شرح حديث إن أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع غدا في الآخرة
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
أرشَدَنا النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ إلى كَيفيَّةِ التَّعامُلِ معَ المَلذَّاتِ بحِرصٍ، معَ التَّخلُّقِ بأخلاقِ الإسلامِ، والالْتزامِ بآدابِهِ، وفي الطَّعامِ والشَّرابِ أمَرَنا الشَّرْعُ بأنْ نَأخُذَ مِنهما ما يَكْفينا، ولا نُسرِفَ فيهما، كما في قَولِه تَعالَى:
{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا } [
الأعراف: 31 ].
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أهْلَ الشِّبَعِ-والمرادُ بهم: الَّذينَ يَتوسَّعونَ في المأْكَلِ، ويَجعَلونَه مِن عاداتِهِم في الدُّنْيا، ويَحرِصونَ على طلَبِه- يَكونُ جَزاؤُهم يَومَ القيامةِ وفي الآخِرةِ الجوعَ؛ إذ غالِبُ مَن تَوسَّعَ في المأْكَلِ أنْ يَدعُوَه إلى كلِّ ما لا يَنفَعُه في الآخِرةِ؛ فيُجازَى على ذلكَ بضِدِّ ما كان عليه في الدُّنْيا، والشِّبَعُ المذمومُ في الحَديثِ هو الَّذي يَنتُجُ عنه تَقصيرٌ في الطَّاعاتِ بدافعِ الكسَلِ؛ فيُؤخِّرُ صَلاتَه عن أوَّلِ وَقتِها، أو يَترُكُ صِيامَ النَّافِلةِ، وتَقِلُّ صَدقتُه، وقدْ أرشَدَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ إلى حُسْنِ القصْدِ في الأُمورِ كلِّها، كما جاء عندَ التِّرْمِذيِّ، مِن حَديثِ المِقْدامِ بنِ مَعْدي كِرَبَ، أنَّه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «
ما ملَأَ آدَميٌّ وِعاءً شَرًّا مِن بَطْنٍ، بِحسْبِ ابنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فإنْ كان لا مَحالةَ؛ فثُلُثٌ لطَعامِهِ، وثُلُثٌ لشَرابِهِ، وثُلُثٌ لِنَفَسِه».
وفي هذا صِحَّةُ الإنسانِ، وسَلامتُه مِنَ الآفاتِ، وهو ألَّا يَبلُغَ في طَعامِه إلى الشِّبَعِ المفرِطِ؛ حتَّى لا يَضيقَ به التَّنفُّسُ، فيُؤثِّرَ سَلْبًا في باقي الأعضاءِ والجسدِ مادِّيًّا ومعنَويًّا بتَثاقُلِه عنِ الطَّاعاتِ.
والحَديثُ ليسَ فيه مَنْعٌ مِنَ الشِّبَعِ في بعضِ المرَّاتِ؛ ولكنَّه إرشادٌ للأفضَلِ والأنفَعِ للبدَنِ والقلْبِ؛ ولأنَّه مِن الوسائلِ الَّتي تَحفَظُ على الإنسانِ صِحَّتَه ونَشاطَه.
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِنَ الشِّبَعِ المذمومِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم