شرح حديث سألت أبا سلمة أي القرآن أنزل أول فقال يا أيها المدثر فقلت
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
سَأَلْتُ أبَا سَلَمَةَ بنَ عبدِ الرَّحْمَنِ عن أوَّلِ ما نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، قالَ: { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ }، قُلتُ: يقولونَ: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }، فَقالَ أبو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما عن ذلكَ، وقُلتُ له مِثْلَ الذي قُلْتَ، فَقالَ جَابِرٌ: لا أُحَدِّثُكَ إلَّا ما حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ قالَ: جَاوَرْتُ بحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ عن يَمِينِي فَلَمْ أرَ شيئًا، ونَظَرْتُ عن شِمَالِي فَلَمْ أرَ شيئًا، ونَظَرْتُ أمَامِي فَلَمْ أرَ شيئًا، ونَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أرَ شيئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ شيئًا، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلتُ: دَثِّرُونِي وصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، قالَ: فَدَثَّرُونِي وصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، قالَ: فَنَزَلَتْ: { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ }.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4922 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
التخريج : أخرجه البخاري ( 4922 )، ومسلم ( 161 )
في هذا الحديثِ يُخبِرُ يَحْيى بنُ أبي كَثيرٍ أنَّه سأل أبا سَلَمةَ بنَ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ عن أوَّلِ ما نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، فقالَ:
{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ }، فذكر يَحيى بنُ أبي كَثيرٍ لأبي سَلَمةَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ أنَّهم يقولون: إنَّ أوَّلَ ما نزل من القرآنِ هو:
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }، فقالَ أبو سَلَمةَ: سَألْتُ جابِرَ بنَ عبدِ
اللهِ رضِيَ
اللهُ عنهما، وقلتُ له مِثلَ الَّذي قُلتَ، فأخْبَرَه جابِرٌ رضِيَ
اللهُ عنه أنه لا يُحدِّثه إلَّا ما حدَّثَهم به رَسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم؛ فأخبر أنَّ رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم أعْلَمَهم أنه جَاوَر واعتَكَف بحِراءَ -وهو جَبَلٌ على يَسارِ الذَّاهِبِ إلى مِنًى، وعلى بُعدِ ثَلاثةِ أميالٍ مِن مَكَّةَ- فلمَّا انتهى صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم من اعتِكافِه نزل صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم مِن الجَبلِ الَّذي فيه الغارُ، فسَمِعَ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم مناديًا ينادي عليه، قال: «
فنَظَرتُ عَن يَميني فلَم أرَ شَيئًا، ونَظرتُ أَمامي فلَم أرَ شَيئًا، ونظَرتُ خَلْفي فلَم أرَ شَيئًا، فرفَعتُ رَأسي فَرأيتُ شَيئًا»، وهو جبريلُ عليه السَّلامُ، وقدْ رآهُ جالسًا على كُرسيٍّ بيْن السَّماء والأرضِ، فرُعِبَ منه -كما في روايةٍ في الصَّحيحينِ-.
ثم أتى النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم خَديجةَ رضِيَ
اللهُ عنها فقال: «
دَثِّروني»،
أي: غَطُّوني «
وصُبُّوا عليَّ ماءً بارِدًا» فاستجابوا له وفعلوا الذي أمر به، قال: فنزلَت
{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ }.
واستنتج جابِرٌ رضِيَ
اللهُ عنه من ذلك أنَّ
{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } نزلت قبل الآياتِ الخَمْسِ مِن سُورةِ العَلَقِ باجتِهادِه وظَنِّه؛ فلا يُعارِض ما في الصَّحيحينِ: أن أوَّلَ ما نزَلَ مِن القرآنِ هو قولُ
اللهِ تعالَى:
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }؛ فهو أوَّلُ ما نَزَل مِن القرآنِ على الإطلاقِ، أو يُقالُ: إنَّ لفظَ «
أوَّل» مِن الأُمورِ النِّسبيَّةِ، فالمُدَّثِّر يَصدُقُ عليه أنَّه أوَّلُ ما نَزَل بالنِّسبَّةِ إلى ما نَزَل بَعدَه.
ويحتَمِلُ أن يكونَ مُرادُه بأوَّلِيَّةِ المدَّثِرِ أوَّلِيَّةً مخصوصةً بما بعد فترةِ الوَحيِ وانقطاعِه، أو مُقَيَّدةً بالإنذارِ لا أوَّلِيَّةً مُطلَقةً.
وفي الحَديثِ: بَيانُ سَببِ نُزولِ أوَّلِ سُورةِ المُدَّثِّرِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم