حديث بعنيه ولك ظهره إلى المدينة فلما دنونا استأذنت قلت يا رسول الله

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث جابر بن عبدالله

«أُصِيبَ عبدُ اللَّهِ، وتَرَكَ عِيَالًا ودَيْنًا، فَطَلَبْتُ إلى أصْحَابِ الدَّيْنِ أنْ يَضَعُوا بَعْضًا مِن دَيْنِهِ فأبَوْا، فأتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَشْفَعْتُ به عليهم، فأبَوْا، فَقالَ: صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شيءٍ منه علَى حِدَتِهِ، عِذْقَ ابْنِ زَيْدٍ علَى حِدَةٍ، واللِّينَ علَى حِدَةٍ، والعَجْوَةَ علَى حِدَةٍ، ثُمَّ أحْضِرْهُمْ حتَّى آتِيَكَ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ جَاءَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَعَدَ عليه، وكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حتَّى اسْتَوْفَى، وبَقِيَ التَّمْرُ كما هُوَ، كَأنَّهُ لَمْ يُمَسَّ 2406- وغَزَوْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى نَاضِحٍ لَنَا، فأزْحَفَ الجَمَلُ، فَتَخَلَّفَ عَلَيَّ، فَوَكَزَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن خَلْفِهِ، قالَ: بعْنِيهِ ولَكَ ظَهْرُهُ إلى المَدِينَةِ، فَلَمَّا دَنَوْنَا اسْتَأْذَنْتُ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي حَديثُ عَهْدٍ بعُرْسٍ، قالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَما تَزَوَّجْتَ: بكْرًا أمْ ثَيِّبًا، قُلتُ: ثَيِّبًا، أُصِيبَ عبدُ اللَّهِ، وتَرَكَ جَوَارِيَ صِغَارًا، فَتَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا تُعَلِّمُهُنَّ وتُؤَدِّبُهُنَّ، ثُمَّ قالَ: ائْتِ أهْلَكَ، فَقَدِمْتُ، فأخْبَرْتُ خَالِي ببَيْعِ الجَمَلِ، فلامَنِي، فأخْبَرْتُهُ بإعْيَاءِ الجَمَلِ، وبِالَّذِي كانَ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ووَكْزِهِ إيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَدَوْتُ إلَيْهِ بالجَمَلِ، فأعْطَانِي ثَمَنَ الجَمَلِ والجَمَلَ، وسَهْمِي مع القَوْمِ.»

صحيح البخاري
جابر بن عبدالله
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 2405 - أخرجه البخاري (2405، 2406)

شرح حديث أصيب عبد الله وترك عيالا ودينا فطلبت إلى أصحاب الدين أن يضعوا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

المسلمُ عليه أنْ يَسعَى في حاجةِ أَخيهِ المُسلمِ، خاصَّةً لِمَنْ صرَّحَ بطَلَبِ العَونِ، ويَبقى معَهُ حتَّى تَنتهِيَ حاجَتُه.

وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصارِيُّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أباهُ عبْدَ اللهِ بنَ حَرامٍ رَضيَ اللهُ عنه أُصِيبَ، يعني: استُشهِدَ في غَزوةِ أُحُدٍ في العامِ الثَّالثِ مِن الهِجرةِ، وتَرَك عِيالًا، وهمْ سَبْعُ بَناتٍ أو تِسعٍ، وتَرَكَ دَيْنًا، فطَلَب جَابِرٌ رَضيَ اللهُ عنه مِن أصحابِ الدَّينِ أنْ يَترُكوا بَعضًا مِن دَيْنِه؛ كي يَستطيعَ الوفاءَ لهم بالباقي، فأبَوْا إلَّا أنْ يَأخُذوا حَقَّهم كاملًا، فأتَى جابِرٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَشْفَعَ له عندَ أصحابِ الدَّينِ في أنْ يَضَعوا بَعضَ الدَّينِ عنه؛ كي يَستطيعَ الوَفاءَ به، فأبَوْا شَفاعةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لجابرٍ رَضيَ اللهُ عنه ولمْ يَسْتَجيبوا لطَلَبِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
فطَلَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن جابِرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَذهَبَ إلى حَديقتِهِ ويُصنِّفَ تَمْرَهُ أَصنافًا، ويُمَيِّزَ بَعْضَها عَن بَعضٍ، ويَجعَلَ كلَّ صِنْفٍ في كَومةٍ، فيَجعَلَ «عِذْقَ ابنِ زَيْدٍ على حِدَةٍ» وهو نَوعٌ مِن التَّمرِ، وهو عَلَمٌ على شَخصٍ نُسِب إليه هذا النَّوعُ مِن التَّمرِ، ويَجعَلَ «اللِّينَ على حِدَةٍ» وهو نَوعٌ آخَرُ مِن التَّمرِ، وقيل: هو التَّمرُ الرَّديءُ، ويَجعَلَ «العَجْوَةَ على حِدَةٍ» وهي مِن أفضَلِ أنواعِ التَّمرِ.
ففَعَلَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه، ثُمَّ أحضَرَ الدَّائنينَ، كما أمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ جاء صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجلَسَ على التَّمرِ، وقيلَ: في وَسَطِهِ، وكَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لكلِّ رجُلٍ حتَّى استَوفَى كامِلَ دَينِه، وبَقيَ التَّمرُ كما هو كأنَّه لم يُمَسَّ، وهذا لأجْلِ بَرَكَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ودَلالةٌ مِن دَلائلِ نُبوَّتهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَشروعيَّةُ طَلَبِ تَخفيفِ الدُّيونِ إذا أثْقَلَ الدَّينُ صاحبَه، ولكنْ دُونَ إلزامٍ للدَّائنِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه غَزا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان راكبًا على ناضِحٍ لهم -وهو نَوعٌ مِن الإبِلِ يُسْقَى عليه- وكان ذلك أثناءَ رُجوعِهم إلى المدينةِ، كما في رِوايةِ الصَّحيحينِ، «فأَزْحَفَ الجَمَلُ»، أي: تَعِبَ وأَعْيَا حتَّى كأنَّه زحَفَ وجَرَّ طَرَفَ خُفِّه على الأرضِ مِن الإعياءِ، فتَأخَّر جابِرٌ رَضيَ اللهُ عنه عن الرَّكبِ بسَببِ ذلك، فأتَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن خَلْفِه «فوَكَزَه»، أي: ضَرَبه بالعَصَا يَزجُرُه ويَحُثُّه على السَّيرِ، وفي الصَّحيحينِ: أنَّ الجَمَلَ أسْرَعَ مِن المَوضِعِ الَّذي ضَرَبه وزَجَره فيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأصْبَحَ في أوَّلِ الرَّكْبِ بعْدَ أنْ كان في آخِرِهم، وذلك ببَرَكةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
فطَلَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن جابرٍ شِراءَ هذا الجَمَلِ الَّذي يَحْمِلُه، وفي رِوايةِ الصَّحيحينِ قال جابرٌ: «بَلْ هو لكَ يا رَسولَ اللهِ» مِن غَيرِ بَيعٍ، فلمْ يَقبَلْهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منه إلَّا بَيعًا، فاشْتَراه منه بأرْبعةِ دَنانيرَ على أنْ يَبْقَى راكبًا عليه ومُنتفِعًا به إلى أنْ يَأتيَ المدينةَ فيَقْبِضَه منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ثمَّ أخبَرَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم لمَّا اقتَرَبوا مِن المدينةِ، استَأذَنَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أنْ يَلحَقَ بأهْلِه؛ لأنَّه حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرسٍ، وفي هذا بَيانٌ لفَضْلِ جابِرٍ، حيثُ خَرَج مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للجِهادِ وهو عَرُوسٌ.
فسَأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن زَوجِه: بِكْرًا أمْ ثيِّبًا؟ فبَدَأ بالبِكْرِ إشارةً إلى تَفضيلِ نِكاحِ البِكرِ على نِكاحِ الثَّيِّبِ.
والبِكرُ هي الَّتي لم يَسبِقْ لها الزَّواجُ، والثَّيِّبُ هي الَّتي تَزوَّجَت مِن قبْلُ.
فذَكَرَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه تَزوَّجَ ثَيِّبًا، وهي سُهَيلةُ بنتُ مَسْعودٍ الأوْسِيَّةُ رَضيَ اللهُ عنها؛ وذلك لأنَّ خِبْرةَ الثَّيِّبِ في الحَياةِ ومُراعاةِ الأبناءِ أكثرُ مِن البِكْرِ، وقدْ بيَّن جابِرٌ العِلَّةَ مِن ذلك بأنَّ والدَه عبدَ اللهِ بنَ حَرامٍ رَضيَ اللهُ عنه استُشْهِدَ وترَكَ بَناتٍ صِغارًا، وكنَّ سَبْعَ بَناتٍ أو تِسعَ بَناتٍ، فأخبَرَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تَزوَّجَ ثَيِّبًا تُعلِّمُهنَّ وتُؤدِّبُهنَّ.
فعِندَ تَزاحُمِ المَصالحِ لا بُدَّ مِن تَقديمِ الأهَمِّ، وهنا فضَّل جابِرٌ مَصلحةَ أَخَواتِه البَناتِ على حَظِّ نفْسِه، وقدْ صَوَّب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك ودَعَا له بالخيرِ، كما في الصَّحيحينِ، ثُمَّ قال له: «ائْتِ أهلَك»، أي: زَوجتَك، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ ذَكَرَ جابرٌ لخالِه -قيل: اسمُه ثَعْلبةُ بنُ غَنَمةَ بنِ عَديِّ بنِ سِنانٍ الأنصاريُّ الخَزْرجيُّ، أو عمْرُو بنُ غَنَمةَ- أنَّه قد باعَ جَمَلَه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلامَهُ خالُه على ذلك، يَحتمِلُ أنْ يكونَ لَومُه لكونِه مُحتاجًا إليه، أو لكَونِه باعَهُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم يُعْطِه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على سَبيلِ الهِبةِ.
قال جابرٌ: فأخْبَرْتُ خالي بإعياءِ الجَمَلِ، وبالَّذِي كان مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وزَجْرِه الجمَلَ.
فلمَّا قَدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ ذهَبَ إليه جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه بالجمَلِ في أوَّلِ النَّهارِ، فأعطاهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَمَنَ الجَمَلِ، وأعطاهُ الجَمَلَ هِبةً منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأعطاهُ نَصيبَه وسَهْمَه مِن الغَنيمةِ مع القومِ.
وهذا مِن جَميلِ جُودِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكَرَمِه وسَخائِه مع أصحابِه رِضوَان اللهِ عليهم.
وفي الحديثِ: بَيانُ لِجانبٍ مِن تَواضُعِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وحُسنِ عِشرتِه لأصحابِه، وتَفقُّدِه لأحوالِهم، ورِعايتِه لمَصالحِهم.
وفيه: خِدمةُ المرأةِ لأهلِ زَوجِها، ورِعايتُها لأَخواتِه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريإن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
صحيح البخاريأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن
صحيح البخاريبعث النبي صلى الله عليه وسلم أقواما من بني سليم إلى بني عامر
صحيح البخاريلقد أتاني اليوم رجل فسألني عن أمر ما دريت ما أرد عليه فقال
صحيح البخاريقام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره قال
صحيح البخاريلما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال يا بني إنه
صحيح البخاريكنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه
صحيح البخاريكنت جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس فحدثهما بجالة سنة سبعين
صحيح البخاريأتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من
صحيح البخاريأرسلني أسامة إلى علي وقال إنه سيسألك الآن فيقول ما خلف صاحبك فقل
صحيح البخاريعن حذيفة بن اليمان قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي
صحيح البخاريإنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فإنما


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب