حديث بل شيء قضي عليهم ومضى عليهم قال فقال أفلا يكون ظلما قال

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث عمران بن الحصين

«قالَ لي عِمْرَانُ بنُ الحُصَيْنِ: أَرَأَيْتَ ما يَعْمَلُ النَّاسُ اليومَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى عليهم مِن قَدَرِ ما سَبَقَ، أَوْ فِيما يُسْتَقْبَلُونَ به ممَّا أَتَاهُمْ به نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الحُجَّةُ عليهم؟ فَقُلتُ: بَلْ شَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى عليهم، قالَ: فَقالَ: أَفلا يَكونُ ظُلْمًا؟ قالَ: فَفَزِعْتُ مِن ذلكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلتُ: كُلُّ شَيءٍ خَلْقُ اللهِ وَمِلْكُ يَدِهِ، فلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَقالَ لِي: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إنِّي لَمْ أُرِدْ بما سَأَلْتُكَ إلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ، إنَّ رَجُلَيْنِ مِن مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَا: يا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ ما يَعْمَلُ النَّاسُ اليَومَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى فيهم مِن قَدَرٍ قدْ سَبَقَ، أَوْ فِيما يُسْتَقْبَلُونَ به ممَّا أَتَاهُمْ به نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الحُجَّةُ عليهم؟ فَقالَ: لَا، بَلْ شَيءٌ قُضِيَ عليهم وَمَضَى فيهم، وَتَصْدِيقُ ذلكَ في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (الشمس: 7 - 8).»

صحيح مسلم
عمران بن الحصين
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 2650 - أخرجه مسلم (2650)

شرح حديث قال لي عمران بن الحصين أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

قَدَّر اللهُ سُبحانه وتَعالَى مَقاديرَ كلِّ شَيءٍ، وكَتَب على ابنِ آدَمَ حَظَّه في الدُّنيا والآخرةِ قبْلَ أنْ يَخلُقَه، وهي كِتابةُ عِلمٍ وإحاطةٍ بما سيَكونُ، وليْست كِتابةَ جَبرٍ وإكراهٍ، وقدْ أمَرَ سُبحانه الخلْقَ بأنْ يَعمَلوا وَفْقَ شرائعِه، ويَسَّر الأمورَ لهم، وخُيِّروا بيْنَ الإيمانِ باللهِ فيَسْعَدوا، أو الكفرِ والعِصيانِ فيَشْقُوا.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ أبو الأسودِ الدِّيليُّ أنَّ الصَّحابيَّ عِمرانَ بنَ الحُصينِ رَضيَ اللهُ عنه سَأله يومًا وقال له: «أَرأيتَ ما يَعمَلُ النَّاسُ اليومَ ويَكدَحون فيه؟» والكَدْحُ هو: العملُ الشَّاقُّ والكسبُ المتعِبُ، والمعنى: هلْ عَلِمتَ حَقيقةَ ما يَسعَوْن في تَحصيلِه مِن الأعمالِ بجُهدٍ وكَدٍّ، هلْ هوَ بتَقديرٍ سابقٍ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ في الأَزلِ فنَفَذَت به مَشيئتُه ولا يُمكِنُ فيهِ التَّغيُّرُ والتَّبدُّلُ؟ أمْ هوَ شيءٌ لَم يُقدَّرْ في الأَزلِ، بلْ هي أفعالٌ صادرةٌ بقُدرةِ النَّاسِ ومَشيئتِهم ويَجري عَليهم كُلُّ فِعلٍ في الوَقتِ الَّذي يَستقبِلُون، وثَبَتتِ الحُجَّةُ عَليهم.
فأَجابَ أَبو الأَسودِ: «بل شَيءٌ قُضِيَ عليهِم ومَضى عَليهم» أي: قُدِّرَ عَليهِم ونَفَذَ في حَقِّهم؛ فإنَّ العَملَ الَّذي يَعمَلُه المرءُ اليومَ هوَ بتَقديرٍ سابقٍ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ في الأَزلِ مَكتوبٍ في اللَّوحِ المحفوظِ، ونَفَذَت به أقدارُ اللهِ وأحكامُه، ولا يُمكِنُ فيهِ التَّغيُّرُ والتَّبدُّلُ.
فقالَ له عِمرانُ: أَفلا يَكونُ ظُلمًا؟ أي: بأنْ يُؤاخَذَ المرءُ ويُعاقَبَ عَلى عَملٍ قُدِّرَ لَه في الأَزلِ؛ فهم مَجْبورون عليه، فكيْف يُعاقَبون عليه إذا كان ذلك مِن المعاصي، فعِقابُهم حينئذٍ على ذلك ظُلمٌ؟ ففَزِعَ أبو الأَسودِ مِن ذلكَ فَزعًا شَديدًا؛ لأنَّ القولَ بالجَبرِ لا يقولُ به إلَّا أصحابُ الأهواءِ لِيَستبِيحوا لأنفُسِهم المعاصيَ والشُّرورَ، وأجابَهُ أبو الأَسودِ: «كُلُّ شَيءٍ خَلْقُ اللهِ ومِلكُ يَدِه» أي: مَملوكٌ في قَبضتِه سُبحانه، فله التَّصرُّفُ في مِلكِه بما شاء مِن العقابِ والثَّوابِ؛ فَلا يُسأَلُ سُبحانه عَمَّا يَفعَلُ في خَلقِه، وهُم يُسأَلون عمَّا يَعمَلون؛ وهذا جَوابٌ حَسنٌ مِن أبي الأسودِ، ومُقْتضى جَوابِه: أنَّ الظُّلمَ لا يُتصوَّرُ مِن اللهِ تَعالَى؛ فإنَّ الكلَّ خَلقُه ومِلكُه، لا حَجْرَ عليه ولا حُكمَ، فلا يُتصوَّرُ في حَقِّه الظُّلمُ؛ لأنَّ الظُّلمَ التَّصرُّفُ في مِلك الغيرِ، وهُم مِلكُه.
فلمَّا سَمِع عِمرانُ بنُ حُصَينٍ رَضيَ اللهُ عنه هذا الجوابَ مِن أبي الأسودِ، تَحقَّقَ أنَّه قدْ وُفِّقَ للحقِّ وأصابَ عَينَ الصَّوابِ، فاستَحسَنَ ذلك منه وأخبَرَه أنَّه إنَّما امتَحَنَه بذلكَ السُّؤالِ ليَختبِرَ عَقْلَه، ولِيَستخرِجَ عِلمَه.
ثمَّ أخبَرَ عِمرانُ رَضيَ اللهُ عنه بحُجَّتِه على تَصويبِ جَوابِ أبي الأسودِ، فقال: «إنَّ رَجُلين مِن مُزينَةَ» وهيَ اسمُ قَبيلةٍ عربيَّةٍ، سَأَلا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمِثلِ السُّؤالِ الَّذي سَأله لأبي الأسودِ، فأَجابَهما صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا» أي: ليْس عَملُهم جَديدًا يَستأنِفون به ويُنشِؤونه، بلْ هو شَيءٌ «قُضِيَ عَليهم»، أي: قَدَّرَه اللهُ عَليهم، وتَصديقُ ذلكَ في كِتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [ الشمس: 7، 8 أي: كُلُّ نَفسٍ خَلَقَها اللهُ عزَّ وجلَّ سَوِيَّةً مُستقيمةً عَلى الفِطرةِ القَويمةِ، فبَيَّن اللهُ عزَّ وجلَّ لَها طَريقَ الخيرِ والتَّقوى؛ لتَعمَلَ به، وطَريقَ الشَّرِّ لتَجتنِبَها ولا تَعمَلَ بها، وهَداها إلى ما قَدَّر لَها في الأَزلِ.
وفي الحديثِ: ثُبوتُ قَدَرِ اللهِ السَّابقِ لِخَلْقِه، وهوَ عِلمُه بالأَشياءِ قبلَ كَونِها، وكِتابتُه لَها قَبلَ بَرْئِها.
وفيه: اختبارُ العالِمِ عُقولَ أصحابِه بمُشكلاتِ المسائلِ، والثَّناءُ عليهم إذا أصابُوا، وبيانُ العُذرِ عن ذلك.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمأدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كل شيء
صحيح مسلمأن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر
صحيح مسلمأن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد اشتكيت فقال
صحيح مسلمقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد فقال من
صحيح مسلمأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له فأفاء الله عليه
صحيح مسلمخرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا
صحيح مسلممر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت أمي أم سليم صوته فقالت
صحيح مسلمثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله كتب
صحيح مسلمنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيء من الدواب صبرا
صحيح مسلمصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Monday, November 25, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب