سورة الرعد

فضل وفوائد سورة الرعد

فضائل القرآن الكريم | سورة الرعد | فضل سورة الرعد ( surah ) , عدد آيايتها 43 - وهي سوره مدنية صفحتها في المصحف: 249, بالاضافة لذكر فضلها مقاصدها تلخيصها موضوعاتها مع التعريف بالسورة

بسم الله الرحمن الرحيم

التعريف بسورة الرعد

سورة الرعد  مكية وهي السورة الثالثة عشرة 13 في ترتيب المصحف، فقد سبقتها اثنتا عشرة سورة، هي سور: الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، ويونس، وهود، ويوسف.
وسميت بهذا الاسم منذ العهد النبوي، ولم يعرف لها اسم سوى هذا الاسم، ولعل سبب تسميتها بذلك، ورود ذكر الرعد فيها، في قوله- تعالى- وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ .
وعدد آياتها 43 ثلاث وأربعون آية في المصحف الكوفي.

فضائل سورة الرعد

1- أنها من المثاني التي أوتيها النبي - صلى الله عليه وسلم - مكان الإنجيل

2- و انها من السور التي فيها سجدة.

3- أن فيها ميزة لهذه الأمة بالنهي عن التبتل : ففي سنن ابن ماجه: عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، «نهى عن التبتل» . زاد زيد بن أخزم: وقرأ قتادة: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) [الرعد: ٣٨]

4- و انها انفردت بذكر الرعد وهو ملك من الملائكة موكل بالسحاب

وقد روى الترمذي، والنسائي، والحاكم، وغيرهم، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق، قال: (اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك)، قال الترمذي: حديث غريب.
وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قالوا - يعني المشركين - للنبي : إن كان كما تقول، فأرنا أشياخنا الأُول من الموتى، وافتح لنا هذه الجبال، جبال مكة التي قد ضمتنا، فنزلت: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض) الآية.

وعن عامر بن عبد الله بن الزبير، أنه كان " إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: «سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته»، ثم يقول: «إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد»

مقاصد سورة الرعد

تبدأ سورة الرعد بقضية عامة من قضايا العقيدة: قضية الوحي بهذا الكتاب، والحق الذي اشتمل عليه، وتلك هي قاعدة بقية القضايا، من توحيد لله، والإيمان بالبعث، والعمل صالح في الحياة. فكلها متفرعة عن الإيمان بأن الآمر بهذا هو الله، وأن هذا القرآن وحي من عنده سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم. هذا على وجه الإجمال، أما على وجه التفصيل، فقد تضمنت السورة المقاصد التالية:

1- بينت السورة أن هذا القرآن عميق التأثير في النفس البشرية، حتى لتكاد تسير به الجبال، وتُقطَّع به الأرض، ويُكلم به الموتى؛ لما فيه من سلطان وقوة ودفعة وحيوية.
2- أكدت السورة أن هذا الكتاب هو وحده الحق؛ وأن الإعراض عنه، والتكذيب به، والتحدي، وبطء الاستجابة، ووعورة الطريق.. كلها لا تغير شيئاً من تلك الحقيقة الكبرى، طبيعة المواجهة التي كان المشركون يتحدون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتحدون بها هذا القرآن.
3- التوجيه الرباني لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجهر في مواجهة الإعراض والتكذيب، والتحدي، وبطء الاستجابة، ووعورة الطريق بالحق الذي معه كاملاً؛ وهو أنه لا إله إلا الله، ولا رب إلا الله، ولا معبود إلا الله، وأن الله هو الواحد القهار، وأن الناس مردودون إليه، فإما إلى جنة، وإما إلى نار. وكل هذه الحقائق كان ينكرها المشركون، ويتحدون الرسول فيها.
4- كشفت السورة لأصحاب الدعوة إلى الله عن طبيعة منهج هذه الدعوة، وأن عليهم أن يجهروا بالحقائق الأساسية في هذا الدين، وألا يخفوا منها شيئاً، وألا يؤجلوا منها شيئاً. وفي مقدمة هذه الحقائق: أنه لا ألوهية ولا ربوبية إلا لله، ومن ثم فلا دينونة، ولا طاعة، ولا خضوع، ولا اتباع إلا لله. فهذه الحقيقة الأساسية يجب أن تُعلن أيًّا كانت المعارضة والتحدي؛ وأيًّا كان الإعراض من المكذبين والتولي؛ وأيًّا كانت وعورة الطريق وأخطارها.
5- أظهرت السورة أن المنهج القرآني في الدعوة يجمع بين الحديث عن كتاب الله المتلو، وهو هذا القرآن، وبين كتاب الكون المفتوح؛ بما فيه من دلائل شاهدة بسلطان الله وتقديره وتدبيره. كما يضم إلى هذين الكتابين سجل التاريخ البشري، وما يحفظه من دلائل ناطقة بالسلطان والتقدير والتدبير أيضاً. ويواجه البشرية بهذا كله، ويأخذ عليها أقطارها جميعاً؛ وهو يخاطب حسها وقلبها وعقلها جميعاً.
6- أوضحت السورة بجلاء نماذج من طبيعة النبوة والرسالة؛ وحدود النبي والرسول؛ لتخليص العقول والأفكار من رواسب الوثنيات كلها؛ وتحريرها من تلك الأساطير التي أفسدت عقائد أهل الكتاب من قبل؛ وردتها إلى الوثنية بأوهامها وأساطيرها! .

7- بينت السورة أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي البلاغ، وأن أمر هذا الدين ليس إليه هو، ومآل هذه الدعوة ليس من اختصاصه! إنما عليه البلاغ، وليس عليه هداية الناس، فالله وحده هو الذي يملك الهداية، سواء حقق الله بعض وعده له من مصير القوم، أو أدركه الأجل قبل تحقيق وعد الله، فهذا أو ذاك لا يغير من طبيعة مهمته. فالبلاغ يظل هو قاعدة عمل الرسول، ويظل كذلك قاعدة عمل الدعاة لهذا الدين بعده .

8- أرشدت السورة الدعاة أن ليس لهم أن يستعجلوا النتائج والمصائر، وأن ليس لهم أن يستعجلوا هداية الناس، ولا أن يستبطئوا وعد الله للمهتدين ووعيده للمكذبين، إنما عليهم البلاغ فحسب، أما حساب الناس في الدنيا، أو في الآخرة، فهذا ليس من شأن العباد، إنما هو من شأن رب العباد!
9- قررت السورة كلمة الفصل في العلاقة بين اتجاه الإنسان وحركته، وبين تحديد مآله ومصيره؛ وبينت أن مشيئة الله به إنما تتحقق من خلال حركته في هذه الحياة؛ وذلك مع تقرير أن كل حدث إنما يقع ويتحقق بقدر من الله خاص.

10- قررت السورة سُنَّة اجتماعية، وهي أن مشيئة الله في تغيير حال قوم، إنما تجري وتنفذ من خلال حركة هؤلاء القوم أنفسهم، وتغيير اتجاهها وسلوكها تغييراً شعوريًّا وعمليًّا، فإذا غيَّر القوم ما بأنفسهم اتجاهاً وعملاً غير الله حالهم، وَفْق ما غيروا هم من أنفسهم. فإذا اقتضى حالهم أن يريد الله بهم السوء، مضت إرادته، ولم يقف لها أحد، ولم يعصمهم من الله شيء، ولم يجدوا لهم من دونه ولياً ولا نصيراً. فأما إذا هم استجابوا لربهم، وغيروا ما بأنفسهم بهذه الاستجابة، فإن الله يريد بهم الحسنى، ويحقق لهم هذه الحسنى في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما جميعاً، فإذا هم لم يستجيبوا، أراد بهم السوء، وكان لهم سوء الحساب، ولم تغن عنهم فدية، إذا جاءوه غير مستجيبين يوم الحساب.

11- قررت السورة حقيقة مهمة، وهي أن الله سبحانه يقضي بالهدى لمن ينيب إليه؛ وهذه الحقيقة تدل على أنه سبحانه إنما يضل من لا ينيب، ومن لا يستجيب، ولا يضل منيباً، ولا مستجيباً؛ وذلك وفق وعده سبحانه في قوله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (العنكبوت:69)، فهذه الهداية وذلك الإضلال هما مقتضى مشيئته سبحانه بالعباد، هذه المشيئة التي تجري وتتحقق من خلال تغيير العباد ما بأنفسهم، والاتجاه إلى الاستجابة، أو الإعراض.
12- بينت السورة أنه سبحانه لو شاء لخلق الناس باستعداد واحد للهدى، أو لقهرهم على الهدى، ولكنه سبحانه شاء أن يخلقهم مستعدين للهدى، أو للضلال، (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) (الإنسان:3)، (وهديناه النجدين) (البلد:10)؛ ولم يشأ بعد ذلك أن يقهرهم على الهدى، ولا أن يقهرهم على الضلال! إنما جعل مشيئته بهم تجري من خلال استجابتهم، أو عدم استجابتهم لدلائل الهدى، وموجبات الإيمان.

13- قررت السورة كلمة الفصل في دلالة الكفر وعدم الاستجابة لهذا الحق الذي جاء به هذا الدين، على فساد الكينونة البشرية، وتعطل أجهزة الاستقبال الفطرية فيها، واختلال طبيعتها، وخروجها عن سواء السبيل.

14- بيان أن الذين لا يستجيبون للحق الذي جاءهم به القرآن، هم بشهادة الله سبحانه عميٌ، وصمٌّ، وبكمٌ في الظلمات، وأنهم لا يتفكرون، ولا يعقلون. وأن الذين يستجيبون له هم أولو الألباب، وهؤلاء تطمئن قلوبهم بذكر الله، وتتصل بما هي عارفة له، ومصطلحة عليه بفطرتها السليمة، فتسكن، وتستريح.
15- أرشدت السورة إلى أن ثمة علاقة وثيقة بين الفساد الذي يصيب حياة البشر في هذه الأرض، وبين ذلك العمى عن الحق الذي جاء من عند الله لهداية البشر إلى الحق وإلى صراط مستقيم.
16- بينت السورة أن الذين لا يستجيبون لعهد الله، ولا يعلمون الحق الذي جاء من عنده ، هم الذين يفسدون في الأرض؛ كما أن الذين يعلمون أنه الحق، ويستجيبون له، هم الذين يصلحون في الأرض، وتزكو بهم الحياة.

17- قررت السورة بكل وضوح أن حياة الناس لا تصلح إلا بأن يتولى قيادتها المبصرون أولو الألباب، الذين يعلمون أن ما أنزل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الحق، ومن ثم يوفون بعهد الله، ويعبدونه وحده، ويدينون له وحده، ولا يتلقون عن غيره، ولا يتبعون إلا أمره ونهيه، ومن ثم يصلون ما أمر الله به أن يوصل، ويخشون ربهم، فيخافون أن يقع منهم ما نهى عنه، ويخافون سوء الحساب، فيجعلون الآخرة في حسابهم في كل حركة؛ ويصبرون على الاستقامة على عهد الله ذاك بكل تكاليف الاستقامة؛ ويقيمون الصلاة؛ وينفقون مما رزقهم الله سراً وعلانية؛ ويدفعون السوء والفساد في الأرض بالصلاح والإحسان.

18- بينت السورة أن المسلم يرفض - بحكم إيمانه بالله، وعلمه بأن ما أنزل على محمد هو الحق - كل منهج للحياة غير منهج الله؛ ومجرد الاعتراف بشرعية منهج، أو وضع، أو حكمٍ من صنع غير الله، هو بذاته مناقض لمنهج الله؛ فالإسلام لله هو توحيد الدينونة له دون سواه.

هذه بعض المقاصد البارزة التي قررتها هذه السورة، وهي بالتأكيد تتضمن مقاصد غير ما ذكرنا، تتبين من خلال التأمل في السورة، والوقوف على مراميها السامية، ومقاصدها الجليلة.

مكان نزول سورة الرعد

والذي يقرأ أقوال المفسرين في بيان زمان نزولها، يراها أقوالا ينقصها الضبط والتحقيق.
فهناك روايات صرحت بأنها مكية، وأخرى صرحت بأنها مدنية، وثالثة بأنها مكية إلا آيات منها فمدنية، ورابعة بأنها مدنية إلا آيات منها فمكية .
قال الآلوسى: «جاء من طريق مجاهد عن ابن عباس وعلى بن أبى طلحة أنها مكية» .
وروى ذلك عن سعيد بن جبير- أيضا-, قال سعيد بن منصور في سننه، حدثنا أبو عوانة عن أبى بشر قال: سألت ابن جبير عن قوله- تعالى- وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ هل هو عبد الله بن سلام؟ فقال: كيف وهذه السورة مكية.
وأخرج مجاهد عن ابن الزبير، وابن مردويه من طريق العوفى عن ابن عباس، ومن طريق ابن جريج وعثمان بن عطاء عنه أنها مدنية.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أنها مدنية إلا قوله- تعالى- وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ .
الآية فإنها مكية.
وروى أن من أولها إلى آخر قوله- تعالى- وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ.
نزل بالمدينة، أما باقيها فنزل في مكة .
هذه بعض الروايات في زمان نزولها، وهي- كما ترى- التعارض فيها واضح.
والذي تطمئن إليه النفس، أن السورة الكريمة يبدو بوضوح فيها طابع القرآن المكي، سواء أكان ذلك في موضوعاتها، أم في أسلوبها، أم في غير ذلك من مقاصدها وتوجيهاتها.
وأن نزولها- على الراجح- كان في الفترة التي أعقبت موت أبى طالب، والسيدة خديجة- رضى الله عنها.
وهي الفترة التي لقى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ما لقى من أذى المشركين وعنتهم، وطغيانهم .
والذي جعلنا نرجح أن نزولها كان في هذه الفترة، ما اشتملت عليه السورة الكريمة، من أدلة متنوعة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، ومن تسلية له صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه- كما سنرى ذلك عند تفسيرنا لآياتها، كذلك مما جعلنا نرجح أن نزولها كان في هذه الفترة، قول السيوطي في كتابه الإتقان: «ونزلت بمكة سورة الأعراف، ويونس، وهود، ويوسف، والرعد » .
وقد رجحنا عند تفسيرنا لسورة يونس، وهود، ويوسف- عليهم السلام- أن هذه السور قد نزلت في تلك الفترة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ونرجح هنا أن نزول سورة الرعد كان في تلك الفترة- أيضا- لمناسبة موضوعاتها لأحداث هذه الفترة.

تلخيص سورة الرعد

(ا) لقد افتتحت السورة الكريمة بالثناء على القرآن الكريم، وبالإشارة إلى إعجازه، ثم ساقت ألوانا من الأدلة على قدرة الله- تعالى- ووحدانيته وعظيم حكمته .
(ب) ثم حكت السورة بعد ذلك جانبا من أقوال المشركين في شأن البعث، وردت عليهم بما يكبتهم فقال- تعالى- وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ، أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ، وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
(ج) ثم بينت السورة الكريمة ما يدل على كمال علمه- تعالى- وعلى عظم سلطانه، وعلى حكمته في قضائه وقدره فقال- تعالى-: اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ.
وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ.
(د) ثم أمر- سبحانه- نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأل المشركين سؤال تهكم وتوبيخ عمن خلق السموات والأرض فقال- تعالى-: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ.
قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ، أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ، فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ، قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ.
(ه) ضربت السورة الكريمة مثلين للحق والباطل. وعقدت مقارنة بين مصير أتباع الحق، ومصير أتباع الباطل فقال- تعالى-: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى، إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ .
(و) ثم حكت السورة الكريمة بعض المطالب المتعنتة التي طلبها المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم وردت عليهم بما يمحق باطلهم، ويزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم فقال- تعالى-:وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ، أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ.
(ز) ثم حكت السورة الكريمة لونا آخر من غلوهم في كفرهم، ومن مقترحاتهم الفاسدة، حيث طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسير لهم بالقرآن جبال مكة ليتفسحوا في أرضها، ويفجر لهم فيها الأنهار والعيون ليزرعوها، ويحيى لهم الموتى ليخبروهم بصدقه .
(ح) ثم ختمت السورة الكريمة ببيان حسن عاقبة المتقين، وسوء عاقبة المكذبين، وبالثناء على القرآن الكريم، وبتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من أعدائه وبالشهادة له بالرسالة، وبتهديد المشركين بالعذاب الأليم، 

أهم الموضوعات التي تناولتها سورة الرعد

(ا) إقامة الأدلة المتنوعة على كمال قدرة الله- تعالى- وعظيم حكمته.
تارة عن طريق التأمل في هذا الكون وما فيه من سموات مرتفعة بغير عمد، وأرض صالحة للاستقرار عليها، وشمس وقمر وكواكب مسخرة لمنافع الناس، وجبال لتثبيت الأرض، وأنهار لسقى الزرع .
وتارة عن طريق الظواهر الكونية التي يرسلها- سبحانه- لعباده خوفا وطمعا، هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ.
وتارة عن طريق العطاء والمنع لمن يشاء من عباده: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ.
وتارة عن طريق المصائب والقوارع التي ينزلها- سبحانه- بالكافرين وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.
(ب) إثبات أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه، والرد على المشركين فيما طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم من مطالب متعنتة، ومن الآيات التي وردت في ذلك قوله- تعالى-:تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ، وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ.
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.
أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ.
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ.
وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ، قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ، إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ.
(ج) تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتسليته عما لحقه من أذى، وذلك لأن السورة الكريمة- كما سبق أن أشرنا- مكية، وأنها- على الراجح- قد نزلت في فترة اشتد فيها إعراض المشركين عن دعوة الحق وتكذيبهم لها، وتطاولهم على صاحبها صلى الله عليه وسلم ومطالبتهم له بالخوارق التي لا يؤيدها عقل سليم.
فنزلت السورة الكريمة لتثبت الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، ولتمزق أباطيل المشركين عن طريق حشود من الأدلة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه.
ومن الآيات التي وردت في ذلك قوله- تعالى-: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.
أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ، وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ.
وقوله- تعالى- وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ.
وقوله- تعالى- وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً، يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ، وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ، وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِهذه بعض الموضوعات التي نرى السورة الكريمة قد اهتمت بتفصيل الحديث عنها.
وهناك موضوعات أخرى يراها كل من تأمل آياتها بفكر سليم، وعقل قويم، وروح صافية .

نسأل الله- تعالى- أن يرزقنا فهم كتابه، والعمل بما فيه من آداب وأحكام، وهدايات .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قراءة سورة الرعد مكتوبة :

فضائل سور أخرى من القرآن الكريم :

سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

قم باختيار القارئ لتحميل سورة الرعد كاملة بجودة عالية


القرآن الكريم mp3 | السورة : الرعد - استماع و تحميل بصوت أربعين قارئ - الرواية : حفص عن عاصم & ورش عن نافع - نوع القراءة : ترتيل & تجويد


سورة الإخلاص  بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الإخلاص  بصوت ابراهيم الاخضر
ابراهيم الاخضر
سورة الإخلاص  بصوت بندر بليلة
بندر بليلة
سورة الإخلاص  بصوت خالد الجليل
خالد الجليل
سورة الإخلاص  بصوت حاتم فريد الواعر
حاتم فريد الواعر
سورة الإخلاص  بصوت حسن صالح
حسن صالح
سورة الإخلاص  بصوت خليفة الطنيجي
خليفة الطنيجي
سورة الإخلاص  بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الإخلاص  بصوت سعود الشريم
سعود الشريم
سورة الإخلاص  بصوت الشاطري
ابوبكر الشاطري
سورة الإخلاص  بصوت الشحات أنور
الشحات أنور
سورة الإخلاص  بصوت صلاح ابوخاطر
صلاح بوخاطر
سورة الإخلاص  بصوت عبد الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الإخلاص  بصوت عبد الرحمن العوسي
عبدالرحمن العوسي
سورة الإخلاص  بصوت عبد الرحمن السديس
عبدالرحمن السديس
سورة الإخلاص  بصوت عبد الرشيد صوفي
عبد الرشيد صوفي
سورة الإخلاص  بصوت عبد العزيز الزهراني
عبدالعزيز الزهراني
سورة الإخلاص  بصوت عبد الله بصفر
عبد الله بصفر
سورة الإخلاص  بصوت عبد الله عواد الجهني
عبد الله الجهني
سورة الإخلاص  بصوت عبد الله عواد الجهني
عبد الله كامل
سورة الإخلاص  بصوت علي الحذيفي
علي الحذيفي
سورة الإخلاص  بصوت علي جابر
علي جابر
سورة الإخلاص  بصوت عمر القزابري
عمر القزابري
سورة الإخلاص  بصوت العيون الكوشي
العيون الكوشي
سورة الإخلاص  بصوت غسان الشوربجي
غسان الشوربجي
سورة الإخلاص  بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الإخلاص  بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الإخلاص  بصوت محمد أيوب
محمد أيوب
سورة الإخلاص  بصوت محمد المحيسني
محمد المحيسني
سورة الإخلاص  بصوت محمد جبريل
محمد جبريل
سورة الإخلاص  بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الإخلاص  بصوت الحصري
الحصري
سورة الإخلاص  بصوت محمود البنا
محمود البنا
سورة الإخلاص  بصوت العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الإخلاص  بصوت مصطفى اسماعيل
مصطفى اسماعيل
سورة الإخلاص  بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الإخلاص  بصوت نورين صديق
نورين صديق
سورة الإخلاص  بصوت وديع اليمني
وديع اليمني
سورة الإخلاص  بصوت ياسر الدوسري
ياسر الدوسري
سورة الإخلاص  بصوت ياسين الجزائري
ياسين الجزائري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, April 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب