شرح حديث ستجندون أجنادا جندا بالشام وجندا بالعراق وجندا باليمن قال عبد الله فقمت
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كُنَّا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فشكَوْنا إليه الفَقرَ والعُرْيَ وقِلَّةَ الشيءِ، فقال: أبشِروا، فواللهِ لأَنا وكثرةُ الشيءِ أخْوَفُ عليكم مِن قِلَّتِهِ، واللهِ لا يزالُ هذا الأمرُ فيكم حتى تُفتَحَ لكم أرضُ فارسَ والرومِ، وأرضُ حِمْيَرَ، وحتَّى تكونوا أجنادًا ثلاثةً: جُنْدٌ بالشَّامِ، وجُنْدٌ بالعِراقِ، وجُنْدٌ باليَمَنِ، وحتَّى يُعطى الرَّجُلُ المِئَةَ الدينارِ فيَسخَطُها، قال ابنُ حَوَالةَ: فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مَن يستطيعُ الشَّامَ وبها الرُّومُ ذَواتُ القُرونِ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللهِ لَيَستخلِفَنَّكُمُ اللهُ فيها حتى تَظَلَّ العِصابةُ منهمُ البِيضُ قُمُصُهمُ، المُحَلَّقَةُ أقْفاؤُهم، قيامًا على الرَّجُلِ الأسودِ منكمُ المحلوقِ، وإنَّ بها اليومَ رِجالًا لأنتم أحقَرُ في أعيُنِهم منَ القِرْدانِ في أعجازِ الإبِلِ، قال ابنُ حَوَالةَ: فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، خِرْ لي، إنْ أدرَكَني ذلك، قال: أَختارُ لكَ الشَّامَ، فإنَّها صَفْوةُ اللهِ من بلادِهِ، واللهُ يَجتَبي صَفْوتَهُ مِن عبادِهِ بأهلِ الإسلامِ، فعليكم بالشَّامِ، فإنَّ صَفْوةَ اللهِ منَ الأرضِ الشَّامُ، فمَن أبَى فيَسقيَ بغُدُرِ اليَمَنِ، فإنَّ اللهَ قدْ تكفَّل لي بالشَّامِ وأهلِهِ.
الراوي : عبدالله بن حوالة | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم: 1114 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
بِلادُ الشَّامِ لها فَضْلٌ كَبيرٌ؛ فهي مُهَاجَرُ الأنْبياءِ، ومَهْبِطُ الرِّسالاتِ السَّماوِيَّةِ، خَصَّها
اللهُ تَعالى بمَناقِبَ كَثيرةٍ، وشَرَّفَها بِفَضْلٍ عَظيمٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ
اللهِ بنُ حَوالةَ رضِيَ
اللهُ عنه: "كُنَّا عندَ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ"، نُقيمُ عِندَه، أو كُنَّا نَزورُه، "فشَكَوْنا إليه الفَقْرَ والعُرْيَ وقِلةَ الشيءِ"، وما أصابَهم منَ الجوعِ، وقِلةِ الثيابِ ونَحوِ ذلك، فقال النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "أبْشِروا، فو
اللهِ لأَنا وكثرةُ الشيءِ أخوَفُ عليكم من قِلَّتِه"، وفي الصحيحَيْنِ من حديثِ أبي عُبَيْدةَ بنِ الجرَّاحِ رضِيَ
اللهُ عنه: "فو
اللهِ ما الفَقرَ أخْشى عليكم، ولكِنِّي أخْشى أنْ تُبسَطَ عليكمُ الدُّنيا كما بُسِطَت على مَن كان قبلَكم، فتَنافَسوها كما تَنافَسوها، وتُهلِكُكم كما أهْلَكَتْهم"، والمَعنى: تَتَسابُقوا إلى تَحْصيلِها؛ فَتؤدِّي إلى هَلاكِكم بِهَلاِك دِينِكم، "و
اللهِ لا يَزالُ هذا الأمرُ فيكم"، الإسْلامُ وشِدَّتُه في نُفوسِ أصحابِه، "حتى تُفتَحَ لكم أرضُ فارسَ والرومِ"، وكانوا من أعظَمِ البلادِ المَوْجودةِ في هذا الزمَنِ، "وأرضُ حِمْيَرَ"، وهي أرضُ اليَمَنِ، وما بها من زُروعٍ وخَيْراتٍ، "وحتى تكونوا أجْنادًا ثلاثةً" ثلاثةَ جيوشٍ: "جندٌ بالشامِ"، يَكْونونَ في أرضِ الشَّامِ، والشامُ: تضُمُّ سُوريَّةَ والأُرْدُنَّ وفِلَسْطينَ ولُبنانَ، "وجُندٌ بالعِراقِ" في أرضِ عِرَاقِ العَرَبِ: وهي البَصْرَةُ والكُوفَةُ، أو عِرَاقُ العَجَمِ: وهي ما وَرَاءَهُما دُونَ خُرَاسَانَ، "وجُندٌ باليَمَنِ، وحتى يُعْطى الرجُلُ المِئةَ الدينارِ فيَسخَطُها" يَستَقِلُّها، ولا يَرْضى بها، وذلك من كَثرةِ المالِ، قال ابنُ حَوالةَ: "فقُلْتُ: يا رسولَ
اللهِ، مَن يَستَطيعُ الشامَ وبها الرومُ ذواتُ القُرونِ؟" وهذا بيانٌ لشدَّةِ بَأْسِها وقُوَّتِها، وكلَّما هلَكَ قَرنٌ خلفَها آخَرُ، فقال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: "و
اللهِ ليَستَخلِفَنَّكمُ
اللهُ فيها"، وَعدٌ منَ
اللهِ عزَّ وجلَّ، "حتى تَظَلَّ العِصابةُ منهم"، وهي الجَماعةُ منَ الناسِ، "البِيضُ قُمُصُهم" ملابِسُهم وقُمْصانُهم بَيْضاءُ نَظيفةٌ، "المُحَلَّقةُ أقْفاؤُهم" رُؤُوسُهم مَحْلوقةُ الشعْرِ منَ الخَلفِ، وهذه صِفَتُهم منَ الأُبَّهةِ والعَظَمةِ ولكنْ تتبَدَّلُ الأحْوالُ فيَظَلُّونَ "قيامًا على الرجُلِ الأسوَدِ منكم المُحلوقِ"، والمَعْنى: أنَّكم ستُصبِحونَ أسْيادًا عليهم حتى إنَّهم يَظَلُّونَ وُقوفًا خاضِعينَ للرجُلِ الأسوَدِ منكم، وهو أميرُهم، أو رئيسُهم، يَنتَظِرونَ ما يَأْمُرُهم به، فيَفْعَلونَه، "وإنَّ بها اليومَ رِجالًا لَأَنتم أحقَرُ في أعْيُنِهم منَ القِرْدانِ"، كالقُمَّلِ التي تكونُ في الإنْسانِ، "في أعْجازِ الإبِلِ" الذي يكونُ على مُؤَخِّرةِ الجمَلِ، قال ابنُ حَوالةَ: "فقُلْتُ: يا رسولَ
اللهِ، خِرْ لي، إنْ أَدْرَكَني ذلك"، بمَعنى اخْتَرْ لي أيَّ الجُنودِ ألتَحِقُ بها، إنْ ظهَرَ هذا الأَمْرُ وجاء ذلك الوقتُ وأنا حَيٌّ، قال: أختارُ لكَ الشامَ؛ فإنَّها صَفْوةُ
اللهِ من بِلادِه، و
اللهُ يَجْتَبي صَفْوَتَه من عِبادِه بأهلِ الإسْلامِ، فعليكم بالشامِ"، اذْهَبوا إلى الشَّامِ، "فإنَّ صَفْوةَ
اللهِ منَ الأرضِ الشامُ"، اخْتارَها
اللهُ وميَّزَها من جميعِ بِلادِه، "فمَن أَبَى" امْتَنَعَ عنِ التوَجُّهِ إلى الشامِ، "فيَسْقي بغُدُرِ اليَمَنِ" جَمْعُ غَدِيرٍ، وهو الذي يَبْقى بعدَ ذَهابِ السيْلِ، وبعدَ انْقِطاعِ المَطَرِ، وهو كِنايةٌ عنِ الأمرِ بالتوَجُّهِ إلى اليَمَنِ، "فإنَّ
اللهَ قد تكفَّلَ لي بالشامِ وأهلِه"، تَكَفَّلَ لأَجْلِي بِحِفْظِ الشَّامِ وأَهْلِها من بأْسِ الكَفَرةِ واسْتِيلائِهم عليها.
وفي الحديثِ: بَيانُ فَضْلِ الشَّامِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم