حديث ما تصنعون قالوا كنا نصنعه قال لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث رافع بن خديج

«قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ، يقولونَ: يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقالَ: ما تَصْنَعُونَ؟ قالوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قالَ: لَعَلَّكُمْ لو لَمْ تَفْعَلُوا كانَ خَيْرًا، فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ -أَوْ فَنَقَصَتْ- قالَ: فَذَكَرُوا ذلكَ له، فَقالَ: إنَّما أَنَا بَشَرٌ، إذَا أَمَرْتُكُمْ بشَيءٍ مِن دِينِكُمْ، فَخُذُوا به، وإذَا أَمَرْتُكُمْ بشَيءٍ مِن رَأْيِي، فإنَّما أَنَا بَشَرٌ. قالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هذا. قالَ المَعْقِرِيُّ: فَنَفَضَتْ، وَلَمْ يَشُكَّ.»

صحيح مسلم
رافع بن خديج
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 2362 -

شرح حديث قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل يقولون


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

مَرَرْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بقَوْمٍ علَى رُؤُوسِ النَّخْلِ، فَقالَ: ما يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ فَقالوا: يُلَقِّحُونَهُ؛ يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ في الأُنْثَى فيَلْقَحُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ما أَظُنُّ يُغْنِي ذلكَ شيئًا، قالَ: فَأُخْبِرُوا بذلكَ فَتَرَكُوهُ، فَأُخْبِرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بذلكَ، فَقالَ: إنْ كانَ يَنْفَعُهُمْ ذلكَ فَلْيَصْنَعُوهُ؛ فإنِّي إنَّما ظَنَنْتُ ظَنًّا، فلا تُؤَاخِذُونِي بالظَّنِّ، وَلَكِنْ إذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شيئًا، فَخُذُوا به؛ فإنِّي لَنْ أَكْذِبَ علَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
الراوي : طلحة بن عبيدالله | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2361 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَرًا يُوحَى إليه، فكان يَتكلَّمُ بما هو مِن الوحيِ ويُبيِّنُه للنَّاسِ، وكذلك كان يَتكلَّمُ مع النَّاسِ في أُمورِ الدُّنيا وما يَعلَمونه بالخبراتِ الحياتيَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه مرَّ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَومٍ وجماعةٍ مِن النَّاسِ، وهم عَلى «رُؤوسِ النَّخلِ»، أي: إنَّ على أعلى كُلِّ نَخلةٍ رَجلًا، فسَألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن سَببِ فِعلِهم ووُجودِهم في أعالي النَّخلِ، فأَجابوا: «يُلقِّحونَه؛ يَجعلونَ الذَّكَرَ في الأُنْثى فيَلقَحُ»، وفي رِوايةٍ عند مُسلمٍ: «يَأْبُرُونَ النَّخْلَ» ومَعناه أنَّهم يُشقِّقون طَلْعَ النَّخلِ الإناثِ -وهي الَّتي تُنتِجُ التَّمرَ- ويَضَعون فيه اللِّقاحَ المأخوذَ مِن طَلْعِ النَّخلِ الذَّكَرِ، ومِثلُ هذا يُسمَّى بالتَّلقيحِ اليدويِّ، وفِعلُهم هذا لِيَتأكَّدَ لهم إنتاجُ التَّمرِ على وَفرتِه وكَثرتِه الَّتي يَعْتادونها بمِثلِ تلك الطَّريقةِ مِن التَّلقيحِ.
فأخبَرَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يَظُنُّ أنَّ ذلك لا يُغني عنْ قَدْرِ اللهِ شيئًا إذا أَراد عَدمَ صَلاحِه، ولعلَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرادَ أنْ يُوجِّهَهم إلى التَّوكُّلِ على اللهِ في هذا الأمرِ، وهو التَّلقيحُ الطَّبيعيُّ بفِعلِ الرِّياحِ، وليْس هذا منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يُرشِدُهم إلى تَركِ الزَّرعِ وأسبابِ إنتاجِ الغِذاءِ بالكُلِّيَّةِ، ولعلَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأى أنَّ ذلك التَّلقيحَ إنَّما هو مَجهودٌ مُهدَرٌ في مِثلِ تلك المرحلةِ مِن مَراحلِ إنتاجِ التَّمرِ، كما في كَثيرٍ مِن الثِّمارِ والأشجارِ، وذِكرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للظَّنِّ في قولِه: «ما أَظُنُّ» ظاهرُه أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال ذلك مِن عِنده، وليْس بوَحيٍ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، ففَهِمَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أنَّ هذا أمرٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأُخْبِرَ النَّاسُ مِن أصحابِ النَّخلِ ومَن يُلقِّحون بقَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتَرَكوا التَّلقيحَ استجابةً لأمرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي رِوايةٍ عندَ مُسلمٍ: «فَتَرَكوه فنَفَضَت أو فنَقَصَت»، وفي رِوايةٍ أُخرى عندَ مُسلمٍ: «فخَرَجَ شَيصًا»، وهو التَّمرُ الرَّديءُ الَّذي لا يَكونُ فيه ما يُؤكلُ، وإنَّما يَكونُ قِشرةً ونَوًاة، والمعنى: أنَّهم لَمَّا تَرَكوا التَّلقيحَ اليدويَّ للنَّخلِ، جاء التَّمرُ رَديئًا كمًّا وكيفًا، فأُخبِرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلكَ، فَقال: «إنْ كانَ يَنفَعُهم ذلكَ فَلْيَصنَعوه» فرخَّصَ لهم في الرُّجوعِ إلى التَّلقيحِ اليدويِّ كما كانوا يَفعَلون، «فإنِّي إنَّما ظَننْتُ ظنًّا»، أي: رَأيتُ رَأيًا، وهذا تَأكيدٌ على أنَّ نَهْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم لم يُكْن بوَحيٍ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، «فَلا تُؤاخِذوني بالظَّنِّ»، بمعنى: أنَّ رأْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أُمورِ المعايشِ وظَنَّه كغَيرِه مِن النَّاسِ، وهذا اعتذارٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَخافةَ أنْ يَستزِلَّ الشَّيطانُ ضِعافَ العُقولِ، فيُكذِّبوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيَكفُروا، ثمَّ قال لهم: «ولكن إِذا حدَّثتُكم عنِ اللهِ شيئًا فخُذوا بِه؛ فإِنِّي لن أَكذِبَ على اللهِ عزَّ وجلَّ»، ولنْ أنْسُبَ إليه ما لم يَقُلْه ولم يَأمُرْني به، وفي مِثلِه لا يَحصُلُ اجتهادٌ الَّذي ربَّما يَأتي منه الخطأُ، فهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَعلمُ بأَمْرِ دِينِهم وأُخراهم مِنهُم، وفي رِوايةٍ عندَ مُسلمٍ قال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أنتُم أَعلمُ بأَمرِ دُنياكم»، يعني ممَّا لكم فيه تَجارِبُ وعِلمٌ.
وخُلاصةُ القولِ: أنَّ ما صَدَر مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّا يَتعلَّقُ بتَبليغِ الرِّسالةِ عن اللهِ تَعالَى، فهو وَحيٌ مَحضٌ لا شائبةَ فيه، وأمَّا ما يَصدُرُ عنه على سَبيلِ الظَّنِّ والتَّخمينِ -كما هو الواقعُ في هذا الحديثِ وأمثالِه- فإنَّه بشَرٌ كسائرِ البَشرِ، يُصِيبُ ويُخطِئُ.
وفي الحديثِ: بَيانُ الفَرقِ بينَ ما قالَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَعايشِ الدُّنيا عَلى سَبيلِ الرَّأيِ وبينَ ما قالَه شَرعًا وحدَّثَ به عن رَبِّ العزَّةِ عزَّ وجلَّ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمأن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون فقال لو لم تفعلوا
صحيح مسلمأن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع
صحيح مسلمكان نافع يقول ابن صياد قال قال ابن عمر لقيته مرتين قال فلقيته
صحيح مسلملولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون يغفر لهم
صحيح مسلمألا إنكم تحدثون أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتهتدوا
صحيح مسلمكنت واقفا مع أبي بن كعب فقال لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر
صحيح مسلملقيت عائشة فسألتها عن النبيذ فحدثتني أن وفد عبد القيس قدموا على النبي
صحيح مسلمدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء لا أدري
صحيح مسلملو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو
صحيح مسلمأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثا
صحيح مسلمرمي سعد بن معاذ في أكحله قال فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, July 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب