حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ سعيدٍ، عن أبيهِ، عن عائشةَ، أو أمِّ سلَمةَ -قال وَكيعٌ: شكَّ هو؛ يَعني عبدَ اللهِ بنَ سعيدٍ- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ لإحداهُما: لقد دَخَلَ علَيَّ البيتَ ملَكٌ لم يَدخُلْ علَيَّ قبْلَها، فقال لي: إنَّ ابنَكَ هذا حُسيْنٌ مقتولٌ، وإن شِئتَ أَريتُكَ مِن تُربةِ الأرضِ التي يُقتَلُ بها.
قال: فأَخرَجَ تُربةً حَمراءَ.
الراوي : عائشة وأم سلمة | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 26524 | خلاصة حكم المحدث : حسن بطرقه وشاهده
التخريج : أخرجه أحمد ( 26524 ) واللفظ له، وعبد بن حميد ( 1531 ) بنحوه.
كان الحُسينُ بنُ عليٍّ رضِيَ
اللهُ عنهما شَبيهًا بالنبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُحبُّه وأخاه الحَسَنَ رضِيَ
اللهُ عنهما، وقد ابْتُلِيَ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في أولادِه، وفي أحفادِه، وأعلَمَه
اللهُ بذلك بالوَحيِ، وفي هذا الحَديثِ جانبٌ من ذلك؛ ففيه بيانُ مَقتَلِ الحُسينِ رضِيَ
اللهُ عنه، حيث تَرْوي أمُّ سَلَمةَ هِندُ بنتُ أبي أُميَّةَ أو عائِشةُ رضِيَ
اللهُ عنهما: "أنَّ النبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قال لإحداهما: لقدْ دخَلَ عليَّ البيتَ مَلَكٌ لم يَدخُلْ علَيَّ قَبلَها"، ولعَلَّه مَلَكٌ مُكلَّفٌ مِن
اللهِ سُبحانَه بتَبليغِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه سلَّمَ بأمرٍ، وفي رِوايةِ أحمَدَ مِن حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ المَلَكَ هو ملَكُ القَطْرِ أو المَطَرِ، "فقال لي: إنَّ ابنَكَ هذا حُسينًا مَقتولٌ" فقدْ قَدَّرَ
اللهُ عزَّ وجلَّ له في الأزَلِ أنَّه سيَموتُ مَقتولًا، وأخبَرَ النبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك على وَجهِ الإجمالِ دونَ تَحديدٍ لمَوعدٍ أو وقتٍ، ثمَّ قال المَلَكُ: "وإنْ شِئْتَ أرَيْتُكَ مِن تُربةِ الأرضِ التي يُقتَلُ بها"، يَأتي للنبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بجُزءٍ مِنَ الأرضِ التي سيُقتَلُ بها الحُسينُ رضِيَ
اللهُ عنه، إنْ شاءَ ذلك، "قال: فأخرَجَ تُربةً حَمراءَ" لَونُها أحمَرُ، وهي أرضُ كَرْبَلاءَ في العِراقِ.
وقد وقَعَ ما أخبَرَ به النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقدْ خرَجَ الحُسينُ رضِيَ
اللهُ عنه على يَزيدَ بنِ مُعاويةَ، وذهَبَ إلى أهلِ الكُوفةِ بدَعوةٍ منهم، ولكنَّهم خَذَلوه فقَتَلَه جُنودُ يَزيدَ بنِ مُعاويةَ، واختُلِفَ في قَاتِلِهِ؛ فَقِيلَ: رَمَاهُ عَمرُو بنُ خالِدٍ الطُّهَويُّ بسَهمٍ في جَنبِه، وقيل: طَعَنَه سِنانٌ النَّخَعيُّ فصَرَعه، واحتَزَّ رأسَه خَوْليٌّ الأصْبَحيُّ.
وقيل: إنَّ الَّذي احتَزَّ رأسَه الشَّمِرُ بنُ ذي الجَوْشَنِ.
واختُلِف أيضًا في يَومِ وَفاتِه؛ فالمَشهورُ أنَّه قُتِل يَوْمَ عاشُوراءَ مِن سَنةِ إحْدى وسِتِّينَ.
وقيل: يَومَ السَّبتِ، وقيل: يَومَ الاثنَينِ، وقيل: كان قَبْلَه في آخِرِ سَنةِ سِتِّينَ، والأوَّلُ أصَحُّ و
اللهُ أعلَمُ، وكان ابنَ خَمسٍ وخَمسينَ وأشهُرٍ.
وقيلَ: ابنَ ثَمانٍ وخَمسينَ.
ولعلَّ الحِكمةَ في إخبارِ
اللهِ سُبحانَه للنبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك أنْ يَعلَمَ أنَّ البَلاءَ يقَعُ عليه وعلى ذُريَّتِه مِن بَعدِه فلا يَجزَعَ؛ ففي ذلك رَفعٌ لدَرَجاتِهم.
وكذلك لِيَعلَمَ الناسُ أنَّ الأمرَ مُقدَّرٌ، وسيَقَعُ ما قَدَّرَه
اللهُ لا مَحالةَ، فلا يُزايدُ أحدٌ على قَتلِه ولا يَتَّخِذُه ذَريعةً إلى فُرقةِ الأُمَّةِ واتِّهامِها كلِّها بالتَّقصيرِ في حِمايتِه رضِيَ
اللهُ عنه، والإمساكُ عن الخَوضِ في مَقتَلِه هو الأَوْلى، ونحن غيرُ راضينَ بما جَرى إلَّا أنَّ الخَوضَ في هذا الأمرِ مِن بعدِ فَوْتِه وذَهابِ زَمانِه، ومَوتِ فاعِلِه لا يُثيرُ إلَّا ما يَتعلَّقُ به جُهَّالُ هذا الزمانِ، ويَجِدونَه سُلَّمًا إلى سبِّ غيرِ الجاني، وتَعميمِ كُلٍّ بالأقوالِ التي ليست بجائزةٍ؛ فكان الإمساكُ عن ذلك هو الحقَّ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم