شرح حديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ للأرض أجر أو
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كانتِ الجاهِليَّةُ يَسودُ فيها أنواعٌ مِن المعامَلاتِ الَّتي تَمتلِئُ ظُلمًا وإجحافًا، فلمَّا جاء الإسلامُ أقرَّ البَيعَ العادلَ، ونهَى عن كلِّ ما فيه ظُلمٌ؛ فمَنَع ما فيه الغِشُّ والغرَرُ والجهالةُ لقَطْعِ النِّزاعِ والخُصومةِ بيْن النَّاسِ، وهذا مَقصِدٌ مِن المَقاصِدِ الشَّرعيَّةِ.
وقد كانَ النَّاسُ على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُؤَجِّرونَ أَرْضَهمُ المزْروعةَ بعُقودٍ؛ إمَّا أنْ يَكونَ فيها جَهالةٌ للأَجْرِ، أو إجْحافٌ لِحَقِّ المُستَأجِرِ؛ فنَهاهُمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنْ يُؤخَذَ للأرْضِ أجرٌ أو حَظٌّ؛ حتَّى يَمنَعَ أمثالَ هذه العُقودِ، والمرادُ بالأَجْرِ أو الحَظِّ: أنْ يكونَ الأجْرُ بيْن المالِكِ والمُستأجِرِ مِقدارًا مُحدَّدًا ابتداءً مِن الثِّمارِ الَّذي تُخرِجُهُ تِلكَ الأرضُ، وقدْ تُنبِتُ الأرضُ هذا القَدْرَ، وقدْ لا تُنبِتُه؛ فلا يَقدِرُ زارِعُها عَلى الوَفاءِ بعَقدِهِ؛ فنُهِي عن ذلِك حتَّى لا يَخدَعَ أحدُهما الآخَرَ، ولا يَأكُلَ مالَ أخيهِ بالباطِلِ.
أمَّا الإجارةُ بالذَّهبِ والفِضَّةِ والنَّقدِ، فلا بأسَ به؛ ففي الصَّحيحينِ -واللَّفظُ لمسلمٍ-، عن حَنْظلةَ بنِ قَيسٍ: «أنَّه سَأل رافعَ بنَ خَديجٍ عن كِراءِ الأرضِ، فقال: نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن كِراءِ الأرضِ، قال: فقلْتُ: أبالذَّهبِ والوَرِقِ؟ فقال: أمَّا بالذَّهبِ والوَرِقِ فلا بأسَ به»، وفي الصَّحيحينِ أيضًا، عن ابنِ عمَرَ رَضِي اللهُ عنهما، قال: «عامَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم خَيبَرَ بشَطرِ ما يَخرُجُ منها مِن ثمَرٍ أو زرْعٍ».
وعليه فإنَّ للمالكِ أنْ يُؤجِّرَها بنِسبةٍ شائعةٍ ممَّا يُزرَعُ فيها، كالرُّبعِ والثُّلثِ مِن إنتاجِها.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم