعث إليهم قوماً من حزب الله يبلّغونهم عن الله ما فيه منجاة لهم من كيد الشّياطين ، بقوله : { يا بني آدم إما يأتيكم رسل منكم } الآية فأوصاهم بتصديقهم والامتثال لهم .
و { إمَّا } مركّبة من ( إن ) الشّرطيّة و ( ما ) الزائدة المؤكّدة لمعنى الشّرطية ، واصطلح أيمّة رسم الخطّ على كتابتها في صورة كلمة واحدَة ، رعْياً لحالة النّطق بها بإدغام النّون في الميم ، والأظهر أنّها تفيد مع التّأكيد عموم الشّرط مثل أخواتها ( مهما ) و ( أينما ) ، فإذا اقترنت بإن الشّرطية اقترنت نون التّوكيد بفعل الشّرط كقوله تعالى : { فإما ترين من البشر أحداً فقولي } سورة مريم ( 26 ) لأنّ التّوكيد الشّرطي يشبه القسم ، وهذا الاقتران بالنّون غالب ، ولأنّها لما وقعت توكيداً للشّرط تنزّلت من أداة الشّرط منزلة جزء الكلمة .
وقوله : { منكم } أي من بني آدم ، وهذا تنبيه لبَني آدم بأنّهم لا يترقّبون أن تجيئهم رسل الله من الملائكة لأنّ المرسَل يكون من جنس من أرسل إليهم ، وفي هذا تعريض بالجهلة من الأمم الذين أنكروا رسالة الرّسل لأنّهم من جنسهم ، مثل قوم نوح ، إذ قالوا : { ما نراك إلا بشراً مثلنا } [ هود : 27 ] ومثل المشركين من أهل مكّة إذ كذّبوا رسالة محمّد صلى الله عليه وسلم بأنّه بَشر قال تعالى : { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أَبَعثَ الله بشراً رسولاً قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً } [ الإسراء : 94 ، 95 ].
ومعنى { يقصون عليكم آياتي } يتلونها ويحكونها ويجوز أن يكون بمعنى يُتبعون الآية بأخرى ويجوز أن يكون بمعنى يظهرون وكلّها معان مجازيّة للقص لأنّ حقيقة القص هي أنّ أصل القصص إتْباع الحديث من اقتصاص أثر الأرجل واتّباعه لتعرف جهة الماشي ، فعلى المعنى الأوّل فهو كقوله في الآية الأخرى : { ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم } [ الزمر : 71 ] وأيّاً مّا كان فهو محتمل للحمل على جميعها من استعمال اللّفظ في مجازيْه .
الآية أصلها العلامة الدّالة على شيء ، من قول أو فعل ، وآيات الله الدّلائل التي جعلها دالة على وجوده ، أو على صفاته ، أو على صدق رسله ، كما تقدّم عند قوله تعالى : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا } في سورة البقرة ( 39 ) ، وقوله تعالى : { وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه } في سورة الأنعام ( 37 ) ، ومنه آيات القرآن التي جعلها الله دلالة على مراده للنّاس ، للتّعريض بالمشركين من العرب ، الذين أنكروا رسالة محمّد . ووجه دلالة الآيات على ذلك إمّا لأنّها جاءت على نظم يَعجز البشر عن تأليف مثله ، وذلك من خصائص القرآن ، وإمّا لأنّها تشتمل على أحكام ومعان لا قِبَل لغير الله ورسوله بإدراك مثلها ، أو لأنّها تدعو إلى صلاح لم يعهَدْه النّاس .
فيَدل ما اشتملت عليه على أنّه ممّا أراده الله للنّاس ، مثل بقيّة الكتب التي جاءت بها الرّسل ، وإمّا لأنّها قارنتها أمور خارقة للعادة تحدّى بها الرّسولُ المرسلُ بتلك الأقوال أمَّتَه ، فهذا معنى تسميتها آيات ، ومعنَى إضافتها إلى الله تعالى ، ويجوز أن يكون المراد بالآيات ما يشمل المعجزاتتِ غيرَ القولية ، مثل نبع الماء من بين أصابع محمّد ومثل قلب العصا حيّة لموسى عليه السلام . وابراء الأكمه لعيسى عليه السّلام ، ومعنى التّكذيب بها العناد بإنكارها وجحدها .
وجملة : فمن اتقى وأصلح } جواب الشّرط وبينها وبين جملة : { إما يأتينكم } محذوف تقديره : فاتقى منكم فريق وكذب فريق { فمن اتقى } إلخ ، وهذه الجملة شرطيّة أيضاً ، وجوابها { فلا خوف عليهم } ، أي فمن اتّبع رسلي فاتّقاني وأصلح نفسه وعمله فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، ولمّا كان إتيان الرّسل فائدته لإصلاح النّاس ، لا لنفع الرّسل ، عُدل عن جعل الجواب اتّباعّ الرّسل إلى جعله التّقوى والصّلاح . إيماء إلى حكمة إرسال الرّسل ، وتحريضا على اتّباعهم بأن فائدتُه للأمم لا للرّسل ، كما قال شعيب : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت } [ هود : 88 ] ، أي لا خوف عليهم من عقوبة الله في الدّنيا والآخرة ولا هم يحزنون من شيء من ذلك ، فالخوف والحزن المنفيان هما ما يوجبه العقاب ، وقد ينتفي عنهم الخوف والحزن مطلقاً بمقدار قوّة التّقوى والصّلاح ، وهذا من الأسرار التي بين الله وعباده الصّالحين ، ومثلُه قوله تعالى : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } [ يونس : 62 64 ].
وقد نُفي الخوف نفي الجنس بلا النّافية له ، وجيء باسمها مرفوعاً لأنّ الرّفع يساوي البناء على الفتح في مثل هذا ، لأنّ الخوف من الأجناس المعنوية التي لا يتوهّم في نفيها أن يكون المراد نفي الفرد الواحدِ ، ولو فتح مثله لصحّ ، ومنه قول الرابّعة من نساء حديث أمّ زرع : «زوجي كَلَيْللِ تِهامَه ، لا حَرّ ولا قَرّ ولا مخافة ولا سئامَه» فقد روي بالرّفع وبالفتح .
و ( على ) في قوله : { فلا خوف عليهم } للاستعلاء المجازي ، وهو المقارنة والملازمة ، أي لا خوف ينالهم .
وقوله : { ولا هم يحزنون } جملة عطفت على جملة : { فلا خوف عليهم } ، وعُدل عن عطف المفرد ، بأن يقال ولا حَزَنٌ ، إلى الجملة : ليتأتى بذلك بناء المسند الفعلي على ضميرهم ، فيدلّ على أنّ الحَزَن واقع بغيرهم ، وهم الذين كفروا . فإنّ بناء الخبر الفعلي على المسند إليه المتقدّم عليه يفيد تخصيص المسند إليه بذلك الخبر ، نحو : ما أنا قُلْتُ هذا ، فإنّه نفيُ صدور القول من المتكلّم مع كون القول واقعاً من غيره ، وعليه بيت «دلائل الإعجاز» ، ( وهو للمتنبّي ) :
وما أنا أسقمت جسمي به ... ولا أنا أضرَمْتُ في القلب ناراً
فيفيد أنّ الذين كفروا يَحزنون إفادة بطريق المفهوم ، ليكون كالمقدّمة للخبر عنهم بعد ذلك بأنّهم أصحاب النّار هم فيها خالدون .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تحميل سورة الأعراف mp3 :
سورة الأعراف mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأعراف
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب