إعراب الآية 70 من سورة المائدة , صور البلاغة و معاني الإعراب.
إعراب لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما
{ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ( المائدة: 70 ) }
﴿لَقَدْ﴾: اللام: حرف لقسم مقدر.
قد: حرف تحقيق.
﴿أَخَذْنَا﴾: فعل ماض مبنيّ على السكون، و "نا": ضمير فاعل.
﴿مِيثَاقَ﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿بَنِي﴾: مضاف إليه مجرور، وعلامة الجرّ الياء، لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
﴿إِسْرَائِيلَ﴾: مضاف إليه مجرور، وعلامة الجرّ الفتحة، لأنه ممنوع من الصرف.
﴿وَأَرْسَلْنَا﴾: الواو: حرف عطف.
أرسلنا: مثل ( أخذنا ).
﴿إِلَيْهِمْ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ ( أرسلنا ).
﴿رُسُلًا﴾: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
﴿كُلَّمَا﴾: ظرف بمعنى حين متضمن معنى الشرط متعلّق بالجواب، مبنيّ على السكون في محلّ نصب مفعول فيه.
﴿جَاءَهُمْ﴾: جاء: فعل ماض، و ( هم ): ضمير مبني في محل نصب مفعول به.
﴿رَسُولٌ﴾: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
﴿بمَا﴾: الباء: حرف جرّ.
ما: اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ.
والجارّ والمجرور متعلّقان بـ ( جاء ).
﴿لَا﴾: حرف نفي.
﴿تَهْوَى﴾: فعل مضارع مرفوع، وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف للتعذّر.
﴿أَنْفُسُهُمْ﴾: أنفس: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
و ( هم ): ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.
﴿فَرِيقًا﴾: مفعول به مقدم منصوب بالفتحة.
﴿كَذَّبُوا﴾: فعل ماض مبنيّ على الضم، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
﴿وَفَرِيقًا﴾: الواو: حرف عطف.
فريقًا: اسم معطوف منصوب بالفتحة.
﴿يَقْتُلُونَ﴾: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، و "الواو" فاعل.
وجملة ( أخذنا ميثاق ) لا محلّ لها من الإعراب جواب قسم مقدر.
وجملة ( أرسلنا ) لا محلّ لها من الإعراب، لأنها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة ( جاءهم رسول ) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة ( لا تهوى أنفسهم ) لا محلّ لها من الإعراب، لأنها صلة الموصول "ما".
وجملة ( كذبوا ) لا محلّ لها من الإعراب جواب شرط غير جازم.
وجملة ( يقتلون ) لا محلّ لها من الإعراب، لأنها معطوفة على جواب الشرط.
﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ۖ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ﴾
[ المائدة: 70]
إعراب مركز تفسير: لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما
﴿لَقَدْ﴾: "اللَّامُ" حَرْفُ جَوَابٍ لِلْقَسَمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( قَدْ ) حَرْفُ تَحْقِيقٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿أَخَذْنَا﴾: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِنَا الْفَاعِلِينَ، وَ( نَا ) ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.
﴿مِيثَاقَ﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿بَنِي﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ وَحُذِفَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ.
﴿إِسْرَائِيلَ﴾: مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ.
﴿وَأَرْسَلْنَا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( أَرْسَلْنَا ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بِنَا الْفَاعِلِينَ، وَ( نَا ) ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.
﴿إِلَيْهِمْ﴾: ( إِلَى ) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
﴿رُسُلًا﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿كُلَّمَا﴾: ظَرْفُ زَمَانٍ شَرْطِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ الظَّاهِرِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ.
﴿جَاءَهُمْ﴾: فِعْلٌ مَاضٍ فِعْلُ الشَّرْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ بِهِ.
﴿رَسُولٌ﴾: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ.
﴿بِمَا﴾: "الْبَاءُ" حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَ( مَا ) اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِالْحَرْفِ.
﴿لَا﴾: حَرْفُ نَفْيٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
﴿تَهْوَى﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الْمُقَدَّرَةُ لِلتَّعَذُّرِ.
﴿أَنْفُسُهُمْ﴾: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَ"هَاءُ الْغَائِبِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ جَرٍّ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ الْمَوْصُولِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
﴿فَرِيقًا﴾: مَفْعُولٌ بِهِ مُقَدَّمٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿كَذَّبُوا﴾: جَوَابُ الشَّرْطِ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ لِاتِّصَالِهِ بِوَاوِ الْجَمَاعَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.
﴿وَفَرِيقًا﴾: "الْوَاوُ" حَرْفُ عَطْفٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، وَ( فَرِيقًا ) مَفْعُولٌ بِهِ مُقَدَّمٌ مَنْصُوبٌ وَعَلَامَةُ نَصْبِهِ الْفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
﴿يَقْتُلُونَ﴾: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَ"وَاوُ الْجَمَاعَةِ" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ فَاعِلٌ.
( لَقَدْ ) اللام واقعة في جواب القسم المحذوف، وقد حرف تحقيق
( أَخَذْنا مِيثاقَ ) فعل ماض وفاعله ومفعوله.
( بَنِي ) مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم
( إِسْرائِيلَ ) مضاف إليه مجرور بالفتحة ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.
( وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله ورسلا مفعوله والجملة معطوفة على جملة جواب القسم.
( كُلَّما ) اسم شرط غير جازم في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب.
( جاءَهُمْ رَسُولٌ ) فعل ماض والهاء مفعول به ورسول فاعل والجملة في محل جر بالإضافة.
( بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ ) ما اسم موصول في محل جر والجار والمجرور متعلقان بجاءهم والجملة بعده صلة الموصول.
( فَرِيقاً كَذَّبُوا ) كذبوا فعل ماض والواو فاعله وفريقا مفعوله المقدم والجملة جواب الشرط: كلما جاءهم رسول عصوه.. وجملة
( وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ) معطوفة.
تفسير الآية 70 - سورة المائدة
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | Tafsir English |
الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 70 - سورة المائدة
لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون
سورة: المائدة - آية: ( 70 ) - جزء: ( 6 ) - صفحة: ( 119 )أوجه البلاغة » لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما :
استئناف عاد به الكلام على أحوال اليهود وجراءتهم على الله وعلى رسله . وذلك تعريض باليأس من هديهم بما جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم وبأنّ ما قابلوا به دعوته ليس بدعاً منهم بل ذلك دأبهم جيلاً بعد جيل .
وقد تقدّم الكلام على أخذ الميثاق على اليهود غير مرّة . أُولاها في سورة البقرة ( 83 ) .
والرسل الّذين أرسلوا إليهم هم موسى وهارون ومن جاء بعدهما مثل يوشع بن نون وأشعيا وأرْميا وحزقيال وداوود وعيسى . فالمراد بالرّسل هنا الأنبياء : من جاء منهم بشرع وكتاب ، مثل موسى وداوود وعيسى ، ومن جاء معزّزاً للشّرع مبيّنا له ، مثل يوشع وأشعيا وأرميا . وإطلاق الرّسول على النّبيء الّذي لم يجىء بشريعة إطلاق شائع في القرآن كما تقدّم ، لأنّه لمَّا ذكر أنّهم قَتَلوا فريقاً من الرسل تعيَّن تأويل الرسل بالأنبياء فإنّهم ما قتلوا إلاّ أنبياء لا رسلاً .
وقوله : { كلّما جاءهم رسول بما لا تهوَى أنفسهم فريقاً كذّبوا } إلخ انتصب { كلّما } على الظرفيّة ، لأنّه دالّ على استغراق أزمنة مَجيء الرسل إليهم فيدلّ على استغراق الرسل تبعاً لاستغراق أزمنة مجيئهم ، إذْ استغراق أزمنة وجود شَيْء يستلزم استغراق أفراد ذلك الشيء ، فما ظرفية مصدريّة دالّة على الزّمان .
وانتصب ( كلَّ ) على النّيابة عن الزّمان لإضافته إلى اسم الزّمان المبهم ، وهو ( مَا ) الظرفية المصدرية . والتقدير : في كلّ أوقات مجيء الرّسل إليهم كَذّبوا ويَقتلون . وانتصب { كلَّما } بالفعلين وهو { كَذّبوا } وَ { يَقْتلون } على التّنازع .
وتقديم { كلّما } على العامل استعمال شائع لا يكاد يتخلّف ، لأنّهم يريدون بتقديمه الاهتمام به ، ليظهر أنّه هو محلّ الغرض المسوقة له جملتهُ ، فإنّ استمرار صنيعهم ذلك مع جميع الرّسل في جميع الأوقات دليل على أنّ التّكذيب والقتل صارا سجيتين لهم لا تتخلّفان ، إذ لم ينظروا إلى حال رسول دون آخر ولا إلى زمان دون آخر ، وذلك أظهر في فظاعة حالهم ، وهي المقصود هنا .
وبهذا التّقديم يُشرَبُ ظرف { كلّما } معنى الشرطية فيصير العامل فيه بمنزلة الجواب له ، كما تصير أسماء الشّرط متقدّمة على أفعالها وأجوبتها في نحو { أينما تكونوا يدرككم الموت } [ النساء : 78 ] . إلاّ أنّ { كُلّما } لم يسمع الجزم بعدها ولذلك لم تعدّ في أسماء الشرط لأنّ ( كلّ ) بعيد عن معنى الشرطية . والحقّ أنّ إطلاق الشرط عليها في كلام بعض النّحاة تسامح . وقد أطلقه صاحب «الكشاف» في هذه الآية ، لأنّه لم يجد لها سبباً لفظياً يوجب تقديمها بخلاف ما في قوله تعالى : { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم } في سورة البقرة : ( 87 ) ، وفي قوله : { أو كُلّما عاهدوا عهداً نبذة فريق منهم } ( 100 ) في تلك السورة ، فإنّ التّقديم فيهما تبع لوقوعهما متّصلتين بهمزة الاستفهام كما ذكرناه هنالك ، وإن كان قد سكت عليهما في الكشاف } لظهور أمرهما في تينك الآيتين .
فالأحسن أن تكون جملة { فريقاً كذّبوا } حالاً من ضمير { إليهم } لاقترانها بضمير موافِق لصاحب الحال ، ولأنّ المقصود من الخبر تفظيع حال بني إسرائيل في سوء معاملتهم لهداتهم ، وذلك لا يحصل إلاّ باعتبار كون المرسَل إليهم هذه حالهم مع رسلهم . وليست جملة { فريقاً كذبوا } وما تقدّمها من متعلّقها استئنافاً ، إذ ليس المقصود الإخبار بأنّ الله أرسل إليهم رسلاً بل بمدلول هذا الحال .
وبهذا يظهر لك أنّ التّقسيم في قوله : { فريقاً كذّبوا وفريقاً يقتلون } ليس لرسول من قوله : { كلّما جاءهم رسول } بل ل { رُسلاً } ، لأنَّنا اعتبرنا قوله : { كلّما جاءهم رسول } مقدّماً من تأخير . والتقدير : وأرسلنا إليهم رسلاً كذّبوا منهم فريقاً وقتلوا فريقاً كُلّما جاءهم رسول من الرسل . وبهذا نستغني عن تكلّفات وتقدير في نظم الآية الآتي على أبرع وجوه الإيجاز وأوضح المعاني .
وقوله : { بما لا تهوى أنفسهم } أي بما لا تحبّه . يقال : هَوِي يهوَى بمعنى أحبّ ومَالت نفسه إلى ملابسة شيء . إنّ بعثة الرسل القصد منها كبح الأنفس عن كثير من هواها الموقع لها في الفساد عاجلاً والخسران آجلاً ، ولولا ذلك لتُرك النّاس وما يهوَوْن ، فالشرائع مشتملة لا محالة على كثير من منع النّفوس من هواها . ولمّا وصفت بنو إسرائيل بأنّهم يكذّبون الرسل ويقتلونهم إذا جاؤوهم بما يخالف هواهم علمنا أنّه لم يَخْلُ رسول جاءهم من أحد الأمرين أو كليهما : وهما التّكذيب والقتل . وذلك مستفاد من { كلّما جاءهم رسول } ، فلم يبق لقوله : { بما لا تهوى أنفسهم } فائدة إلاّ الإشارة إلى زيادة تفظيع حالهم من أنّهم يكذّبون الرسل أو يقتلونهم في غير حالة يلتمسون لأنفسهم فيها عُذراً من تكليففٍ بمشقّة فادحة ، أو من حدوث حادثثِ ثائرة ، أو من أجل التّمسّك بدين يأبون مفارقته ، كما فعل المشركون من العرب في مجيء الإسلام ، بل لمجرّد مخالفة هوى أنفسهم بعد أن أخذ عليهم الميثاق فقبلوه فتتعطّل بتمرّدهم فائدة التّشريع وفائدة طاعة الأمّة لهُداتها .
وهذا تعليم عظيم من القرآن بأنّ من حقّ الأمم أن تكون سائرة في طريق إرشاد علمائها وهداتها ، وأنّها إذا رامت حمل علمائها وهدَاتها على مسايرة أهوئها ، بحيث يُعْصَوْن إذا دَعوا إلى ما يخالف هوى الأقوام فقد حقّ عليهم الخسران كما حقّ على بني إسرائيل ، لأنّ في ذلك قلباً للحقائق ومحاولة انقلاب التّابع متبوعاً والقائد مقوداً ، وأنّ قادة الأمم وعلماءها ونصحاءها إذا سايروا الأمم على هذا الخُلق كانوا غاشِّين لهم ، وزالت فائدة علمهم وحكمتهم واختلط المَرْعِيّ بالهَمَل والحَابِلُ بالنابل ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من استرعاه الله رعيّة فغشّها لم يَشُمّ رائحةَ الجنّة » فالمشركون من العرب أقرب إلى المعذرة لأنّهم قابلوا الرسول من أوّل وهلة بقولهم : { إنّا وجدنا آباءَنَا على أمّة وإنَّا على آثارهم مهتدون }
[ الزخرف : 22 ] ، وقال قوم شعيب { أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا } [ هود : 87 ] ، بخلاف اليهود آمنوا برسلهم ابتداء ثُمّ انتقضوا عليهم بالتّكذيب والتّقتيل إذا حملوهم على ما فيه خيرهم ممّا لا يهُوونه .
وتقديم المفعول في قوله : { فريقاً كذّبوا } لمجرّد الاهتمام بالتفصيل لأنّ الكلام مَسوق مساق التّفصيل لأحوال رُسل بني إسرائيل باعتبار ما لاَقوه من قومهم ، ولأنّ في تقديم مفعول { يقتلون } رعاية على فاصلة الآي ، فقدّم مفعول { كَذّبوا } ليكون المفعولان على وتيرة واحدة . وجيء في قوله : { يَقتلون } بصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لاستحضار تلك الحالة الفظيعة إبلاغاً في التعجيب من شناعة فاعليها .
والضّمائر كلّها راجعة إلى بني إسرائيل باعتبار أنّهم أمّة يخلُف بعضُ أجيالها بعضاً ، وأنّها رسخت فيها أخلاق متماثلة وعوائدُ متّبعة بحيث يكون الخَلف منهم فيها على ما كان عليه السلف؛ فلذلك أسندت الأفعال الواقعة في عصور متفاوتة إلى ضمائرهم مع اختلاف الفاعِلين ، فإنّ الّذين قتلوا بعض الأنبياء فريق غير الّذين اقتصروا على التكذيب .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تحميل سورة المائدة mp3 :
سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب