شرح حديث والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
واللهِ ما الدُّنيا في الآخِرةِ إلَّا كرَجلٍ وضَعَ إصبَعَه في اليَمِّ، ثُم رجَعَتْ إليه، فما أخَذَ منه؟ قال: وقال المُستَورِدُ: أشهَدُ أنِّي كُنْتُ مع الركْبِ الذين كانوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ مَرَّ بمَنزِلِ قومٍ قدِ ارْتَحَلوا عنه، فإذا سَخْلةٌ مَطروحةٌ، فقال: أترَوْنَ هذه هانَتْ على أهلِها حينَ ألقَوْها، قالوا: من هوانِها عليهم ألقَوْها، قال: فواللهِ لَلدُّنيا أهوَنُ على اللهِ من هذه على أهلِها.
الراوي : المستورد بن شداد | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 18021 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه الترمذي ( 2321 )، وابن ماجه ( 4111 )، وأحمد ( 18021 ) واللفظ له
كانَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ أصحابَه في كُلِّ المَواقِفِ ويَضرِبُ لهمُ الأمثالَ؛ لِيَكونَ أقرَبَ إلى أفهامِهم وعُقولِهم.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قَدْرَ الدُّنيا ومِقدارَها عِندَ
اللهِ،
وفيه يَقولُ المُستَورِدُ بنُ شَدَّادٍ رَضيَ
اللهُ عنه: "و
اللهِ" وهو قَسَمٌ مُشَدَّدٌ باسْمِ
اللهِ سُبحانَه على ما يلي وهو قولُه: "ما الدُّنيا في الآخِرةِ إلَّا كرَجُلٍ وَضَعَ إصبَعَه في اليَمِّ، ثم رَجَعتْ إليه، فما أخَذَ منه؟" والمُرادُ تَحقيرُ شَأنِ الدُّنيا بالمُقارَنةِ مع الآخِرةِ وأنَّها لا تُساوي شَيئًا؛ فالآخِرةُ بَحرٌ واسِعٌ لا يَعلَمُ سَعَتَه إلَّا
اللهُ، وقَدْرُ الدُّنيا مِثلُ قَدْرِ الماءِ الذي يَلصَقُ بأُصبُعِ الإنسانِ إذا أدخَلَهَ في هذا البَحرِ، والحَقيقةُ أنَّه لا يَلصَقُ بالإصبَعِ إلَّا ما يُبَلِّلُه، وهو حَقيرٌ وقَليلٌ جِدًّا، ولا يَنقُصُ مِنَ البَحرِ شَيئًا، قالَ المُستَورِدُ: "أشهَدُ أنِّي كُنتُ مع الرَّكبِ" وهم جَماعةٌ مِنَ الرُّكَّابِ المُسافِرينَ" الذين كانوا مع رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ مَرَّ بمَنزِلِ قَومٍ" وهو مَكانُ نُزولِهم وإقامَتِهم في سَفَرِهم "قدِ ارتَحَلوا عنه"،
أي: غادَروه بَعدَ أنِ ارتاحوا بَعضَ الوَقتِ "فإذا سَخلةٌ مَطروحةٌ" والسَّخلةُ هي مِن وَلَدِ الماعِزِ، وكانَتْ مُلقاةً مَيْتةً "فقالَ: أتَرَوْنَ هذه هانَتْ على أهلِها حين ألقَوْها" وهل كانَتْ عِندَهم لا تُمثِّلُ شَيئًا حين رَمَوْها؟ "قالوا: مِن هَوانِها عليهم ألقَوْها"، أيْ: إنَّ أصحابَها ما رَمَوْها ونَبَذوها إلَّا بَعدَما أصبَحَتْ لا تُمثِّلُ لهم شَيئًا، فقالَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "فو
اللهِ لَلدُّنيا أهوَنُ على
اللهِ"، أحقَرُ وأقَلُّ شَأنًا "مِن هذه على أهلِها"، يعني: بمِثلِ تلك السَّخلةِ المَيْتةِ عِندَ أصحابِها، وفي هذا إشارةٌ إلى التَّحذيرِ مِن أنْ يَستَغرِقَ المُسلِمُ في مَتاعِ الدُّنيا وشَهَواتِها؛ فقد خَلَقَ
اللهُ الدُّنيا ولم يَجعَلْ لها وَزنًا، وكانَتْ عِندَه هَيِّنةً، كما قالَ تَعالى:
{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [
آل عمران: 185 ].
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِنَ الانشِغالِ بالدُّنيا، والحَثُّ على اجتِنابِ المَلاهي والعَمَلِ فيها، بما يَنفَعُ في الآخِرةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم