شرح حديث أن رجلا قال يا رسول الله فيما أضرب يتيمي
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
اهتَمَّ الإسْلامُ باليَتامى، وأقرَّ لأوْليائِهم وأوْصيائِهم أنْ يُرَبُّوهم، ويُعلِّموهم، ويُؤدِّبوهم مِثلَ أوْلادِهم، ولا يَترُكوهم نَهبًا لسُوءِ الأخْلاقِ، وسُوءِ التَّدْبيرِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ
اللهِ رَضيَ
اللهُ عنهما أنَّ رَجلًا جاء إلى رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وسَألَه: ما الأمورُ والأحوالُ الَّتي يُصرَّحُ لي فيها أنْ أضرِبَ اليَتيمَ الَّذي أتوَلَّى أمْرَه لتَأْديبِه أو تَعْليمِه؟ فقال النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: «
ما كُنتُ ضارِبًا منه ولدَكَ»، والمَعْنى: أنَّه يُربِّي الوصيُّاليَتيمَ بمِثلِ ما يُربِّي وَلدَه؛ فإنْ كان ولا بُدَّ ضارِبًا، فليَكُنِ الضَّربُ في المَحلِّ الَّذي لوْ كان في هذا المَقامِ وَلدُه لَضرَبَه أيضًا.
فهذا نَهيٌ عنِ التَّعدِّي على اليَتيمِ في جَسدِه بالضَّربِ ونَحوِه، إلَّا بما أوْجَبَه له الشَّرعُ.
ثمَّ نَهاه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ التَّعدِّي على مالِ اليَتيمِ، بقَولِه: «
غَيْرَ واقٍ مالَكَ بمالِه»،
أي: تَستغِلُّ مالَ اليَتيمِ الَّذي تحْتَ يَدِكَ لتُنفِقَه، وتَحميَ مالَكَ مِن الضَّياعِ والنَّفَقةِ بمالِه بأنْ تَقضيَ حاجَتَكَ بمالِ اليَتيمِ دونَ مالِكَ، قال
اللهُ تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } [
النساء: 10 ]، «
ولا مُتأثِّلٍ منه»،
أي: غيْرَ جامِعٍ مالًا مِن مالِ اليَتيمِ، مِثلُ: أنْ يتَّخِذَ الوَليُّ مِن مالِ اليَتيمِ رأْسَ مالٍ، فيُتاجِرَ فيه لنَفْسِه دونَ اليَتيمِ، ويَجعَلَه رَأسَ مالٍ؛ ليَربَحَ به مَخافةَ أنْ يَبلُغَ، فيُنزَعَ مالُه مِن يَدِه، فإذا بلَغ أعْطاه رأسَ مالِه، وأخَذَ الرِّبحَ لنَفْسِه.
وقدْ أوجَبَ الشَّرعُ على مَن قامَ بالوِصايةِ على الأيْتامِ أنْ يُحسِنَ رِعايتَهم وتَربيَتَهم، وإذا كان لهم أمْوالٌ أنْ يُحسِنَ حِفظَها وتَنميَتَها، وأنْ يُؤدِّيَ زَكاتَها، وإنْ كان غَنيًّا فالأَوْلى له أنْ يَستَعفِفَ عن أمْوالِهم، وإنْ كان فَقيرًا أنْ يَأكُلَ بالمَعروفِ، كما قال تعالى:
{ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } [
النساء: 6 ]، وإنْ كان عامِلًا بأمْوالِهم أنْ يأخُذَ أُجرةَ المِثْلِ، هذه أحْكامُ الشَّرعِ، وهي غايةٌ في الحِكْمةِ والعَدْلِ.
وفي الحَديثِ: مَشْروعيَّةُ تَأديبِ اليَتيمِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن إهْلاكِ أمْوالِ اليَتامى بأيَّةِ صُورةٍ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم