حديث حصن كان لدوس في الجاهلية فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث جابر بن عبدالله

«أنَّ الطُّفَيْلَ بنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ أتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، هلْ لكَ في حِصْنٍ حَصِينٍ ومَنْعَةٍ؟ قالَ: حِصْنٌ كانَ لِدَوْسٍ في الجاهِلِيَّةِ، فأبَى ذلكَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِلَّذِي ذَخَرَ اللَّهُ لِلأَنْصارِ، فَلَمَّا هاجَرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى المَدِينَةِ، هاجَرَ إلَيْهِ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو وهاجَرَ معهُ رَجُلٌ مِن قَوْمِهِ، فاجْتَوَوُا المَدِينَةَ، فَمَرِضَ، فَجَزِعَ، فأخَذَ مَشاقِصَ له، فَقَطَعَ بها بَراجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَداهُ حتَّى ماتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍو في مَنامِهِ، فَرَآهُ وهَيْئَتُهُ حَسَنَةٌ، ورَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ، فقالَ له: ما صَنَعَ بكَ رَبُّكَ؟ فقالَ: غَفَرَ لي بهِجْرَتي إلى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما لي أراكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قالَ: قيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ ما أفْسَدْتَ، فَقَصَّها الطُّفَيْلُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ ولِيَدَيْهِ فاغْفِرْ.»

صحيح مسلم
جابر بن عبدالله
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 116 -

شرح حديث أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كانت دَعوةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الإسلامِ في مُحيطٍ كلُّه كُفرٌ وشِركٌ، وكانَ الدُّخولُ في دينِ الإسلامِ أمرًا شَديدًا، ثُمَّ كانتِ الهجرةُ إلى المدينةِ اختبارًا صَعبًا يُضافُ إلى شِدَّةِ الدُّخولِ في الإسلامِ؛ ففيها تَركُ الأوطانِ والأموالِ، ومُفارَقةُ الأهلِ؛ ولذلك كانَ جَزاءُ الهجرةِ عَظيمًا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الطُّفيلَ بنَ عَمرٍو رَضي اللهُ عنه -وكانَ من وُجَهاءِ قومِه فأسلَمَ- جاءَ من وطنِه باليَمنِ إلى مكَّةَ، وعرَضَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قبْلَ هِجرتِه إلى المدينةِ أن يُهاجِرَ إلى قَبيلةِ دَوسٍ التي باليَمنِ، فقالَ: «يا رسولَ اللهِ، هلْ لك في حِصنٍ حَصينٍ ومَنْعةٍ؟» أي: هل تَرغَبُ في الهِجرة إلى حِصنٍ قَويٍّ، وفيه مَوانِعُ وحِمايةٌ منَ الأعداءِ؟ وهو حِصنٌ كانَ لقَبيلةِ دَوسٍ في الجاهليَّةِ، فرَفَضَ ذلك النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وجَعَله ذُخرًا للأنصارِ، أي: أرادَ اللهُ تَعالَى أن يُكرِمَ الأنصارَ بهِجرتِه إليهم، وكَتَبَ لهُم ذلك، فلم يَشرَحْ صَدرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للهِجرةِ إلى غيرِهم، ولم يأذَن له بذلك.
ثُمَّ لمَّا هاجَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المدينةِ هاجَرَ إليه الطُّفيلُ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنه في عُمرةِ القضيَّةِ في السَّنةِ السَّابِعةِ منَ الهِجرةِ، وقيلَ: قَدِمَ مع أبي هُرَيرةَ في خَيبرَ، وهاجَرَ معه رَجلٌ من قَومِه، واستقرَّ بهِمُ المُقامُ في المدينةِ، ولم يُناسِب جَوُّها أبدانَهم، فكَرِهوا الإقامةَ في المدينةِ، فمَرِضَ الرَّجلُ الذي كانَ مع الطُّفيلِ، فأصابَه الخوفُ والاضطرابُ، فلم يُطِق صبرًا على مرضِه، فأخَذَ هذا الرَّجلُ حَديدةَ السَّهمِ الطَّويلةَ -وهي عَريضةٌ حادَّةٌ كالسِّكِّينِ- فقطَعَ عُقَدَ أصابِعِه قاصِدًا قتْلَ نفسِه؛ لعدمِ صبرِه على آلامِ مرضِه، فسالَت يداه دمًا حتى ماتَ.
فرآه الطُّفيلُ بنُ عَمرٍو في مَنامِه وهَيئتُه حسنةٌ، ورآه مُغطِّيًا يَدَيه، فتَعجَّبَ من حُسنِ هيئتِه، فقالَ له: ما صنَعَ بك ربُّك؟ فقالَ: غَفَرَ لي بهِجرتي إلى نَبيِّه، وهذا يَدلُّ على حُسنِ الجزاءِ منَ اللهِ على الهجرةِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّ اللهَ أكرَمَ هذا الرَّجلَ وغَفَرَ له ذنبَه، فسألَه الطُّفيلُ عن تَغطيةِ يدِه، فقالَ: «قيلَ لي: لن نُصلِحَ منك ما أَفسَدتَ»؛ أي: لن نُصلِحَ يَدَيك اللَّتينِ قطَعتَهما عندَ فَزَعِك وعدَمِ صَبرِك، فقَصَّ الطُّفيلُ رَضيَ اللهُ عنه الرُّؤيا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فعَلِمَ منه أنَّها حقٌّ، فدَعا له وقالَ: «اللهمَّ وَلِيَدَيه فاغْفِرْ» ما فَعَلَتاهُ، فدَعَا ربَّه أن تَشملَ المَغفرةُ والرَّحمةُ اليَدَينِ، كما شَمِلت باقيَ الجَسدِ، قيلَ: الظَّاهرُ أنَّ هذا الرَّجلَ أدركَته بَركةُ دَعوةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فغُفِرَ له، وليَدَيه، وكَمَلَ له ما بَقيَ منَ المَغفرةِ عليه.
وفي الحديثِ: بَيانُ عَظيمِ أجرِ الهِجرةِ إلى اللهِ تَعالَى ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: بَيانُ أنَّ اللهَ يَغفِرُ لِمَن يَشاءُ مِنَ المؤمِنين.
وفيه: بيانُ كمالِ شَفَقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمُؤمِنينَ؛ فقد دعا اللهَ أن يُتِمَّ نِعمتَه على عَبدِه بأن يَغفرَ له ما اقتَرَفَت يداهُ.
وفيه: مَنقَبةٌ عَظيمةٌ، وفضلٌ كَبيرٌ للطُّفيلِ بنِ عمرٍو في حِرصِه على سَلامةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورَغبتِه في حِمايتِه والتَّشرُّفِ به في ديارِه.
وفيه: فضلٌ ومَنقَبةٌ للأنصارِ رَضيَ اللهُ عنهم.
وفيه: أنَّ قاتِلَ نفسِه لا يَكفُرُ إلَّا إذا كانَ مُستحِلًّا ذلك.
وفيه: إثباتُ عُقوبةِ بعضِ أصحابِ المَعاصي.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمأن حفصة بكت على عمر فقال مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول
صحيح البخاريالميت يعذب في قبره بما نيح عليه وفي رواية الميت يعذب ببكاء الحي
صحيح مسلمليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثلاثا وإياكم وهيشات الأسواق
صحيح مسلمأتموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري
صحيح مسلمالدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده
صحيح مسلمعرض علي الأنبياء فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ورأيت
صحيح مسلمأم قومك قال قلت يا رسول الله إني أجد في نفسي شيئا قال
صحيح مسلماللهم لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد
صحيح مسلمأطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر
صحيح مسلمكان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن
صحيح مسلمأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, July 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب