شرح حديث عن منبوذ عن أمه قالت كنت عند ميمونة فأتاها ابن عباس فقالت
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
دخلَ عليها [ أيْ ميمونةَ ] ابنُ عباسٍ فقالت مالَكَ شَعْثًا قال أمُّ عمارٍ مُرَجِّلَتِي حائضٌ فقالت أيْ بُنَيَّ وأينَ الحيضةُ من اليدِ لقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يدخلُ على إحدانا وهي مُتَّكِئَةٌ حائضٌ وقد عَلِمَ أنَّها حائضٌ فيِتَّكِئُ عليها فيتلو القرآنَ في حِجْرِهَا وتقومُ وهي حائضٌ فتَبْسُطُ لهُ الخُمْرَةَ في مُصَلَّاهُ فيُصلِّي عليها في بيتي أيْ بُنَيَّ وأينَ الحيضةُ من اليدِ
الراوي : ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين | المحدث : الألباني
| المصدر : إرواء الغليل
الصفحة أو الرقم: 1/213 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن في الشواهد
كانَتِ العرَبُ في الجاهليَّةِ تَستقذِرُ النِّساءَ أيَّامَ حَيضِهِنَّ، وتَنقُصُ مِن قَدْرِهنَّ؛ فجاء الإسلامُ فرفَعَ شأنَهُنَّ، وبَيَّنَ ما يَترتَّبُ على حَيضِهِنَّ مِن أحكامٍ، وسُهولةَ التَّعامُلِ معهُنَّ في أيَّامِ الحَيضِ.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ التابعيَّةُ أُمُّ مَنبوذِ بنِ أبي سُلَيمانَ "أنَّها بَيْنا هي جالِسةٌ عِندَ مَيمونةَ، زَوجِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ دَخَلَ عليها ابنُ عَبَّاسٍ" وهو عَبدُ
اللهِ بنُ عَبَّاسٍ، ومَيمونةُ خالَتُه رَضيَ
اللهُ عنهم جَميعًا، "فقالتْ: ما لكَ شَعِثًا؟" والشَّعتُ هو تَفرُّقُ شَعرِ الرَّأسِ وتَغَبُّرُه وعَدَمُ مُساواتِه وتَنظيفِه وتَسريحِه، فقال ابنُ عَبَّاسٍ رَضيَ
اللهُ عنهما: "أُمُّ عَمَّارٍ مُرَجِّلَتي حائِضٌ" والمُرَجِّلةُ هي الخادِمةُ التي تَعتَني بشَعرِه وتُنظِّفُه، "فقالت: أيْ بُنَيَّ" وهذا نِداءٌ لِلتَّودُّدِ والمَحبَّةِ "وأينَ الحَيضةُ مِنَ اليَدِ؟!" إنكارٌ منها على ما كان يَعتَقِدُه الرِّجالُ زَمَنَ الجاهليَّةِ، بمَعنى أنَّ الحَيضةَ ليسَتْ في اليَدِ؛ فاليَدُ ليسَتْ نَجِسةً، بل تُستَخدَمُ في العَمَلِ، ثم قالت مَيمونةُ: "لقد كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يَدخُلُ على إحدانا وهي مُتَّكِئةٌ" جالِسةٌ أو نائِمةٌ، "حائِضٌ" قد أصابَها الحَيضُ ونَزَلَ عليه الدَّمُ "وقد عَلِمَ" النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مِن حالِها "أنَّها حائِضٌ"، ومع ذلك "فيَتَّكئُ عليها" يَستنِدُ عليها وعلى ناحيَتِها "فيَتلو
القُرآنَ في حِجرِها"؛ لِأنَّ الحَيضَ لا يَمنَعُ الزَّوجَ مِن لَمْسِ ثِيابِ زَوجَتِه، ولا مِن قِراءةِ
القُرآنِ وهو مُلامِسٌ لِثَوبِها، والحِجرُ هو طَرَفُ الثَّوبِ، وقيل: ما بَينَ الإبْطِ إلى الكَشحِ، والكَشحُ ما بَينَ الخاصِرةِ والضُّلوعِ والوِشاحِ، "وتَقومُ وهي حائِضٌ فتَبسُطُ له الخُمرةَ" والخُمرةُ هيَ السَّجَّادةُ أوِ الفِراشُ الذي يَجلِسُ عليه، "في مُصلَّاه، فيُصلِّي عليها في بَيتي" في حُجرَتِها، ثم قالت مُستَنكِرةً مَرَّةً أُخرى: "أيْ بُنَيَّ، وأين الحَيضةُ مِنَ اليَدِ؟!" فالحَيضةُ لا عَلاقةَ لها باليَدِ، بلِ المَرأةُ الحائِضُ لها أنْ تَستَخدِمَ يَدَيْها في العَمَلِ ومُلامَسةِ الناسِ دونَ حَرَجٍ.
وقدِ استُدِلَّ بهذا الحَديثِ على أنَّ عَينَ الحائِضِ طاهِرةٌ، وأنَّ مُلاقاةَ بَدَنِ الطَّاهِرِ وثيابِه لا تُفسِدُ الصَّلاةَ، ولو كان مُتلبِّسًا بنَجاسةٍ حُكميَّةٍ، وإذا أصابَ ثَوبُ المُصلِّي المَرأةَ لا يَضرُّ ذلك صَلاتَه، ولو كانتِ المَرأةُ حائِضًا.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ بَسْطِ الحائِضِ الخُمرةَ لِلمُصلِّي.
وفيه: مَشروعيَّةُ وَضعِ الرَّجلِ رَأسَه في حِجرِ امرأتِه وإنْ كانت حائِضًا، وقِراءةِ
القُرآنِ وهو كذلك.
وفيه: مَشروعيَّةُ القِراءةِ مُتَّكئًا، أو مُضطَجِعًا على الحائِضِ، وبقُربِ مَحَلِّ النَّجاسةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم